(228)
(574)
(536)
(311)
أرسل الله إلينا الصفوَة والسيد القُدوة والحبيب النَّقْوَة، سيد المرسلين وخاتم النبيين وشفيع المذنبين، موصِل الخلق إلى الخالق ربِّ العالمين؛ كُنَّا به خير أمة، تمَّت به النعمة، اندفعت به النِّقمة، عظُمَت به المِنَن، زاحت به الفِتن.
شاء الله أن نحيا وعلى الأرض من المسلمين أعداد ولا ينقطع عنهم الفيض والإمداد، وأوجد الله لنا وبين النور الأكبر والحبيب الأنوَر والسيد الأطهر ﷺ؛ سلاسل قوية من الإسناد، فيها خِيَار من خيار من خيار من الأمجاد؛ تسلسل النور فيهم بقوة وسلكوا مسلك الصدق والفُتُوَّة، فكانوا محلَّ إرث النبوة.
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الكتاب في عظمته وجلاله إنما يتحقق حفظه بين الناس لا بِمُجرَّد حفظ ألفاظه ولا بالأوراق ولا بالحروف؛ ولكن حفظه بإشراق أنواره في صدور، قال عنها العزيز الغفور: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ).
لم يكن حفظ السنة بِمُجرّد حفظ الألفاظ والكتب؛ ولكنها أنوار أشرقت من نور البيان لتنزيل الرحمن، في قلوب أهل ذلك الصدق من خيار الخلق.
رأينا على ممرِّ هذه القرون بكل ما فيها مِمّن يَكفرون ويَجحدون ويُلحدون ويُفسدون؛ لم يُستطع مَسُّ حصن الأمين المأمون، ولم يزل وعد القوي المتين له قائم، وفيض الجود مُنسجمٌ على المتصلين من المسلمين والمؤمنين.
كان من انتشار هذا النور مجمع عُقِدَ لكم في هذه الرِّحاب؛ مُتّصِل أقوى الاتصال بذلك الجناب، وبواسطة السند الشريف الكريم المليء بالأنجاب والأقطاب، وصار مجمعاّ تجتمع عليه قلوب إنس وجان، وتلتفُّ حوله الأعداد المؤلَّفة من ملائكة الرحمن، وصار مظهر هداية من هدايات الإله الهادي؛ بوجاهة نبيه الذي جعلهُ في الخلق أكرم هادي.
(وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) تبَّاً لمن يظن أن غير صراط الله ينتصر على صراط الله! أو يقهر صراط الله!
(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) أعظِم به من صراط؛ لا زيغ ولا اختلاط، ولا انحراف ولا اختباط، ولا شيء مِما هو عيب أهل الانحراف وأهل التكذيب بما أنزل الرحمن على قلوب أنبيائه النِّظَاف! صلوات الله وسلامه عليهم.
يا مُقلِّب القلوب والأبصار ثبِّت قلوبنا على دينك، لا تدع حاضراً ولا ناظراً ولا سامعاً إلى المجمع إلا كتبتَ تثبيت قلبه وقدمه على الصراط المستقيم!
انظر كيف تُعامِل عالم السر والعلن، وبأي خِلعة تخرج من المجلس أو من سماع هذا المجلس؟ حيثما كنت! فإنَّ فيه نفائس الخِلَع والجود الواسع من حضرة الرَّب الذي إذا تكرَّم بالمغفرة لم يُغادِر ذنباً ولم يدع!
كان من مظاهر حفظ الكتاب والسنة مَجلى: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق"، ولهم مظاهر في شرق الأرض وغربها، ومنها ما أشارت إليه يد النبوة في إحدى مظاهرها؛ مِمن يُثبِّت الله قلوبهم: "في أكناف بيت المقدس" قوَّاهم الله وكثّرهم، وعمَّم هذا النور في المسلمين الموجودين في تلك المنطقة خاصة وفي جميع المناطق عامة.
كان في مظاهر الحفظ من الله للكتاب والسنة وما جاء به العِصمة من كل فِتنة ﷺ: "يحمل هذا العلم من كل خلَفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المُبطلين وتأويل الجاهلين"، وكان من امتداد سر هذا الحفظ ما قال: "ليجدنَّ ابن مريم في أمتي قوماً مثل حوارييه"، الحمد لله على هذه المِنَن.
يَا حاضر ويا سامع ويا ناظر: خُذ نصيبك من جود مولاك، وعطاء إلهك سبحانه وتعالى الذي عنده فوق رجاك ومبتغاك، إنه الله ملك الأملاك، ومدير الأفلاك، هو المُنجِي من الهلاك كُل من صدق معه من السُّلَّاك!
اللهم وَفِّر وكثِّر أهل علم اليقين، وأهل عين اليقين، وأهل حقِّ اليقين، في زمننا وأهل زمننا، اخصُصنا بأنوار علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، وارزقنا كمال التمكين في كل مقام من مقامات اليقين.
________
اقرأ: محاضرة مكتوبة للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ بعنوان:
حقائق حفظ الله لكتابه وعجائب امتداد نوره من حبيبه إلى السعداء في الأماكن والأزمان
ضمن سلسلة #إرشادات_السلوك، ليلة الجمعة 29 ربيع الثاني 1446هـ
لقراءة المحاضرة كاملة أو الاستماع:
لتحميل المحاضرة (نسخة إلكترونية pdf):
09 جمادى الأول 1446