كلمة في افتتاح الملتقى الرابع عشر بدار المصطفى بتريم
كلمة العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في افتتاح الملتقى الرابع عشر بدار المصطفى بتريم، ليلة الإثنين 23 ربيع أول 1442هـ، تحت عنوان: حسن توظيف الوسيلة للمقاصد الجليلة ( الإعلام أنموذجاً )
نص المحاضرة:
بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الحمدُ للهِ على توفيقهِ، وعجائبِ تسْييرهِ للوجودِ وأهلِه، وفي هذه العجائبِ ما كان أعْلَمنا على لسانِ مُعلِّمِنا مِن تغيُّر الأحوالِ، وتطوُّرِ الأطوارِ، وأسرارِ المُداولةِ (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)، إعلامُ الحقِّ لنا يُخبرنا أنَّ هذا التداولَ مُنطوٍ على حِكمَة.
سمعتم فيها كثيرا مِن كلام الحبيب أبي بكر، فيما مَرَّ بِنا في خصوصِ الإعلام المؤثِّر على كثيرٍ مِن شؤونِ الحياةِ، وأنَّ ذلكَ يمرُّ بمراحلَ لا يستطيعُ صاحبُ الرَّأي.. وصاحبُ القُدرةِ.. وصاحبُ المحتوى.. وصاحبُ الوَعْي.. صاحبُ الفَهم أنْ يُفصِح عن ذلك، أو أنْ يُبيِّنَه، أو أنْ يجدَ مَن يسمعُه.
وسمعتُم في كلامهِ أنَّ بعضَ الأحوالِ مرَّت علينا عَقدُ مثل هذا المجتمع جريمة!، أو: "ناس يتدخَّلون فيما ليس مِن شأنهم؛ ما دخلُ هؤلاء العلماءِ والصُّوفية والتربويين في الشريعةِ وفي الإعلام؟، الإعلام مُلكٌ لأهل الظلام، الإعلام مُلكٌ لأسوأ الخلائق في الدنيا، ما لهم حق فيه"، كانت هذه النظرة موجودة!!، اليوم نرى أمامَنا مِن الإعلاميين ومِن غير الإعلاميِّين أنَّا محتاجون لأنْ يدخلَ هؤلاء إلى هذا الميدان وإلى أن يقتحموه، تهيئةً مِن الحقِّ جل جلاله وتعالى في عُلاه، الذي أرشدَنا إلى شؤونِ التوجُّه في هذا الإعلام مِن خلال: (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا)، ومِن خلال: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ).
(أَذَاعُواْ بِهِ): استعملوا وسائلَ النَّشرِ التي عندَهم، والإذاعةُ بأنواعٍ مِنَ التَّهويشِ والتَّغبيش، (وَلَوْ رَدُّوهُ) يعني المسْلَك الصحيح للإعلام: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ)، أولي الأمر منهم في هذه الآية بإجماع المفسِّرين ليسوا الحكَّام؛ أولي الأمر في هذه الآية المرادُ بهم العلماء، (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) أهلُ الاستنباطِ مِن هؤلاءِ العلماءِ هم أولوا الأمر سَيُبدونَ لهم الحقيقة، ويكشفون لهم اللِّثامَ عن كلِّ المغالطات، وكلِّ الإيحاءات الكاذبات المصوِّرات للأمرِ على غيرِ وجهِه، حتى أُصِبنا بمثلِ هذا.
سمعتم الحبيب أبابكر يقول لما وقفَ موقفَ شرفهِ وديانتِه؛ الذي هو في مصلحةِ المرأةِ ومصلحةِ الرَّجُل ومصلحةِ الصغيرِ ومصلحةِ الكبير، ومصلحةِ المسلم، ومصلحة الكافر بيقينٍ عندنا واعتقادٍ جازم، لكن تأثير هذه المنشورات على العقول قالوا: أنت ضِدَّ المرأة!؟
لا أدري من ضِدُّ المرأة؟ هل الذي ساقَها إلى أنْ تكونَ متاعاً يُلعب به؟! أو ضِدُّ المرأة مَن عرَف مقامَها ومكانتَها!!، وهل ضِدُّ المرأة خالقُها الذي قال: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)، أو ضِد المرأة الذي يقول: "أبعِدُوا التعقيدَ حقكم؛ دعُوا المرأةَ تختلِط بالرجال"!!، من هو ضدُّ المرأة في الحقيقة؟! ضدُّ المرأة هذا الذي دعا إلى السُّفور وإلى الاختلاط.
أما مسائل عمل المرأةِ أو قيامها بواجبِها في الحياة فموجودٌ في حياة النبوَّة وفي حياةِ الأنبياء السَّابقين؛ لكن بالضَّوابِط الشرعية، التي هي أرفع شأناً مِن أعلى مستوى للعقلِ الإنساني ينتهي إليهِ الإنسان بعقلهِ المجرَّد، العقلُ حاسَّةٌ كحاسَّةِ السَّمعِ والبصَرِ لها حدٌّ لا تتجاوزُه، لا يجوز أنْ تتحولَ إلى إلَه، ولا يجوز أن تتحولَ إلى معبودٍ مِن دونِ الله جل جلاله وتعالى في عُلاه، فمَن هؤلاء الذين يُخرجون لنا الضوابطَ مقابلَ ضوابطِ خالقِ الكَونِ والإنسانِ وما في الكَوْن، والأعلم بكلِّ شيء جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه.
(وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا) لماذا أنتنَّ هنا جالسات وحدَكن؟!، (قالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء) لأن هناك رجال يستقون فلا نختلط بهم، نحن سنستقي ونؤدي مُهمَّتنا ونقوم بحاجةِ بيتِنا، وما أحَد عندنا رجُل يُزاحِم هؤلاء فخرجنا (لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) خرجتِ المرأةُ (فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) وأسألكم: ربُّ العرشِ لما قال: (عَلَى اسْتِحْيَاء) أيريد أن يستهزئ ببنتِ شُعيب أم يُمجِّدُها؟!، أيريدُ أنْ يَحُطَّ منزلتَها أم يكرِّمها؟! أأرادَ أنْ يحتقِرَها أم يُعظِّمَها؟! عظَّمَها بقولهِ: (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ).
هذه العظمةُ صارت عاراً! صارت عيباً عند بعض العقلِيَّات!!، مبني على ماذا؟ الإشكال أنه لما جيءَ له بالغِش والغَبَش أخذَها كأنَّها مسألة مُسَلَّمة، ولو أنصف دقائقَ لعِلمَ أنه على عار، على عيب هو في نفسِه، قائم على غيرِ أساس، قائم على غيرِ شيء.
بحمدِ الله تباركَ وتعالى تهيَّأ السبيلُ لأنْ نلتقي مثل هذه الملتقيات، ونرجِع إلى حقيقة: أقيمُوا محمداً في مكانِه، سلِّموا له الإعلام.. يذهبْ ظلامُه، تذهب شرورُه، تذهب آفاتُه، ويبقى لكم خيرُه، يبقى لكم بركته، يبقى لكم إيجابيَّتُه، يبقى لكم نورُه وسِرُّه، سلِّموا له الأُسَر، سلِّموا له البيوت، افْسَح له المجال عندك، (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ).
في تسليمِنا لهذا الإعلامِ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقةِ؛ الذين اكتسبوا الخِبرةَ في شئونِ الإعلام بمختلفِ أنواعِه نحنُ نحتاجُ إليهم مِن أجلِ تطبيقِ ما فَهِمنا عن الحقِّ ورسوله، وإنزالِه إلى واقعِ الأمةِ مِن خلال ِهذه الوسائل، فنرجع إلى ما أرشدنا القرآن: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ) لم يستعجلوا بالإذاعة لا في الخوفِ ولا في الأمنِ (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)؛ لأنَّ الذي أصابَنا في الفتراتِ الماضيةِ أنهُ وإن وُجِدَ شيءٌ مِن الخيرِ في كثيرٍ مِن وسائلِ الإعلام هنا أو هناك لم تكتملْ صورتُه مِن حيثُ التأسيسِ والنيَّة إلى استكمالِ التنفيذِ والأداءِ إلا في تلك الأجزاءِ القليلةِ الفَرْدية، وسمعتُم تأثيرها.
وسمعتم أحدَ إخواننا الذي جاؤوا أنه قال: لولا سماعُه لدروس الحبيب أبي بكر وما عنده لكان مُشعشعاً في ذهنه مِن إعلامٍ - ليس شرطاً إعلام الوسيلة- مِن إعلام والجُلساء، مِن إعلام المتخابرين بينهم مِن بين الناس أنَّ المنطقةَ منطقة شِرك وكُفر وعبادة قبور، لا فيها علم ولا فيها قرآن ولا فيها سُنَّة، ولا فيها شيء مِن ذا الكلام!!، عَشْعَشَ في ذهنهِ وكادَ أنْ يُصدِّقَه!، وليكن إذاعةً صحيحة قويمةً رُدَّت إلى الرسول وإلى أولي الأمرِ، بنفسك تنظر هذا الذي غبَّشك سنين وصدَّقته قائم على كذبٍ على غيرِ واقع، على غير حقيقة.
نَفْسُ المشكلة عندنا أمور كثيرة مُغَبِّشة في أذهان نسائنا ورجالنا لا حقيقةَ لها، لا أصلَ لها، لا واقِعَ لها، تماماً كما مثل القرآن في إعلامه عن العَلَّام: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
وأقول: مواطنُ الكفرِ اليوم، والتي استخدَمت الإعلامَ وغيرَ الإعلام مِن الوسائل لما ادَّعتهُ مِن تقدُّمٍ وتطوُّر تجني ثمارَ هذا الانحراف في واقعِ مجتمعاتِها، وواقع علائقِها بينها بين؛ الأُسَريَّة والفردية والاجتماعية، تُعاني مِن هذا معاناة، وربما مِن المسلمات ومِن غيرِ المسلمات مَن استفادت استنقاذَ نفسِها مِن ورطةٍ، أو مِن مُنحدرٍ كانت سَتنحدِرُ إليه بسببِ شيءٍ في وسائلِ الإعلامِ جاءَ مِن طريقِ المسلمين، مِن طريقِ أحَدٍ مِن المسلمين.
ولكن لما استُخدِم بما يُسمى بـ"الإعلام الديني" مُلطَّخاً بالصراعِ السياسي أو المادِّي أو الشُّهرة وما إلى ذلك ما تمَّ إعلام دين على وجهه أبداً أصلاً، الدين لا يَصْلُحُ إلا يكون خالصا (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)، إذا بانشتغل في معالجة بإعلاميَّة وغيرها لصلاحِ الأمة ولنا غرَض كرسي، أو لنا غرَض شُهرة، أو لنا غرَض كسبُ مال، مِن أول الخطوات نحن فاشلون؛ لن ننجح، ولن نصل إلى الغاية؛ لكن: (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) إذا أخلَصنا لوجههِ وكان قصدُنا هو قبل كلِّ شيء، وقُمنا بيقينِنا وصدقِنا وقوَّةِ اعتقادِنا أنَّ الحقَّ ما قالَه الله ورسولُه
أرانا الهدى بعدى العمى فقلوبُنا * به موقناتٌ أنَّ ما قال واقعُ
حينئذٍ يأتي الأثرُ الكبير، مع ما هو في واقعِ الأمرِ مِن تحدٍّ كبير كما يَشعُرُ الكل؛ ولكن هذا التحدِّي الكبير إذا هيَّأ اللهُ له صدقاً وإخلاصاً مِن أحَد أدَّى نتائجَ عجيبةً فوقَ التصوُّر.
وأقول لكم أيضاً: إنَّ إعلامَ الظلام استفحلَ في سنينٍ مرَّت علينا كثيرة، صار حتى ما يُقام باسمِ الدِّينِ لا يخلو في نهايةِ سياستِه إلى أغراضٍ مُتعلِّقةٍ بالسُّلطة، أو متعلِّقة بالحزبيَّة، أو متعلقة بالصِّراع، أو متعلقة بالرَّغبة في المالِ، وهذا الذي أفْسدَ علينا إعلامَنا الديني، وما يصلحُ منه إلا ما كان خالصاً لوجهِ الربِّ جلَّ جلاله وتعالى، لا يقبلُ مِن أحَد إملاءً وإلا إيحاءً ولا إغراءً ولا تهديداً، بهذا الأمرِ يوصلُ إلى النتائج.
كان مِن التَّأثيرِ الإعلامي العملي: سيدنا خالد بن الوليد سيف الله، أكل في مائدةٍ معه كبارُ القومِ مِن الكفارِ لما جاءَ يحاورهم، سقطت لقمةٌ مِن يدهِ حملها وأماطَ ما بها مِن أذى وأكلَها، لما خرج قال له بعض الذين معه: يا خالد أمامَ هؤلاء القومِ والقادةِ لو تركتَ اللقمة؟!، قال: سُنَّة مِن سُنن رسولِ الله أتركُها لهؤلاء الحمقى؟!!، صَدْرُ خالد كان مُصفّىً، عرفَ الحقَّ وعرفَ الحقيقةِ، ما كان لتستحوذَ عليه سُلطة، ولا تستحوذ عليه بَهْرجة مُلك ولا شيء مِن هذه الظواهر، الرُّجل قد تحرَّر، صار عبداً خالصاً لله، قال: سُنَّة مِن سُننِ رسولِ الله الذي أرسلَه اللهُ إلي أأتركها مِن أجلِ هؤلاءِ الحمقى الذين جهلوا آخرتَهم وجهلوا بدايتَهم وجهلوا خالقَهم جلَّ جلالُه، فمتى أوازيهم بواحدٍ ربِّ العرش أرسلَهُ إلي، وهم مَن أرسلَهُم إليَّ هؤلاء حتى أوازيَ استحسانَهم باستحسانه؟ أو اشمئزازَهم باشمئزازه صلى الله عليه وسلم؟ فالوزنُ راجعٌ إليه، هو الذي جاء بالحق (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ).
إنَّنا بإعلامِنا الأول في تربيةِ الأولاد سنصلُ إلى خيرٍ كبير، أعرف بعضَ أطفال مِن قبل بضع وثلاثين سنة كانت أسرتُهم تُبيِّن لهم أنَّ هذه الوسيلةَ أي التلفاز تحمل أضراراً كثيرة للناس وفيها مفاسِد ، وتعرفون قبل بضع وثلاثين أن التلفاز كان هو المسيطر الأول، قبل النِّت وما إلى ذلك، وكان له إشاعات وله رغبة عند الناس، كان أطفال هذه الأسرة إذا دخلوا بيتاً مِن بيوتِ من يزورُهم أهلُهم أو أقاربُهم وهم مشغل هذا التلفاز يذهب الطفل الصغير الذي لم يعرف الكلام ليغلقه، أو يجلِس ويجعله وراءه، الآن كبروا ، وهم بهذا السِّن لا عُقَد ولا فشل، هؤلاء الأطفال الذين كانوا بهذه المثابة ناجحين في أسرِهم، ناجحين في أعمالهم، حياتُهم طيِّبة، وأحوالهم حسَنة، وراحتهم في القِمَّة، وهذا مثال مِن الأمثلة.
مَن الذي قال لنا عن التعقيد أنه يأتي باسم الدين؟ مَن الذي أوحى لنا بهذا الوحي؟!، المسألة مغلوطة مِن أصلِها؛ التعقيد في الإفساد، التعقيد في التمرُّد على الجبار، هذه العُقَد الخبيثة التي كيف تحلُّها، وإذا وقع الإنسان في ورطتها ما الذي يخلِّصُه منها، أما أنْ يُهدَى إلى منهجِ ربٍّ والله ما هذه بعُقدة، ولا هذا إلا فتحَ بابِ وعيٍ وإدراكٍ وَفَهْمٍ.
فلْنَخْرُج مِن كثرَة ما أوحَوا إلينا، حتى صدقه الناس، ويقولون: كثِّر مِن الكذب حتى يصدقَّك الناس!!، يكذب يكذب ويصدقونه، في قضية يتكلم ذا وذا عنها فيصدقونه، وهي كذب ما لها أصل مِن حقيقتها!، ولكن إذا رجعنا إلى فتحِ قنواتِ الوحيِ والتنزيل وخبرِ النبيِّ الجليل فالحلُّ لمختلفِ المشاكل موجودٌ عند مَن ائتمنَه الله على إنقاذِ عبادِه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لكن وَعْيُنا لها وإدراكُها وتنزيلُها على الواقِع هذا الذي نرجو مِن الله أنْ يُهيِّء لنا أسباباً فيه، ونؤدِّي فيه دوراً وواجباً، وإن انتفضت غُباراتٌ عن كثيرٍ مِن عقولِ إخوانِنا المسلمين، وعامَّة العُقلاء مِن بني آدم فيما كان يُطوى عليهم مِن مغالطاتٍ في الإعلامِ السياسي وفي الإعلامي الاجتماعي وفي الإعلام الاقتصادي، وفي مُختلفِ أنواعِ الإعلام كانت تنطوي عليهم حِيَلٌ كثيرة، وأظن أنَّ شيئاً مِن الشعور بدأ يَدِبُّ عند العقلاء أن هذا ليس بصحيحٍ، ويجبُ أنْ نراجِع أنفسَنا ونراجِع حسابَنا.
وهناك استعدادٌ كثيرٌ عند كثيرٍ مِن إخوانِنا الإعلاميين وغيرهم الذين يحبون أنْ يخدموا الدين ويخدموا الشريعة، وإذا فُسِح لهم المجال فنحتاج إلى إقامةِ مركز إعلامي ، ونحتاج إلى جلسات مع الإعلاميين خاصة تتم إنْ شاء الله تبارك وتعالى في خلال هذه الأيام وما بعدها، والأمر مِفتاح له ما وراءه، ورجائي أن يكون هذا مربوطاً بمُراد الله تبارك وتعالى فيما يأتي مِن إعلامٍ مِن عنده مِن فوق، يغطِّي به ظلماتِ الإعلام الأرضي بكلِّه، بشاهد قوله: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)، تأملت (لِيُظْهِرَهُ)؟، هذا إعلام مِن فوق يجي، (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ)، وإذا جاءت (لِيُظْهِرَهُ) هذه .. إذا جاء نهرُ الله بطلَ نهرُ مَعْقِل، وظهرَ هذا الأمرُ، وعُرِفَ الدجلُ كيف هو.
معنا وصية مٍن النبي صلى الله عليه وسلم عندما يأتي الدجال الكبير، فما يقول لك إنه نار هو جنَّة ادخل فيها.. ادخل، والذي يسميه جنة هو نار، قلَّبوا الحقائق، عكَسوا الأشياء، وهذا أيضاً وظيفةُ مَن قبلَه مِن الممُهِّدين له مِن أنواع الدجاجلة، يُسَمُّون الأشياءَ بغير اسمها، ويصوِّرون الأشياءَ على غير تصويرها، فهل لنا أنْ نعْقِلَ ونُنصِف مِن أنفسنا وننصف لعباد الله، وننصف للإنسانية والبشرية، وننصف للفطرة مِن خلال نورانيَّة ربانيَّة رحمانيَّة مِن قِبَل الذي خلَق العبادَ وهو أعلمُ بهم، وهو أرْحَم بهم مِن سِواه (قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ) جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه.
لقاءات مباركة طيبة إنْ شاء الله، وافتتاحُ خيرٍ، وإنْ شاء الله بالتواصل مع أحبابِنا الإعلاميِّين، ومع الحبيب أبي بكر، ومع الدُّعاة، بدايةً يفتحون مِن خلال هذا الافتتاح وهذا الملتقى موقعاً في مواقع التواصل، نريدُ نسمعُ رأي ذا ورأي ذا؛ لنستخلصَ مِن ذلك ما يتفق مع الضوابط الشرعية والأصول، ولنبدأ بخطواتٍ عملية إنْ شاء الله، فيمكن الآن يُستحدث موقع خاص لهذا الغرض، وسيكون هو مِن جملةِ نواة المركز، ونُجَمِّع فيه أرباب الغَيرة والذين بقي الخيرُ فيهم، والخيرُ كثيرٌ في الأمة، وإنْ كان غُشيَ على أبصارِ الكثير وانخدعَ الكثير، لكن الخير كثير في الأمة وباقي في الأمة، وسيُظهِر الله نبيَّه ودينَه على الدِّين كله.
ثبَّتنا الله، وجعلنا وإياكم مُتواصِين بالحقِّ والصَّبر، إنه أكرمُ الأكرمين وأرحمُ الراحمين.
26 ربيع الأول 1442