الأحداث وشأن الأمانة ونصرة الحق ورسوله

للاستماع إلى الخطبة

خطبة الجمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في جامع الحزم، مديرية شبام، وادي حضرموت، 5 ربيع الثاني 1445هـ بعنوان: 

الأحداث وشأن الأمانة ونصرة الحق ورسوله

 

نص الخطبة:

الحمد لله .. الحمد لله رب العالمين، خالق السماوات والأرضين وما بينهما وحده لا شريك له، نشهد أنه الله الذي لا إله غيره ولا رب معه، خلق كل شيء فقدره تقديرا، وجعل مرجع الجميع إليه وكان سميعًا بصيرًا، وأشهد أن سيدنا ونبينا وقرة أَعْيُنِنَا ونور قلوبنا محمدًا عبده ورسوله، ونبيه وصَفِيّهُ وحَبِيِبهُ وخَلِيلهُ، بَعَثَهُ بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا.

اللهم أدم صلواتك على عبدك المجتبى المختار الهادي إليك والدال عليك سيدنا محمد وعلى آله المطهرين وأصحابه الغُرْ الميامين، ومن وَلاهم واتّبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين وآلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى ملائكتك المقربين وجميع عبادك الصالحين وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

أما بعد،،

 عِبَادَ الله فإني أوصيكم وإياي بتقوى الله، تقوى الله التي لا يقبل غيرها ولا يرحم إلا أهلها ولا يُثيب إلا عليها.

المسؤولية الكبرى

أيها المؤمنون، فاتقوا الله فيما تَمُرُّ بكم به الليالي والأيام وفيما ترون فيها وتسمعون وفيما تُحْدِثُون وتعملون وتَنْوون وتَتَحرَّكون وتَسْكُنون؛ فإن مالك الملك المُطَّلِع على كل شيء الذي جعل للخلق منهاجًا عليه يَنْتَهِجُون وعليه يَسْلُكون، وبه إن قاموا بحقه إلى الله يَصِلون وفي الدنيا والآخرة يسعدون، ومن تَولَّى وأَعْرَض فإن له في هذه الحياة مَعانٍ من المعيشة الضَنْك، ثم له شديد العذاب والهُلك في الدار الآخرة.

أيها المؤمنون بالله تعالى في علاه، كم أخذت العقول إرادات النفوس وأهواؤها وبرامج ومناهج الكفار والأشرار والغافلين والفاسقين؟ واتُّخِذَت منهاجًا يَمْضُون عليه في حياتهم إلى ظلم هذا وإيذاء هذا وأخذ حق هذا والبطش بهذا؛ تَبَع الأهوية وربما تَقَنعوا بقناعات من دعوى العدل، أو دعوى الإنصاف، أو دعوى حقوق الإنسان إلى غير ذلك مما سَمِعْتُم، ومما أحسستم به ينتشر ويُنثَر عليكم من بين أيديكم ومن خلفكم وعن أيمانكم وعن شمائلكم، ولكنَّ هذا المسار لكل صغيرٍ أو كبير عليه مسؤوليةٌ كبرى ويُخاطَب به كل مُكلَّف فيما تحرك وما سكن ألا "ولا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة على الصراط حتى يُسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه"، (وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) [الصافات:24-26] 

لمن حقيقة النصرة؟

فويلٌ لمن تناصر في الدنيا على ظلمٍ أو على إيذاءٍ أو على ضُرٍّ بعباد الله تبارك وتعالى أو على انتهاك حُرمة دمٍ أو مالٍ أو عِرض، أولئك الذين يتناصرون على ذلك يَتَبَرّأ بعضهم من بعضٍ يوم الوقوف بين يدي ملك الممالك (مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ * قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [الصافات:54-29]  إلى آخر مُجادلاتهم التي تنتهي أن يَلعَن بعضهم بعضا ولا ينفع بعضهم بعضا؛ ولكن أنصار الحق تعالى وأنصار رَسُولِه المصطفى وأنصار الحق والهدى ممن قهروا أنفسهم على شريعة ربهم ومُراد ربهم منهم وحملوا أنفسهم على نبذ الأهواء، واتباع مسلك عن رب العالمين -جل جلاله- هم الذين ينصرهم الحق (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر:51-52] والعياذُ بالله جل جلاله وتعالى في علاه، وبذلك نُودِينَا (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2] 

مسلك الحضارات المزيفة

وما من غير الإسلام من دينٍ وكُلَهُ باطل؛ إلا وفي طَيِّهِ وفي حقيقته وفي ما يحتويه وينطوي عليه نوعٌ من الظلم والبغي والعدوان، لذلك قال سيدنا ربعي بن عامر: "الله ابتعثنا لنُخْرِج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام".

وتُلْكُم الحضارات المزعومةُ المزيفة التي تدعي الإنصاف أو العدل، وهي التي تكيل بكيلين لعباد الله تبارك وتعالى وعمل واحد، لكنه من هذا وصفه كذا ومن هذا وصفه كذا، ثم لا تستحيي بأن تنشر الشر والفساد بأنواعه وأصنافه، وأن تفتن بين العباد وتضرب بعضهم ببعض، وأن تمنع المساعدات الإنسانية على من ليس في صفها أو في حزبها أو في مصالحها، وإن سمحوا بشيء سمحوا بيسير لا يكفي لإنقاذ المظلومين والمقتّلين والمشردين والمجروحين والمصابين بالمصائب الكثيرة، تِلْكُمْ مسالك الكَفرة على ظهر الأرض، تِلْكُمْ مسالك الفُجّار على ظهر الأرض. 

اعرفوا عظمة دين الحق

يا أهل دين الله اعرفوا عَظَمَة دين الحق، يا أهل دين الله اشْكُروا الذي دعا هداكم إلى دينه وقوموا بِحَقِّهِ، ولا تُسْْلموا الزمام لفاجرٍ ولا كافرٍ ولا لشرقيٍ ولا غربي، فإن الله يُسلِّطهم على كل من ضَعُفَ إيمانه، وعلى كل من قلَّت ثقته بمولاه جل جلاله، وعلى كل من استهان بالشريعة الغرَّاء، وعلى كل من أهمل سنن خير الورى، وعلى كل من خرج عن جادة الاقتداء بِنَبِي الهدى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فيُسَلْط عليهم أولئك، وأنتم تنظرون بأعينكم وتسمعون بآذانكم ذُلًّا واضحًا في كثيرٍ من المسلمين، سببه ترك دينهم، سببه مخالفة شريعة ربهم، سببه تأليههم لأصنام التطورات وأصنام الحضارات، وأصنام السياسات الخبيثات المارِقات الفاسِقات، ولقد وصف ﷺ تلكم الحالات وقال:".. سلَّط الله عليهم ذلًّا لا ينزِعه عنهم حتى يعودوا إلى دينهم" حتى يعودوا إلى دينهم، و(..إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ)[عبس:11]، (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا)[الإسراء:59]، وإنها لعبرة (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ..) [فصلت:53] (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) [النساء:76]. 

ومن لم يقاتل في سبيل الله استُدرِج فقاتل في سبيل الطاغوت والعياذ بالله تبارك وتعالى وكل ما خالف شرع الله وكل من انتصب داعيًا للخيانة وداعيًا لإضاعة الأمانه ومخالفة الشرع فهو الطاغوت، قال جل جلاله: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة:257] اللهم أجِرنا من نارك.

واقع جسد الأمة

أيها المؤمنون بالله: إن مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عُضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

ألا ولقد خُدِّرَ هذا الجسد تخديرات الأفكار والتصورات والبرامج والإغراء بالألعاب والشهوات المحرَّمات، شهوات الجنس، وشهوات نَظَر الحرام، وشهوات السلطة، وشهوات المال خُدِّر تخديرًا حتى صار لا يُحسُّ بكثيرٍ مما يجري عليه، والجسد إذا خُدِّر لم يستشعر قطع رجلٍ ولا قطع يدٍ.

أيها المؤمنون بالله قد اِنتُهِكَت حُرُمات الله تبارك وتعالى، وأُعتُديَ على الدين وعلى أهل الدين بكثيرٍ من مظاهر العُدوان، وأثر التخدير في جسد هذه الأمة سارٍ في سريانه وظاهرٌ في كثيرٍ من أحوالهم، ولكن مهما كان الأمر فإن لرب الأرض والسماء غَيْرَةٌ على دينه، وغَيْرَةٌ على شريعة نبيه، وغَيْرَةً على مِنهاجه الذي ارتضاه لخلقه سُبْحَانَه وتعالى، ونِقْمَةً على كل من خَالفَهُ وكل من كابر وكل من أَلْحَدَ.

ما هو واجبنا؟

أيها المؤمنون بالله جل جلاله وتعالى في علاه، وَجَبَ أن تعمل فينا مرور الأيام والليالي والحوادث التي تُذكر هنا وهناك عمل الجمعية على الله الذي خلق، والثقة به، والاعتماد عليه والتوكل عليه، وأداء الواجبات في أنفسنا وأهلينا وأولادنا وتربيتهم وإقامة مناسباتنا وشؤوننا على المسالك التي بيَّنها لنا ربنا ودعانا إليها رسوله المصطفى محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وعلى صدقٍ مع الله، ومراقبةٍ له في الغيب والشهادة، وعلى إخراج وإبعاد ما خالف شرع الله ومسلك رسوله من جوالاتنا ومن تلفزيوناتنا، ومن وسط ديارنا، ومن سياراتنا، ومن أزيائنا، ومن معاملاتنا ومن أقوالنا وأفعالنا، لقد حلَّ في الكثير منها برامج أعداء الله بدل سنة محمد، برامج أعداء الله بدل المسلك الهدى والمرشد، يجب أن ننتهض ويجب أن نَصدُق ويجب أن نحكم الله ونحكم رسوله فيما يكون منا ويجري بيننا وهو القائل جل جلاله: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء:65] ورسوله القائل: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به" والقائل ﷺ: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحَبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين".

الدعاء وتلاوة آيات من سورة محمد

ارزقنا حبك وحب رسولك حتى تكون ورسولك يا ربنا أحب إلينا من أنفسنا وأهلنا وأموالنا ومن الناس أجمعين وارزقنا الاستسلام لشرعك، وما جاء به نبيك وثبتنا على ذلك، واسلُك بنا أشرف المسالك يا كريم يا قوي يا عزيز يا مالك، ورُدَّ كيد الفجَّار والأشرار، وأُلْطُف المؤمنين في جميع الأقطار وحُوِّل الأحوال إلى أحسنها يا عزيز يا غفّار والله يقول وقوله الحق المبين: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف:204]. 

وقال تبارك وتعالى: ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [النحل:98] أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَٰلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ * فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ*أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۖ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ * وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ * أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم) [محمد:1-14]. 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ثَبْتَنَا على الصراط المستقيم وأجرنا من خِزْيهِ وعذابه الأليم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدينا ولجميع المسلمين فاستغفروه إنه الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، حمدًا تستيقظُ به القلوب، وإلى ربها تُنيبُ وتؤوب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له علامُ الغيوب، بيده ملكوت كل شيء وإليه المرجع يحكمُ بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون، وهو الأعلمُ بما يسرُّون وما يُعلِنون (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50] (فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ*أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) [التين:7-8] 

وأشهد أن سيدنا ونبينا وقُرَّة أعيننا ونور قلوبنا محمدًا عبدُه ورسولُه، أَمَرَنَا أن ننبُذَ الأهواء والتفرُّقات واتباع كل ناعقٍ، والمشي وراء رايةٍ عُمِّية، وأمرنا أن نَتَثَبَّت ونَسْلُك مسلك الصدق مع عالم الظواهر والخفيات بإخلاص قَصدٍ وصدق نية، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك خير البريَّة الذي ما ترك بابًا من أبواب الخير إلا دلَّنا عليه ودعانا إليه، ولا بابًا من أبواب الشر إلا حذَّرنا منه ونهانا عنه، وقد بيَّن لنا الأمر كما أحببت على الوجه الذي أحببت فاجزِه عنا خير ما جزيت نبيًّا عن أمته ورسولًا عن قومه، وصلِّ اللهم وسلِّم عليه على عبدك المُختار سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار في دربه وآبائه وإخوانه من أنبيائك ورسلك وآلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المُقرَّبين، وعبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

الصدق والإخلاص لوجه الله

أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله وأحسنوا يرحمكم الله، وبِعَين الله تعالى كل من صدق مع الله وأخلص لوجهه في أي بقعة كان من بقاع الأرض، وكل من آثر الله ورسوله والجهاد في سبيله على نفسه وماله وعشيرته ومساكنه وتجارته، وكل ما سوى ذلك كل ما سوى الله ورسوله، والجهاد في سبيله بِعَينْ الله يرعاهم إن كانوا في جهاد وقتال يقصدون وجه ذي الجلال جل جلاله، يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا، يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا، وكل من أخلص لله في اجتهاده في نفسه أو في أُسْرَتِه أو في مُحِيطِه أو في ما حواليه أو في تطهير قلبه أو تنظيف عينيه مما حرم الحق فيه الخيانة والنظر إليه من كل ما حرّم النظر إليه (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [ النور:30]، وكُلُ مَن راقب الله في لسانه، وما يصدر من بين شفتيه، مستشعراً حقيقة (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق:17-18]، وفوق ذلك كُلِهِ وأكبر (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) [الزخرف:80]، (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق:16].

بِعَيْن رب العرش المخلصين لله، والصادقين مع الله رجالًا ونساءً صغارًا وكبارًا على ظَهْر هذه الأرض ممن آثر الله تبارك وتعالى واتبع مصطفاه، وقابل الابتلاءات بالنقص من الأموال والأنفس والثمرات، أو بشيء من الخوف بما شرع الله له وأحبّه منه على لسان رسوله من الصبر والثبات والثقة بالله، والإعطاء لأجل الله والبذل من أجل الله ودعاء الله والابتهال إليه.

أيها المؤمنون بالله (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ..) [البقرة:250] ويقول جل جلاله وتعالى في عُلاه فيمن جاوز النهر مع سيدنا طالوت عليه السلام:(فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ*وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ*فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ..) [البقرة:249-251] فهزموهم بإذن الله (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ *وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ*فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ*بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ)[آل عمران:146-149]

ولا بد أن تنتهي الأمور قرُبَ الوقتُ أو بعد، قصُرَ أو طال، أن تنتهي الأمرُ إلى أموري (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) [آل عمران:151]. 

أيها المؤمنون ولا بدَّ ثم لا بد أن تأتيَ أيامٌ يختبئُ فيها العُداةُ المُجرِمون المُعتدون الغاصبون الظالمون من اليهود وراء الأحجار والأشجار فَتُنَادي الحجر و يُنادِي الشجرُ يا مُسلم هذا يهودي ورائي تعالى فاقتُله، تُنادِي الأحجارُ والأشجارِ يا مُسلم لا تُنادِي يا حزبي ولا يا قومي ولا يا فلسطيني ولا يا عربي، يا مسلم، تُنادِي المسلمين أهل الدين أهل الصلة : يا مُسلم هذا يهودي ورَائِي تعالى فاقتُله، قال ﷺ:(إلا شجر الغرقَد فإنه صاحبُ اليهود)، واسْألوهم هم الآن يغرِسون كثيرًا من شجر الغرقَد في أماكنهم، ومهما غرسوا قَلّ أو كثر؛ فالوقتُ لابد أن يأتي كما قال الذي لا ينطِق عن الهوى صلى الله عليه وآله وسلم. 

من أسباب هزيمة الأمة ونصرتها

ولكن من كان تَمرُّ عليه هذه الأحداث وهو متخاصم مع قرابته ولا يريد أن يُصطلِح ولا أن يُرجِع؛ وما كأن الله أمره بأمرٍ، وهو سببٌ من أسبابِ ضياع الأمانة، وسببٌ من أسبابِ هزيمة الأُمة، وآخرُ وراء تتبُّع المناظر الخبيثة وما كأن في الوجود شيءٍ، الناسُ في شدائد والعُدوانُ في أوجِهِه وهو وراء المسلسلات والمناظر الخبيثات، ويلٌ لهؤلاء القوم، وآخرُ معتدٍ على أرض مسجدٍ أو أرض ميتٍ، أو أرض ورثةٍ، أو أرض حيٍّ ولا يُبالِي، وما كأن منبِّه نبَّهه ولا كأن قرآناً نزل، ولا كأن رسولاً بلَّغ ولا كأن أحداثاً تُعقِّله وتُنبِّهه، ويلٌ لهم، هذه الأحوالُ في الأمة هي سببُ الخُذلان هي سببُ الهزيمة، إنما يُنصَرون بطاعتهم لله ومعصِية عدوهم لله جل جلاله، فإذا عصُوا الله كانوا مثل العدو وانتصر صاحبُ السلاح والتكتكة، وصاحبُ المادَّة الحسيَّة والخديعة الحربية، ولكن إن تقابل أهلُ طاعة الله بأهل معصيته نُصِرَ أهلُ طاعة الله ومهما مكرَ أولئك فمع هؤلاء مكرُ الله (..وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال:31]، ومهما كادَ أولئك فمع هؤلاء كيدُ الله (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا* فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا) [الطارق:15-17]. 

كان مع النبي ﷺ أبو بكر الصديق والمُخلِصون الصادقون من المؤمنين وكانوا قليلاً، وكان أكثرهم مُستضعفًا بمكة، وعمل الكفر تخطيطه، وآمر الكفر خطَّته ليَقْضِىَ على رسول الله، وأنزل الله (إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال:30] جل جلاله وتعالى في علاه، ولما وصلوا إلى عند فم الغار الذي كان فيه رسول الله وصاحبه الصديق، جعل الله عنكبوتًا تنسُج في لحظتها على فم الغار فنسجت العنكبوت بيتها الذي هو أوهن البيوت فصُرِفوا به، فسبحان الذي يصرِف القوة بأضعف الشيء، عنكبوت بيتُ عنكبوت يصرِف قوة دولة الكفر جل جلاله وتعالى في علاه.

ابتدأ الحرب في أفغانستان من قِبل معتدين من الروس أيام إلحادهم وما استطاع بعض المُجاهدين أن يُوجِد ولا مسدساً واحد وابتدأوا بأحجارٍ وبجريدٍ وبعصي، ابتدأوا يُجاهدون وما هي إلا مُدَّة؛ اختار الله منهم شُهَداء ونصرهم، وإن أحدهم ليرمي بالحجرة في الدبابة الحديثة المُهيَّأَة للحرب فتنفجِر في محلها بحجرةٍ يرميها أحدهم يقول الله أكبر، وكم ظهرت من آيات، وما مرت مُدَّة إلا وعُدَّتهم أسلحة الروس التي اخترعوها وصنعوها حديثاً فكانت في أيَّادِيِهم. 

أيها المؤمنون بالله جل جلاله كم في الأرض من عِبَر، ومرَّت تلك الأيام وكان يُقتل جماعة من المسلمين وجماعة من جنود الروس فيأتون بعد أيامٍ ويجدون جنود الكفر قد انتفخت بطونهم ونتنت روائحهم ، وإذا باثنين أو ثلاثة من قتل من المسلمين لهم رائحةٌ طيبة وكأنما قُتلوا في هذه الساعة، وكم حصل أمثال ذلك هذا في عَصْرِنَا، أما على مدى العصور فكم قد حصل، لكن الاغترار بالتُرَّهات والبطالات وبالحضارات وبدول الشرق والغرب هو الذي ضيَّع الكثير من المسلمين ومن سمَّوا أنفسهم مُثقَّفين فعظَّموا غير الله، وخافوا من أصنام الطواغيت ومن أصنام الفجرة والكفرة ألا (..إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف:128] ولا عاقبة لغير المُتَّقين (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) [الحج:40] فانصر ربك في نفسك وحالك وأسرتك ومالك ومعاملاتك، وحَكّم شرع الله لتكون سببًا من أسباب النصر لأهل فلسطين وغيرهم.

الدعاء للأمة

اكشِف اللهم ضُرُّهم واحْمِ المسلمين أطْفَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَصِغَارَهُمْ وَكِبَارَهُمْ وأيِّد المُجاهدين بالإخلاص لوجهك الكريم، وإخلاص القصد لك وإرادة أعلى كلمتك، وأمكِّنهم في ذلك بتأييدٍ من عندك ونصرٍ يا قوي يا متين، وانظر إلى السودان وانظر إلى الشام، وانظر إلى اليمن، وانظر إلى بقاع المسلمين وأراضي المسلمين وبلاد المسلمين، وارفع عنها البلايا والآفات والشرور وإرادة غير وجهك والتقاتل على الدنيا وعلى المال وعلى السلطات وعلى السياسات الخبيثة، يا مُحوِّل الأحوال أنقِذ قلوبنا وأيقِظ قلوبنا ونوِّر قلوبنا وطهِّر قلوبنا، وارزُقنا الصدق والإخلاص واليقين والوفاء بعهدك الذي عاهدتنا إليه، وأداء الأمانة على ما تحبه وترضاه واجعل البركة لنا في أقوالنا وأفعالنا وأهلينا وأولادنا وذرياتنا وجميع حركاتنا وسكناتنا وزِدنا منك نوالًا وإفضالًا يا برُّ يا رحيم.

الصلاة على النبي ﷺ

ألا وأكثروا الصلاة والسلام على هاديكم وداعيكم حبيب الرحمن صفوة خلقه خاتم أنبيائه محمد بن عبد الله، صلوا عليه ليلًا ونهارًا سرًّا وإجهارًا، فإن رب العرش يُصلِّي على من صلَّى على هذا النبي مرة عشر مرات من فضله، وإنه القائل ﷺ: "إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة" وإن ربه رب العرش العظيم ابتدأ بنفسه وثَنَّى بالملائكة وأيَّه بنا معشر المؤمنين فقال مُخبِرًا وآمِرًا تكريمًا:(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]. 

اللهم صلِّ وسلِّم على الرحمة المُهدَاة والنعمة المُسدَاة، والسراج المُنير الهادي البشير النذير سيدنا محمد، وعلى الخليفة من بعده المُختار وصاحبه وأنيسه في الغار مُؤازِرِه في حالي السِعَةِ والضيق خليفة رسول الله سيدنا أبي بكرٍ الصديق، وعلى الناطق بالصواب حليف المحراب ناشِر العدل على قدم السنة والكتاب أمير المُؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب، وعلى مُحيي الليالي بتلاوة القرآن ومنفِق المال لوجه الله في السر والإعلان من استحِيت منه ملائكة الرحمن أمير المؤمنين ذو النورين سيدنا عثمان بن عفان، وعلى أخي النبي المصطفى وابن عمه ووليه وباب مدينة علمه إمام أهل المشارق والمغارب ليث بني غالب أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب، وعلى الحسن والحُسين سيدي شبابها الجنة في الجنة ريحانتي نبيك بنص السنة، وعلى أمهما الحُوراء فاطمة البتول الزهراء، وعلى خديجة الكبرى، وعلى أُمهات المؤمنين، وبنات سيد المرسلين، وعلى حمزة والعباس وسائر أهل بيت نبيك الذين طهرتهم من الدنس والارجاس وعلى أهل بيعة العقبة وأهل بدر وأهل أحد وأهل بيعة الرضوان وعلى سائر الصحب الأكرمين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

دعاء الخطبة 

 اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين اللهم أذل الشرك والمشركين وأذل الظلم والظالمين وادفع عنا وعن المؤمنين كيد الكائدين وشر المعتدين والغاصبين والظالمين، اللهم انظر إلى أهل غزة وإلى أهل فلسطين نظرةً من عندك ترفع بها راية الإيمان وترد بها كيد عَبْدَة الشيطان، اللهم حول أحوال المسلمين إلى أحسن الأحوال، وادفع عنا جميع الأهوال وارزقنا صدق الإقبال عليك في كل حال يا حي يا قيوم يا كريم يا وال، اللهم ثبتنا على الحق فيما نقول وثبتنا على الحق فيما نفعل وثبتنا على الحق فيما نعتقد، وارزقنا الوفاء بعهدك واتباع حبيبك الهادي إليك في جميع شؤوننا وأحوالنا ظاهراً وباطناً يا موفّق الموفقين، يا هادي المهتدين يا حي يا قيوم يا رحمن، اكشف الغُمة عن جميع الأمة وأَجْل الظلمة وادفع النِقْمَة، وحول الأحوال إلى أحسنها، وارزقنا بَذْلَ ما في وسْعِنَا للقيام بأمرك ونصرتك ونصرة رسولك مخلصين لوجهك الكريم، ثابتين على الصراط المستقيم يا علي يا عظيم يا رحمن يا رحيم يا الله. 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201] (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[البقرة:250] (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [آل عمران:147] (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)[الكهف:10]. 

اللهم إنا نسألك لنا وللأمة من خير ما سألك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، ونعوذُ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، وأنت المُستعان وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، واخصص بواسع الرحمات المتقدمين في مساجدنا، وفي ديارنا وبلداننا من أهل لا إله إلا الله، واجمعنا بهم في دار الكرامة وأنت راضٍ عنا يا أرحم الراحمين، واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات احياهم وموتاهم إلى يوم الميقات يا غافر الذنوب و الخطيئات.

عباد الله إن الله أمر بثلاث وينهى عن ثلاث (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [النحل:90] فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم ولذكر الله أكبر.

 

 

تاريخ النشر الهجري

07 ربيع الثاني 1445

تاريخ النشر الميلادي

20 أكتوبر 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

الاوسمة

الأقسام