التأثر بنور الله فكرا وسلوكا

للاستماع إلى الخطبة

الحَمْدُ لله.. الحمْدُ للهِ رَبِّ العالمين، مَنْ مِنه المُبتدأ وإليه المرجعُ والمصير.
وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حيٌّ لا يموت، بِيَدِهِ الخيرُ وهو على كُلِّ شيءٍ قدير. وأشْهدُ أنَّ سيِّدَنا ونَبيَّنا وقُرَّةَ أعينِنا ونورَ قلوبِنا محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، ونبيّهُ

الحبيب عمر أثناء إلقاء الخطبة

وصفيّهُ وخليله. أرسلَهُ بالهدى ودين الحق ليُظهِرَهُ على الدين كله ولو كره المشركون. فاستقبلت القلوبُ التي كتب اللهُ لأصحابها السعادة ضياءَ النور الذي بُعِثَ به فاستنارت، ولبَّتِ الدعوةَ وأجابت، فتطهَّرت وتنقَّت وخشعت وخشيت ربها واتَّقَت، فارتقى أصحابُها أعلى المراقي، وحازوا خيراتِ الدُّنا يوم التلاقي. وأعرضَ وأدبرَ مَن سَبَقَتْ عليه سابقةُ الشقاوة، فغلَّب اتباعَ الهوى والنفس الأمَّارة وإيحاءات شياطين الإنس والجن، فكذّب وأدْبَر واستكبر، فمضى عمرُهُ في الظلُمات ولقي اللهَ سبحانه وتعالى على أسوأِ الحالات.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارْكْ وَكَرِّمْ على النورِ المبين الذي أنقذتنا به من الضلالة. وعلَّمْتنا به بعد الجهالة، وبصَّرتَنا به من العِماية، وعلى آله وأصحابه ومن سار في دَرْبِهِ وصوابه، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أمَّا بَعْدُ عِبادَ الله، فإني أُوصيكم ونفسيَ بتقوى الله. تقوى الله التي لا يَقْبَلُ غيرَها، ولا يرحَمُ إلا أهلها، ولا يُثِيْبُ إلا عليها. ﴿ إنما يتقبل الله من المتقين ﴾. ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا ﴾. ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا ﴾ – أي النار – ﴿ جِثِيًّا ﴾.
 أيها العباد: وإنكم لفي شهرٍ يذكِّركم بحقائق المبتدأ والمعاد، ويوقِفُكُم على حقائق الاهتداء والإسعاد، مولدِ من جاءنا بالخطاب مِن ربِّ العباد، مولدِ أكْرَمِ الخلْقِ على الخالق جَلَّ جلالُه. المختصِّ بأعلى الخصائص والمواهب من حضرة الرَّحمن عَظُمَ نوالُه. إنكم في الشهر الذي يُتَذَكَّرُ فيه سُطوع نورُ سيدنا محمد. تقولُ أمُّ سيدنا عثمان بن أبي العاص:  شهدتُ وَضْعَ آمنة بنت وهب، فأشرقَ النورُ في النواحي، فجعلتُ لا أرى إلا نوراً مِن بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي، في الجُدُرات وفي النواحي لا أرى إلا النور. ولقد جاء في الحديث عنه أنه قال:  وأنا رؤيا أمي التي رأت، وإنَّ أمي رأتْ حين وضعتْني نوراً أضاءت له قصورُ الشام. وتقولُ بعضُ الحاضرات لتلك الوقعة:  أشرقَ النورُ فجعلتُ أرى كأن النجومَ دَنَوْنَ مني، حتى إني لأخاف أن يَقَعْنَ عَلَيّ، وأقول اندفعن عني. صَغُرَ الكون عند بُرُوْزِ سيدِ الكون، وقَرُبَ البعيد بنورٍ شوهدت منه أعناق الإبل بِبُصْرى من وسط البيت عند آمنة حينما وَضَعَتْ بهذا الأمين. صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم. وتِلْكُمْ إشارةٌ إلى أنه النوْرُ الأعظم الذي أشارَ إليه ربكم في القرآن فقال ﴿ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴾. الكتاب المبين هو القرآن، والنور محمدُ بن عبد الله. من جاءنا بالقرآن ومن أُنزِل عليه القرآن. نورٌ جاءنا لكن مِنْ أين ؟ وما مصدَرُه ؟ وما مَنْبَعُه ؟ قد جاءكم من الله نور. من الله نور. صلواتُ ربي وسلامه عليه. وهو الذي ذَكَرَ الحقُّ في الـمَعَادِ والمرجع إفاضَةَ هذا النورِ منه على من اتصل به، وآمن به وصدقه واتبعه وأحبه فكان معه. فقال اللهُ تبارك وتعالى ﴿ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ فَوَيْلٌ لأيِّ فَرْدٍ من هذه الأمة صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى، لم يكن في ذلك اليوم معه. وليس له نور يسعى من بين يديه ومن خَلْفِه. ﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ ﴾ فيأتي النداء ﴿ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا ﴾ وإنما كان قول " ارجعوا وراءكم " لأنهم في الدنيا رَجَعوا وراءهم وتولَّوا عن ركْب أهل النور. ما جالسوهم ولا أحبوهم ولا والوهم، واتخذوا طريقاً أخرى بأهوائهم وشهواتهم، فَرَجَعُوا وراءهم في الدنيا وربما استهزؤوا بأهل النور، وربما استخفّوا بهم. فيقال لهم:  هذا اليومُ جزاء العمل، كما رجعتم على ورائكم في الدنيا وتوليتم عن أهل النور هؤلاء، فاليوم إذا طلبتم منهم النور وقلتم انظرونا نقتبس من نوركم يُقال ﴿ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا ﴾ فإذا أُرجعوا إلى ورائهم قامَ الحجابُ بين هؤلاء وهؤلاء بِسُوْرٍ ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴾ وهذا السُّور الذي يحيط بأهل الصدق والإخلاص، ويتميزون به في أنحائهم في طريقة تفكيرهم وفي معاملاتهم وفي نظرتهم إلى الحياة والأشياء، وفي عِزَّتِهم بما يعتزون، وفي إخضاعهم للنفوس أمام أَمْرِ الملكِ القدوس، في تَبَعِيَّة حبيب القدوس مُزكِّـي النفوس محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، الذي قال:  لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئتُ به. هنا سُوْرٌ مضروبٌ على أهل الصدق والإخلاص في هذا العالم، يمتازون في طريقة فِكْرِهِم ونَظَرِهم إلى الأمور ومعاملتهم. لا تستفزُّهم  النفس ولا الهوى ولا الشيطان. كيف ترى في أدب خير الورى. وكان في الجِعِرَّانة لَـحِقَ جَمَلُ صحابي به، وكان الصحابي لابساً نعلاً خَشِن غليظ، وأسرعَ جملُه حتى التصقَ بجملِ رسولِ الله، فدقَّ بِنَعْلِهِ الغليظ قدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بشدة، حتى أوجعه، حمل رسول الله سوطاً كان في يده ليُبعِدَ الرجلُ وطأة رجله عنه فضربه، يقول أوجعتني ارفع رجلك. فلما رأى الموقف، ورأى أنه أوجع من ؟ ودقَّ رِجل من ؟ بالنعل داس بدن من ؟ هذا بدنٌ صلَّى خَلْفَهُ الأنبياء، هذا بدنٌ رَقَى فَوق سِدْرَةِ المنتهى، هذا بدنُ الأصفى محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. اشتد عليه الأمر وخاف على نفسه، بل قال خفت أن ينزل فيّ قرآن يذمُّني أو يوجِبُ عليّ النار. قال فذهبتُ واختفيتُ من أمامِ رسول الله وذهبتُ أرعى بعض المتاع وبعض الدوابِّ للجيش حتى أكون بعيداً منه. فما شَعُرْتُ إلا بواردٍ يَرِدُ يسأل علي ويقول رسول الله يدعوك. قال فقلت حلَّت بي المصيبة، ولعله نزل فيّ شيء. فلما جئت إلى رسول الله قال إنك لما وطئتني برجلك البارحة ضربتُكَ بِسَوْطٍ كان معي أقول لك ارفع رجلك أوجعتني. والآن هذه مائةُ نعجةٍ من الغنم مقابل ما ضربتُك البارحة خذها. صَلى الله عليه وسلم. الحقُّ له لا للصحابي، ويستحق الصحابي ضربة وضربة أخرى، وإن كان فعل ذلك من غير عمدٍ ولكن ضرورة أن يرفع رجله من هذا الألم. لكن محمداً عظيمُ المراقبةِ للرب، كثيرُ الأدب مع الإله، محاسباً لنفسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم. وَسَرَتْ تلك السِّراية. وسرت تلك السراية، ولقد رآه، رأى صلى الله عليه وسلم أبا مسعود يضرِبُ عبداً له بِعَصَا. فقال:  اعلم أبا مسعود. وكان في حالة غضب لسوءِ تصرُّفِ مملوكه هذا، فأخذ يضربه في حالة غضبه، ورسول الله رآه من وراء، قال:  اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود، حتى تَبَيَّنَ الصوت وسكت الغضب والتفت فإذا رسول الله، اعلم أبا مسعود أن الله أقدَر عليك منك على هذا الغلام. قال هو حُرٌّ يا رسول الله لوجه الله. قال لو لم تفعل للفحتك النار. لو لم تفعل للفحتك النار. وقبل وفاته جَلَسَ على المنبر وقال أيها الناس، من كان عندي له مظلمةٌ فليأخذ حقَّهُ مني، من كان له مالٌ فهذا مالي، ومن كان له قَوَدٌ فهذا جسدي، فليَسْتَقْدِ مني. بكى الصحابة رضي الله تعالى عنهم. تركهم على ذلك المسلك وهو الذي أوحى الله إليه: ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ - قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم.  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم. فَسَرَتْ تلك السِّراية، وتحلَّى بتلك الآداب الصديقُ والفاروقُ وعثمان الشهيد، عليهم رضوان الله تعالى، وعليُّ بن أبي طالب، والذين تلقوا عن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم. أما ترى في عليِّ بن أبي طالب يقاتلُ المشركَ حتى أوقعهُ على الأرض وهوى بالسيف فبصقَ المشركَ في وجهه فرفع السيف وذهب. عجب الذي يشاهده. قال يا علي، كنت تقاتله فلما تمكنت منه تركته ؟ قال نعم كنت أقاتلهُ لله، فلما بصقَ في وجهي ثارت نفسي وغضبت، وأرادت أن أضربهُ لها وأنا لا أضرب بسيفي لغير الله. أنا ما أضرب بسيفي لغير الله. أشجعُ القوم هو ولكن شجاعته حيث يُرضي الله، شجاعَتُه حيث يَنْصُرُ الله. شجاعته حيث ينصر محمد. شجاعته حيث يرضى ملك السماء والأرض. ضابطٌ لنفسه. كَمُلَتِ الشجاعة فملك نفسَهُ وهواه كما مَلَكَ تصرُّفَه في الحياة على ميزان قويم وصراط مستقيم. هكذا يفعل النور المحمدي بمن آمن. اللهم ارزقنا حقائق الإيمان. اللهم ارزقنا حقائق الإيمان. يا رحيم يا رحمن. اجعل لنا في شهرنا ادِّكاراً واعتباراً، نزدادُ به استنارة واستقامةً على ما تحبه منا برحمتك يا أرحم الراحمين.
والله يقولُ وقولُه الحق المبين ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ وقال تبارك وتعالى ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.  
﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ﴾
﴿ ... وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ ... ﴾
﴿ ... فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾
بارَكَ اللهُ لي ولَكُمْ في القرآن العظيم، ونَفَعَنَا بما فيه من الآيات والذِّكْرِ الحكيم. ثَبَّتَنا على الصِّراطِ المستقيم، وأجارَنا من خِزْيِه وعَذَابه الأليم. أَقُوْلُ قَوْلي هذا وأسْتَغْفِرُ الله العظيم لي ولكم ولوالدينا ولجميعِ المُسْلِمين، فاسْتَغْفِرُوْهُ فإنَّهُ هُوَ الغَفُوْرُ الرحيم.

الخطبة الثانية

الحَمْدُ للهِ مُنَوِّرِنا بأنوارِ الرسالة والنبوة، وأَشْهَدُ ألا إله إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ له، جامعُ الخلائق ليوم الحُكم والقضاء وكل مرآة هناك وصحيفة مَجْلُوَّة. ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ وأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنا ونبيَّنا وقُرَّةَ أعيننا ونورَ قلوبنا محمداً عبدهُ ورسولُه، أَرْسَلَهُ إلينا بالذكر الحكيم والمنهج القويم والصراط المستقيم وأثنى عليه بالخُلُقِ العظيم. اللهم صَلِّ وسلِّم وبارِك وكرِّم على عبدِك المصطفى سيّدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن سارَ في دربِه، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
أما بعدُ عِبادَ الله فأوصيكم وإيايَ بتقوى الله. وَمُقْتَضَى التّقوى أن تخرجَ من الجمعة بقلب أَنْوَر وأطهَر لا كما دخلت فلم فرض الله عليك الجمعة ؟ ألِتَخْطُوَ الخطوات فتدخل المسجد وتخرج ؟ عبثاً أو لعباً؟ لا. ربك الغني عنك وعن كل شيء، فَرَضَ عليك الجمعة ليجتمع قلبك على الوجهة إليه. لتراجع حسابك خلال الأسبوع، ما صدر منك من نظرات، من كلمات، من حركات وسكنات مكتوبات محصيَّات عليك. ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ. وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ ﴾.
أيها المؤمن: ولربك رأفة ورحمة إذا خضعت له وتذللت بين يديه وخفته، ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ ﴾
أيها المؤمن: كيف تنصرفُ من هذه الجمعة؟ وكيف ينقضي عليك باقي أيام شهر ربيع الأول؟ إذا مُدَّ لك في العمر حتى تختمه وتستقبل ما بعده ؟ على أي الأحوال ؟ أأنت داخل سور أهل الإيمان أهل النور؟ أم تتخطَّفُكَ النفس لفعل ما يُناسِب ويشابه أفعال أهل النفاق الذين يقال لهم في القيامة ﴿ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ. يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ ﴾ أصلاً كنا في بلد واحد في زمن واحد نعيش نحنُ وإياكم .. أيوه بلد واحد وزمن واحد لكن ما هو قلب واحد. ليست وجهة واحدة. إخلاص ورياء. خوف من الله وقلة حياء من الله. كيف تكون واحدة ؟ كُنْتُم في زمن واحد في بلد واحد في وقت واحد، لكن صِدْقُكُم مع الله اختلف. هذا صدق وهذا ما صدق. هذا حاسَب نفسه وهذا أهملها. ﴿ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ ﴾ اغتررتم بما يُعرَض عليكم في البرامج وأفكار الشوارع وأفكار جُلساء السوء. فَتَنْتُم أنفسكم. معكم نصوصٌ صريحة من الرحمن ورسوله تصامَمْتُم عنها، وصدَّقتم ما دُعيتم إليه عبر برامج، عبر نشرات، عبر مجالس سوق، ورُحْتُم وراءها ﴿ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ ﴾ تشكَّكْتم في أمر الحق ورسوله ﴿ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ . فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ مَأْوَاكُمُ النَّارُ ۖ هِيَ مَوْلَاكُمْ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ۞ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾  ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله – وكانت هذه الآية سبب في توبة رجل من صالحي الأمة:  الفضيل بن عياض عليه رحمة الله. وكان يقطع الطريق، ثم تاب الله عليه. بينما يتسور يوماً في بعض البيوت، وإذا بالتالي يَتْلُو قولَ الله ﴿ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزَّل من الحق ﴾ في قراءة ﴿ وما أنزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ﴾ قال بلى آن، بلى آن. فدخل النور قلبه وخرج، وتاب إلى الله، فسمع قافلة مقبلين يقولُ بعضُهم لبعض لا تمرُّوا في هذا الطريق فإن فيها الفضيل. قال يا ويح الفضيل لقد أخاف طريق المسلمين. أيها القافلة مُرُّوا فقد تاب الفضيل. امشوا .. تاب الفضيل إلى ربه، وامشوا آمنين مطمئنين. فأقبل على الله فصار مِثَالاً في الأمة للأدب والصدق والإخلاص ورعاية حق الله جلَّ جلالُه وتعالى في عُلاه. هكذا أيها المؤمنون بالله جلَّ جلالُه، لربكم ملاطفة لمن أقبل عليه، لِمَن توجَّه إليه، لمن أقلع عن ذنوبه وسيئاته.
 وما أجدر أن تُوَدِّعَ شهر ربيع الأول بحُسْن إقلاعٍ عما لا يليق. طهِّرْ دارك. طهِّر دارَك من مسلسلات فيها الخبث، طهر دارك، طهِّر دارك من صور في الشاشات أو في الأوراق في المجلات لا تليق، أو أصوات بالمنكر وبالمجون في الأشرطة. طهِّر دارَك، حافِظ على دارك. أنت المؤمن ما خُلِقْتَ لِتَتْبَعَ الفاجر ولا الكافر ولا المنافق ولا المغرور، خلقت لتكون عزيزاً بالله العزيز الغفور. تخضَعُ لأمر ربِّك وحده وتقتدي بمحمدٍ حبيبِه وعبدِه. طهِّرْ دارك، لا تُعَرِّضْ دارَك لبرامجِ فسقة كفرة يلعبون على عقول أهلك وناشئتك وسط البيت، ويصرفونهم عن القيم وعن الآداب وعن الشيم، ويَفْلُتُ الأمرُ والزمامُ عليك ثم لا تدري كيف تعالج الأمر.
 أيها المؤمن: اعتزَّ بإيمانك ودينك وطاعتِكَ لمولاك. طَهِّرْ دَارَك حتى لا يجري فيه إلا الخير. اُنْظُر الذين ارتبطوا بحلقات القرآن من أبنائك، وافرَح منهم أن يتلو القرآن وسط دارك. فَنَبِيُّكَ يقول: البيتُ الذي يُقرَأ فيه القرآن يتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجومُ لأهلِ الأرض. اِجْعَل القرآن وَسَطَ دارك، وتلاوتَه. واجْعَل الذِّكْرَ في بيتك، يُنوَّرُ بيتك ويُخصَّص بخصائص الإيمان. فما تميزت بيوت المؤمنين بجدرانها ولا فُرُشها، ولا بثلاجاتها ولا بدواليبها، ولا بالأجهزة فيها، فهي عند اليهودي وعند النصراني وعند الملحد، لكن تميَّز بيتُ المؤمن بالقرآن، بذكر محمد، بذكرِ سيرته وأخباره. كان يقول بعض الصحابة " كنا نعلِّمُ أبناءنا غزوات رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن ." كما نعلمهم سورة من القرآن نعلمهم غزوات محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم.
هل أخذت نصيبك من ذكر محمد وذِكر سيرته وأدخلتها إلى داخل مخك وعقلك تفكر فيها معظِّماً مؤمنا مصدقاً أنه صفوة الله وخيرته من البرية ؟ هل ازدادت محبَّتُك ؟ ازدادت رابطتك ؟ الكلُّ في القيامة يتمنى القُربَ منه، حتى العتاة الطغاة الكفرة. ذهب عنهم وهمُهُم وخيالُهم وغرورُهم بسلطانهم، باقتصادهم، بسمعتهم، وأدركوا الحقيقة. يقول أحدهم يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. هذا الذي كان شامخ بنفسه في الدنيا يَظْلِم ﴿ ويوم يعضُّ الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً ﴾. اتخذْ سبيلك مع رسول الله، زيادة المحبة والولاء بالاتباع بذكر أخباره وسيرته، بالتعظيم، بالإجلال، بالمودة، بالشوق إلى لقائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم حتى يحشرك الله في زمرته يوم القيامة، ونعم الزمرة زمرةُ سيد المرسلين. حيث يورد الواردون على حوضه المورود ويستظلُّ من يستظلُّ بظلِّ لواء الحمد المعقود، آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة يقول نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم، جعلنا الله وإياكم تحت ذاك اللواء.
انظر إلى باطنك وما يدور في قلبك الآن وأنت بين يدي الرحمن وفي بيته. تُقْبِلُ على صلاة الجمعة والانصراف بعدها، ممتثلاً أمر ﴿ إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ﴾ وتعالَ الجمعة الثانية أَبْدَرْ وأبْكَرْ مما جئت هذه الجمعة. هل تسمع؟ هذا ينفعُك. رتِّبْ برنامجك، رتب وقتك. احضر قبل أن يحضر الخطيب. وإن حضرت قبل الخطيب هذه المرة بخمس دقائق احضر بعشر دقائق قبله فإن مراتب أهل الجنة عند النظر إلى وجه الله الكريم على قدر تبكيرهم إلى الجمعة. أما بعد الأذان فالتأخيرُ على من وَجَبَتْ عليه الجمعة حرام. أجبتَ النداء ﴿ ...إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَ‌ٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ ﴾ كونوا على ارتباط واتصال. إذا خرجت من الجمعة، خلك مربوط بذكر الله، مربوط بالقدوة بمحمد. انتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون. ارزقنا اللهم الفلاح. اصرفنا من الجمعة بالأرباح والسعادة والهدى والاستقامة على الاقتداء فيما خفي وما بدا، بحبيبك المصطفى، وأكثروا الصلاة والسلام عليه. واسمعوا قوله فيما صحَّ من حديثه:  إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة. وقوله:  من صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه بها عشر صلوات. اسمعوا قولَ ربكم يقولُ في شأنه تعظيماً وتفخيماً ويذكُرُ أنه بِنَفْسِهِ يصلي عليه، وثنَّى بالملائكة وأَيَّهَ بكم تعميماً ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ اللهم صلِّ وسلم على الهادي إليك والدالّ عليك، عبدِك المصطفى سيدِنا محمد، نور الأنوار وسر الأسرار، وعلى الخليفة مِنْ بعده المختار، وصاحبِهِ وأنيْسِه في الغار، مؤازرِ النبي في حالي السَّعةِ والضيق، الخليفةِ الشفيق، خليفةِ رسول الله سيِّدِنا أبي بكر الصديق، وعلى الناطقِ بالصواب، حليفِ المحراب، أميرِ المؤمنين سيدِنا عمرَ بن الخطاب، وعلى الناصحِ لله في السرِّ والإعلان، مَن استحيَتْ منه ملائكةُ الرحمن، أمير المؤمنين ذي النورين سيدنا عثمان بن عفان. وعلى أخي النبيِّ المصطفى وابن عمه، وَوَلِيِّه وبابِ مدينةِ علمه، إمامِ أهلِ المشارق والمغارب أمير المؤمنين سيدِنا عليِّ بن أبي طالب. وعلى الحسن والحسين سيدَيْ شباب أهل الجنة في الجنة، وريحانتي نبيِّك بِنَصِّ السُّنَّة، وعلى أمهما الحوراء فاطمة البتول الزهراء، وعلى خديجة الكبرى وعائشة الرضى، وعلى الحمزة والعباس وسائر أهلِ بيتِ نبيك الذين طهَّرْتَهُم من الدَّنَس والأرجاس، وعلى أهل بدر وأهل أحد وأهل بيعة الرضوان، وعلى سائرِ أصحاب نبيك الكريم ومن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
 اللهم أعزَّ الإسلام وانصُر المسلمين. اللهم أعزَّ الإسلام وانصُر المسلمين. اللهم أَعِزَّ الإسلامَ وانْصُر المسلمين. اللهم أذلَّ الشرك والمشركين. أَعْلِ كلمة المؤمنين. اللهم دَمِّرْ أعداء الدين. اللهم اجمعْ شملَ المسلمين. اللهم ألّف ذات بينهم وادفع الأسوأ عنهم يا أكرم الأكرمين. اللهم تدارَكْهُم وأغثهم، وأَدِمْ خيرك عليهم وادفع الفتن والمحن والشدائد من بينهم، ظاهراً وباطنا. وارزقنا الهمم القوية لنصرتك، ونصرة رسولك، ونَفْعِ عبادك، وحمايةِ ديارنا ومنازلنا وأماكننا وقبائلنا وأصحابنا وجيراننا بحماية الحق والهدى، في أقوالهم وأفعالهم ومسالكهم، على ما تحبُ وترضى صادقين مخلصين باذلين الجهد ظافرين بالسعد مخلصين لوجهك الكريم. اللهم يا من وفق أهل الخير للخير وأعانهم عليه، وفِّقْنا للخير وأعِنَّا عليه. اللهم اكشف عنا الشدائد وعن أمة نبيك في المشارق وفي المغارب، وادفع جميع المصائب والنوائب والبلايا والمتاعب والمعاطب، يارب حَوِّلْ أحوالنا والمسلمين إلى أحسن حال، أصلح يمننا وشامنا وأصلح المسلمين في الشرق والغرب. اُلطُفْ بهم فيما تجري به المقادير. ادفع البلايا والآفات. أصلِح الظواهر والخفيَّات، لا تسلط عليهم أهل الكفر ولا أهل الزيغ ولا أهل الفجور ولا أهل الضلال. يا رب تَدَارَك الأمة واكشف الغمة واجل الظلمة وادفع النقمة وحوِّل الأحوال إلى أحسنها يا من بيده تحويل الأحوال، يا الله. أغثنا بلا إله إلا الله، وأغث أهل لا إله إلا الله، وادفع البلايا والكروب عنهم واشفِ مرضاهم وعافِ مُبْتَلاهم واغفر لآبائنا وأمهاتنا ومن تقدَّم في مساجدنا هذه وقُرانا وبيوتنا ومنازلنا. اغفر لنا ولهم بمغفرتك الواسعة وارفعنا مراتب قُرْبِكَ الرافعة. اللهم أدخِلْ على آبائنا وأمهاتنا في قبورهم رَوْحاً منك وسلاماً منا، واجعل قبورهم رياضاً من رياض الجنة، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه. إلهنا لا تُعَرِّضْنا فيما بقي من أعمارنا لموجب خزيٍ يوم القيامة، ولا مُوْقِعٍ في الندامة، حتى نُحشر في زمرة الذين هم مع نبيك يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، يا أرحم الراحمين. ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير. واختِم لنا جميعاً بالحسنى، واجعل آخر كلام كل واحدٍ منا من هذه الدنيا لا إله إلا الله، مُتَحَقِّقاً بحقائقها، حتى نلقاك وأنت راضٍ عنا. يا كريم يا رحيم يا أكرم الأكرمين.
عِبادَ الله: إنَّ اللهَ أَمَرَ بثلاثٍ ونهى عن ثلاث:  ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم. ولَذِكْرُ اللهِ أكبر.

(( للإستماع ))

تاريخ النشر الهجري

21 ربيع الأول 1433

تاريخ النشر الميلادي

12 فبراير 2012

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

الأقسام