فوائد من محاضرة: منزلة المكلفين على ظهر الأرض أمام خطر المستقبل الأدوم الأخطر
العلامة الحبيب عمر بن حفيظ:
القلوب الموجودة على ظهر الأرض التي تستجير بالله من ناره، وتخاف من عذابه، وترجو رحمته؛ وحدها هي المُهيّأة للسعادة ولنيل الحسنى وزيادة! ولا يَصِل أحد إلى الدخول في دائرة هذه القلوب؛ إلا بـشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ﷺ.
الحديث عن المستقبل الأكبر يفوق ويعلو كل حديث عن الاقتصاد، وعن السياسة، وعن القوى العسكرية والاجتماعية، وعن ما يدور في هذه الحياة الدنيا، والله العظيم هذا أعظمه! ولن يتحسَّر أحد على أنه ما سَمِع خبر عن القوى الفلانية والسياسة الفلانية؛ ولكن يتحسَّر إذا لم يُصغِ لمثل هذا الكلام وينتبه له، الحسرة كلها فيه، (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ).
كُل مَن بلغته الدعوة فلم يستجِر من عذاب الله، ولم يُبالِ بغضب الله وسخط الله، ولم يستعِذ من نار الله، ولم يَرجُ ما عند الله؛ فهم بلا شك من أهل النّحس وأهل السوء، وأهل العذاب وأهل الخسران المبين، وأهل الهلاك المؤبَّد! كل مَن كان مِن هذا الوصف إن سمّوه غني وإن سمّوه فقير، إن سمّوه رئيس وإن كان مرؤوس، إن سمّوه وزير وإن سمّوه مُتقدم.. مِن كل مَن بلغته دعوة الله فأبى واستكبر!
أصلِح شأنك مع هذا الذي لا مُعَقِّب لحُكمِه؛ تَسْلَم من الندامة، تَسْلَم من الحسرة، تَسْلَم من الهلاك المؤبّد! ولا تغرّك نفسك ولا أحد على ظهر هذه الأرض، يغرك بمال، يغرك بسلطة، بشيء من الفانيات! ما أحقرها، ما أتفهها، ما أقرب سقوطها، ما أقرب فناءها وزوالها! ثم خسران الأبد تشتريه بماذا؟ هلاك الأبد تشتريه بماذا؟ من أجل مُرَتَّبَات يعطونك في الدنيا تشتري هلاك الأبد؟!
يا أيها المؤمن بالواحد الأحد: لا نجاة لك غير صِلَة قوية صحيحة بهذا الإله، وهذه الصلات تُعطى بالفضل من الحضرة الإلهية، ويَكثُر عطاؤها في مجالس العلم والتذكُّر والذكر والتذكير.
مجالس التذكيرِ ** عديمة النظيرِ
فيها من التنويرِ ** للسر والضميرِ
ما ليس في كثيرِ ** من طاعة القديرِ
الله يُعَرِّفنا قدر هذه المجامع، ويجمع قلوبنا فيها عليه.
قال ﷺ: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لِمَا جئتُ به"، فنَتَفَانَى في خدمته؛ خدمة شريعته، خدمة سُنَّتِه، خدمة دينه، خدمة أهل بيته، خدمة صحابته، خدمة أمته، قاصدين وجه الله، طالبين لِمَا عند الله تعالى، موقنين بلقاء الله والمرجع إليه.
اللهم اجعل في مُجرِيات هذه الأحداث في العالَم تذكرة وتبصرة لنا ولكل مؤمن على ظهر هذه الأرض؛ حتى نطلب الصدق معك والوفاء بعهدك، والاتصال بحبيبك ﷺ، والاقتداء به في جميع شؤوننا؛ مُتحرِّرين عن أهوائنا وشهواتنا وأفكارنا، وعن التبعية لضال، وعن التبعية لمفتونٍ بهذه الحياة الدنيا ومظاهرها.
اللهم مددنا أيدينا إليك، والحال لا يخفى عليك، تدارك الأمة، أغِث الأمة، أصلِح الأمة، اكشف كروب الأمة، ادفع البلاء عن الأمة، عجِّل بكشف الشدائد عن أهل غزة وعن أهل فلسطين، وخُذ بأيدي المسلمين في سوريا وبقيَّة الشام وفي اليمن والشرق والغرب.
____
محاضرة مكتوبة للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ بعنوان:
منزلة المكلفين على ظهر الأرض أمام خطر المستقبل الأدوم الأخطر وحقائق عواقبهم
ضمن سلسلة #إرشادات_السلوك، ليلة الجمعة 12 جمادى الآخرة 1446هـ
لقراءة المحاضرة كاملة أو الاستماع:
لتحميل المحاضرة (نسخة إلكترونية pdf):
04 رَجب 1446