(535)
(339)
(364)
خطبة الجمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في جامع الإيمان، بحارة الإيمان، عيديد، مدينة تريم، 11 ربيع الثاني 1447هـ بعنوان:
الدوافع والبواعث وواجب المؤمن ومهمته فيها
يؤكد في الخطبة على أهمية المحافظة على البواعث التي تدفع الإنسان للعمل الصالح والتقوى، محذراً من التساهل في دوافع الشر والمعصية أن تتسلل إلى القلب، ويبين أن أعمال الأفراد لها أثر على صلاح أو فساد المجتمعات والأمم، داعياً إلى تقوية دوافع الخير بالإصغاء لكلام الله ورسوله، ومؤكداً على مسؤولية الآباء في غرس هذه الدوافع الصالحة في نفوس أبنائهم..

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، الحمد لله السميع البصير، الواحد الأحد، الفرد الحي القيوم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جامع الأولين والآخرين ليوم الميقات المعلوم.
وأشهد أن سيدنا ونبينا وقرة أعيننا ونور قلوبنا محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه التقي النقي الطاهر السيد المعصوم.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وكرِّم على عبدك الهادي إليك والدالِّ عليك سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن سار في ولائه ومحبته ودربه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، سادات أهل معرفة الله ومحبته وقربه، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقربين، وعلى جميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد،،،
عباد الله، فإني أوصيكم وإياي بتقوى الله. فاتقوا الله، اتقوا الله عباد الله، وأحسنوا يرحمكم الله، (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
اتقوا الله في السماح للدوافع والبواعث إلى الأمور من بواطنكم، فإن كلّ ميسرٌ لما خُلق له.
وإن الله خلق الجنة وخلق لها أهلًا، فهم بعمل أهل الجنة يعملون، وإن الله خلق النار وخلق لها أهلًا، فهم بعمل أهل النار يعملون.
أيها المؤمنون بالله، يجب المحافظة على الدوافع والبواعث والمُحركات والمُنشطات للعمل الصالح والتقوى، وأعمال أهل الجنة المتنوعة في الطاعات والقُرُبات التي تصلح وتقوم بها الأسرُ والمجتمعات، ويقوم عليها صلاح الدول والأمة.
أيها المؤمنون بالله، التساهل من الفرد في انبعاثاته لعمل، لترك فريضة أو لفعل مُحرَّم أو لإهمال واجب أو للمعاونة على إثم، خيانةٌ من ذلك الفرد تتعلق إلى الشر والسوء في الأسرة، ثم في المجتمع، ثم في الدول والعالم.
أيها المؤمنون، إن أعمال الأفراد لها اعتبار عند الإله الذي خلق وإليه المعاد جل جلاله وتعالى في عُلاه.
وبذنب الفاسق تَهلك المدينة وتُحرق المدينة، وبذنب الفاسق تهلك الطائفة والأمة، وبالأعمال الصالحة تُزال البلايا والآفات والشرور وأنواع المشؤوم والمحذور.
أيها المؤمنون بالله، أقيموا صِدقكم في الإقبال عليه بالاندفاع نحو ما يحب من كل قول تقولونه، وكل نظر تنظرونه، وكل ما تسمعونه، وكل ما تتكلمون به وتَنوونه، وبكل ما تتحرك فيه جوارحكم.
اتقوا خالقكم ﷻ واصرفوها في مرضاته وفيما أحب لكم، واتركوا الخيانة في صرف نعمة بها أنعم عليك إلى معصيته ومخالفة شريعته، والخروج عن منهاج نبيه أو الوقوع في مساعدة أعدائه ومخالفي دينه وشريعته.
أيها المؤمن، كما نتيقن أن الأمر ليس بأُنُفٍ ولكنه ما قُضي في الأزل، فإننا كذلك نتيقن أن الذي قضى الأمور في الأزل ﷻ رتَّب السعادة والشقاوة على نيات وأعمال تبرز من هؤلاء المكلفين على ظهر الأرض.
وأن مساحة الاختيار لهم هي مساحة التكليف، وهي مساحة المؤاخذة، ومساحة رفعة الدرجات والنزول إلى الدرك في شؤون العذاب والمخالفات.
هذه المساحة التي جعل الحق الخلاق لنا فيها اختيارًا، وجعل لنا فيها سمعًا وأبصارًا وقدرةً وإرادة، هي محل التكليف ومحل التشريف، هي محل الرفعة ومحل الخفض لهؤلاء البشر. "اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له" .
أيها المؤمنون بالله جل جلاله وتعالى في علاه، يجب أن نتقي مولانا في المحافظة على الدوافع التي تدفعنا لتقواه ولطلب رضاه بجميع ما ننوي ونعتقد ونقول ونفعل ونبصر ونسمع ونتحرك ونسكن، (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا).
إن أصغيت إلى أراجيف المبطلين والمفسدين على ظهر الأرض:
وحينئذٍ تتحول أنت إلى عنصر شر في البيت، وعنصر شر في المجتمع والبلدة، وعنصر شر في هذه الأمة بارتكابك المحذورات وإصرارك عليها ومتابعتك لفعل السيئات واحدة بعد أخرى، (وَهَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا).
كذلك إذا أراد أن يعمُر بلدة وقرية ومدينة ودولة، تتوجه هِمة أربابها ودوافعهم إلى فعل الصالحات، بعيدًا عن الفسق، بعيدًا عن مخالفة أمر الإله الحق، بعيدًا عن مخالفة المصطفى المبعوث بالهدى والصدق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وامتثلوا الأوامر واجتنبوا النواهي وتعاونوا على البر والتقوى، فعُمِرت العباد والبلاد، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
هكذا أيها المؤمنون بالله ﷻ ، تأتي تناسب الأقضية والأقدار والأحوال والأطوار مع ما يفعل المكلفون في السر والإجهار، من الحسنات أو السيئات، من الطاعات أو المعاصي، من الهدى أو الضلال، من الخير أو من الشر.
وإن كان الأمر كله بقدرة العلي الأكبر، ولكن هذا المُعطى للمكلفين من الاختيار يقوم عليهم فيه الاختبار والامتحان لهم، قال سبحانه وتعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا).
فلنحافظ على الدوافع لفعل الخيرات بالإصغاء لكلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ ، بالتعظيم والإكبار والمحبة والإجلال، وصدق العزم على العمل بما نسمع، وتنفيذ ما أوحى إلينا الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ونَعمُر من أعمارنا وأسماعنا وأبصارنا وأفكارنا نصيبًا نتدبر فيه ونتأمل الآيات والأحاديث المباركة وأقاويل أهل الصدق من خيار الخلق، فذاكم من أقوى وسائل الدفع إلى الهدى، والدفع إلى الرقي، والدفع إلى الاستقامة على منهج الله تعالى، وفعل ما يحب، والابتعاد عما لا يحب.
وإن أهملت نفسك وفسحت المجال لعدوك يُملي عليك، فستُحبَط فيك وتنهار دواعي الخيرات والأنوار، وترى نفسك منقادًا للشر وللأشرار، سيئة بعد سيئة، ومعصية بعد معصية، وترك فريضة بعد ترك فريضة، وإذا بك وقعت في قبضة عدوك والعياذ بالله تبارك وتعالى، (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ)، والعياذ بالله تبارك وتعالى.
ألا فاعملوا فكلٌّ ميسر لما خُلق له.
رزقنا الله وإياكم صدق الإقبال عليه، والأدب معه، والمحافظة على الأوامر، وجعل فينا بواعث الخير متجددة مُقوَّاة، تقوى في كل حين وفي كل آن، لنستمر على تقوى الإله الغفار، ومتابعة الأعمال ذات الأنوار من الطاعات التي هي حِرفة الأخيار.
اللهم اجعلنا عناصر هدى وأمن واستقرار وخير ينبعث للخلق في السر والإجهار يا كريم يا غفار، واحفظنا واحرسنا من نية الشر وإرادة السوء والانصراف وراء الذنوب والمعاصي يا من بيده الأمر يوم الأخذ بالنواصي يا حي يا قيوم.
والله يقول وقوله الحق المبين: (فَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). وقال تبارك وتعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
(وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ * إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ * وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَىٰ * فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ * وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ * وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ * وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ).
وقال تعالى: (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا * وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا * وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ثبتنا على الصراط المستقيم، وأجارنا من خزيه وعذابه الأليم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدينا ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله من جعل الشريعة منهاجًا يُرتقى به في سلالم القرب من حضرته.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جميع من في السماوات والأرضين في قبضته، جعل الخير في تقواه وطاعته، وجعل الشر كله في معصيته ومخالفته.
وأشهد أن سيدنا ونبينا وقرة أعيننا ونور قلوبنا محمدًا عبد الله ورسوله، وحبيبه وصفيه وخيرته من بريته، ختم الله به الرسالات، وأبان به الحق على خير الوجوه الواضحات، وجعل أمته خير أمة أُخرجت للناس بين البريات.
اللهم أدم منك عنا الصلوات والتسليمات على عبدك الهادي إلى الحق والهدى سيدنا محمد جامع حميد الصفات، وعلى آله الطاهرين وأصحابه الغُرِّ القادات، وعلى من والاهم فيك واتبعهم بإحسان إلى يوم الميقات، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين أهل رفعة الدرجات، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين وجميع عبادك الصالحين والصالحات، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين يا سريع الإغاثات.
أما بعد،،،
عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله. فاتقوا الله فيما تفسحون به له المجال من الدوافع والبواعث، فلا تسمحوا لدوافع الشر وبواعث الغرور والزور والكذب والمعصية في بواطنكم مجالًا، ولا تستقبلوا منها شيئًا استقبالًا، (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ). (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)، (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
أيها المؤمنون بالله، (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ).
إعطاء وتقوى، بذل وفعل ومباشرة لأنواع الطاعات، تقوى واحتراز وبُعد عن أنواع الذنوب والمخالفات، بإيمان وتصديق، (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ) بالجنة، وصدَّق بالحسنى ما أحسن الله إلينا من إنزال الكتاب وإرسال الرسول، (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ)، نوفقه لأعمال البر والطاعات وأعمال الجنة ودخول الجنة.
يقول جل جلاله وتعالى في علاه: (وَأَمَّا مَن بَخِلَ)، أن يبذل لله فكره ووقته ووجهته وهمته ونيته وقصده، (وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ) بنفسه وهواه وغروره وكبريائه، (وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ) بالآخرة والمصير والجنة والوحي والتنزيل والرسالة، (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ)، لأعمال النار وأفعال أهل النار وصفات أهل النار حتى يدخل النار والعياذ بالله تبارك وتعالى.
وكما هو الواجب عليكم في أنفسكم، فالواجب عليكم أن تقوموا بمهمتكم في أهليكم وأولادكم، ثم في أصدقائكم وأصحابكم:
واجعلوه ميزانًا يَقوى لتكون الدوافع إلى الخير قائمة في الأسرة والبيت، وليكن الحطُّ والتبكيت والتحذير من المخالفات ومن ترك الواجبات سائدًا في البيت والأسرة.
معلومٌ أنه لا ينحط في القدر عند الأب والأم إلا من ترك الصلاة، وإلا من كذب، وإلا من تتبع البرامج الخبيثة من الأبناء والبنات، وإلا من ارتكب محرمًا أو ترك فرضًا من الفرائض؛ ليقوم الميزان الصحيح على الوجه المليح في الدار والأسرة، يتعاونون على البر والتقوى، لا يفسحون مجالًا لدوافع الشر ولا لعرض السوء على القلوب والأفكار.
بذلك تُحفظ دواعي الهدى ودواعي البر والتقوى، ويقوم التعاون عليها، ويرتفع القدر لأهليها.
اللهم املأنا بالإيمان واليقين، وارزقنا التعاون على ما يرضيك عنا في كل شأن وحين يا رب العالمين.
وأكثروا الصلاة والسلام على خير الأنام، عبد الله محمد الراقي لأعلى مقام، فإن أولاكم به يوم القيامة أكثركم عليه صلاةً وسلام.
وإن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنّى بملائكته وأيّه بالمؤمنين فقال مخبرًا وآمرًا لهم تكريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللهم صلِّ وسلِّم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة، عبدك البشير النذير السراج المنير، سيدنا محمد.
وعلى الخليفة من بعده المختار وصاحبه وأنيسه في الغار، مؤازره في حالي السعة والضيق، خليفة رسول الله سيدنا أبي بكر الصديق.
وعلى الناطق بالصواب، حليف المحراب، المنيب الأواب، سيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
وعلى من استحيت منه ملائكة الرحمن، محيي الليالي بتلاوة القرآن، أمير المؤمنين ذي النورين سيدنا عثمان بن عفان.
وعلى أخ النبي المصطفى وابن عمه ووليه وباب مدينة علمه، إمام أهل المشارق والمغارب، أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب.
وعلى الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة في الجنة وريحانتي نبيك المصطفى، وعلى أمهما الحوراء فاطمة البتول الزهراء، وأخواتها بنات سيد المرسلين.
وعلى خديجة الكبرى وعائشة الرضا وأمهات المؤمنين ومريم وآسية.
وعلى الحمزة والعباس وسائر أهل بيت نبيك الطاهرين من الدنس والأرجاس.
وعلى أهل بيعة العقبة وأهل بدر وأهل أحد وأهل بيعة الرضوان وسائر الصحب الأكرمين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم أعلِ كلمة المؤمنين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم اخذل المجرمين الظالمين الفاعلين السوء بعبادك، والمنتهكين لحرمات الأموال وحرمات النفوس والدماء، اللهم اهزمهم وزلزلهم وخالف بين وجوههم وكلماتهم.
اللهم إن استطال شرهم وشرارهم فأنت القوي المتين فاخذلهم واهزمهم وزلزلهم.
اللهم وأقم في قلوب المؤمنين الدوافع لامتثال أمرك واجتناب نهيك والعمل بما ترضى حتى تلطف بنا وبهم فيما يجري به القضاء.
اللهم حوِّل أحوال المسلمين إلى أحسن الأحوال، انقلهم من هذا التخاذل وهذا الإهمال وهذا التكاسل إلى التواصي بالحق والصبر والقيام بالبر والتقوى والتعاون على ذلك.
اللهم حوِّل أحوالهم إلى أحسن الأحوال يا محول الأحوال، حوِّل حالنا والمسلمين إلى أحسن حال.
اللهم ارزقنا من جمعتنا اجتماع القلوب عليك، وصدق الوجهة إليك، وغفرانًا لجميع ما كان منا، وتوفيقًا فيما بقي من أعمارنا لما يرضيك عنا، وختمًا لنا منك بالحسنى يا حي يا قيوم.
اللهم فرج الكربة واكشف البلاء وادفع الآفات وحوِّل الأحوال إلى أحسنها، وابسط بساط الرحمة والنعمة، وعاملنا بما أنت أهله في كل مهمة يا حي يا قيوم.
اللهم أصلح القلوب والقوالب وأنلنا غايات المطالب، وادفع عنا جميع المصائب والشدائد والنوائب.
اللهم فرج كروب المسلمين وادفع البلاء عن جميع المؤمنين.
اللهم الطف بالمسلمين في غزة والضفة وفي أكناف بيت المقدس، وفي جميع الشام وجميع اليمن، وفي العراق وفي سوريا وفي جميع الشام وفي السودان وفي الصومال وفي بقية أقطار المسلمين، أدركهم يا مدرك، وأنقذهم بغياثك العاجل يا مغيث، وادفع عنا وعنهم شر كل خبيث.
اللهم حوِّل الأحوال إلى أحسنها وزدنا من نوالك ما أنت أهله في بواطن الأمور وعلنها.
اللهم ثبتنا على الحق فيما نقول، وثبتنا على الحق فيما نفعل، وثبتنا على الحق فيما نعتقد، واجعلنا أسباب الهداية والخير للأمة، وأعذنا من كل بلية وآفة ونقمة يا حي يا قيوم.
واغفر لنا جميع الذنوب ولوالدينا ولذوي الحقوق علينا، واختم لنا بأكمل الحسنى وأنت راضٍ عنا يا أرحم الراحمين.
نسألك لنا وللأمة من خير ما سألك منه عبدك نبيك سيدنا محمد، ونعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك نبيك سيدنا محمد، وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ). (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
(رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
عباد الله، إن الله أمر بثلاث ونهى عن ثلاث: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر.
11 ربيع الثاني 1447