فوائد من محاضرة: المستقبل الأعظم وأثر الأسر والصحبة في الدارين

العلامة الحبيب عمر بن حفيظ:

الحِرص على الهداية والتربية من الآباء والأمهات هي مسؤولية كبيرة عظيمة جليلة، وآثارها كبيرة!

  • - كم بإهمالها ارْتَدَّ مسلم إلى كافر! كم بإهمالها خرج من بيوت الصالحين فاسق ومجرم! كم بإهمالها امتدّت يد عدو الله إلى داخل بيوت الأخيار والصالحين!
  • - ولكن بالاهتمام وبالتربية وبالانتباه؛ كم حَفِظ الله من سِرِّ اتصال، وكم سقى من كأس وصال، وكم رقَّى مِن مراقٍ عوالٍ!
الصورة

 

(رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا)، اللهم فاجعل في قلوبنا من الإيمان ما جعلته في قلوب الذين قالوا قبلنا من صحابة النبي ﷺ وأهل بيته وخواصِّ أتباعه (فَآمَنَّا)؛ حتى نتَرَقَّى في علم اليقين وعين اليقين وحَقِّ اليقين، إلى أعلى مراتب كل مسعود محبوب.

وجب علينا أن ننتبه من هذه الحصون: حصون الأُسَر، وحصون الجلساء، فإنَّ مَكْرَ وكيد إبليس في إغواء الخلائق مرتكز على هذه المواطن، وهذا الإهمال والإغفال من قِبَل الأُسَر والآباء والأمهات، وإهمال اتخاذ الأسلوب الحَسَن اللائق في تعليق قلب الابن والبنت؛ بالله وعظمته، وبرسول الله ومكانته، وحقائق شرفه وقدره ومنزلته، وشرف الانتماء إليه والاقتداء به ﷺ، واليقين بحياة الأبد والبقاء والدوام، حياة الآخرة، اليوم الآخر وما وراءه من دوام واستقرار إمَّا في الجنة وإما في النار، يجب أن تعمل الأُسَر على سَقِي قلوب وأفكار وعقول أولادهم بهذه المعاني.

الصورة

 

ربما صاحَب ولدك سيئاً قبيحاً بعيداً، ليس له وجود في بلدك من حيث جسمه، ولا في قطرك ولا في دولتك.. ولكن عبر هذه الأجهزة، موجود في موطن بعيد ولكن كان صاحبا بفكره الخبيث، وبتصويره السيء المعكوس، وبطرحه المقلوب المسموم.. كان ولدك رفيقا له وصاحبا له وهو في بلد بعيدة منه والعياذ بالله! فالله يحفظنا وأبناءنا وبناتنا ويصوننا.

يا أرباب العقول في شرق الأرض وغربها: أيَطِيفُ بِخَيَالِ أحدكم أنَّ مُكَوِّن السماوات والأرض أهمل العُقَلاء المُكلفين من الإنس والجن بلا بَيَان؟ بلا هدى؟ بلا إرشاد؟ بلا رسالة؟ بلا نبوة؟! لنأتي ويتَّخِذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله؟! وليَخرج من بيننا أشقانا وأبعدنا عن الله تعالى ليقودنا وليصير إماما لنا! أهذا لائق بحكمة الحكيم؟! أهذا متوافق مع عظمة العظيم؟! لا والله!

ليس في شرق الأرض وغربها قدوة يجب أن تُتَبَّع خيراً ولا ذَاتِ حَقٍّ؛ غير قدوة الأنبياء والمرسلين وخاتمهم الأمين سيدنا محمد ﷺ! ولا وصول لنا إلى تلك القدوة إلا سلاسل إسنادنا إليه؛ من حَمَلَة سِرِّه وسُنَّتِهِ؛ جيلا بعد جيل وزمنا بعد زمن وقدما على قدم.

و: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق"، و"يَحمِل هذا العلم من كل خَلَفٍ عدوله"، و"ليَجِدَنَّ ابن مريم حين يخرج إلى الأرض من أمتي قوما مثل حوارييه"، يؤمنون بالله ورسله، وينصرون الله ورسله، ويبذلون الأموال والأرواح من أجل الله، على مسلك رُسُله صلوات الله وسلامه عليهم.

الصورة

 

(حَتَّىٰ إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) كُلُّ مَن خَالَفَ منهج الله الذي أنزله على رسله؛ بفكر أو سلوك أو تصرف أو معاملة؛ بئس القرين! إن كان فرداً وإن كانوا جماعة، إن كانوا شعوباً وإن كانوا دولاً؛ بئس القرين! ما أخبثه من قرين! ما أسوأ حاله من قرين! إن قارنتهم فسوء المصير لك ولهم!

 في مجالس الذكر حياة للقلوب، ورَبْطٌ بالحياة التي بُعِث بها طبيب القلوب،  (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) أي حياة هذه؟ حياة الزخارف والمظاهر مع خراب البواطن؟ ومع الغش، ومع السوء، ومع الكدر؟

(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة) فَنِعْمَ الحياة الطيبة حياة أتباع الأنبياء بصدق؛ وكُلُّ مُكَلَّفٍ بلغته الرسالة يستطيع أن يدخل في هذه الحياة التي يحيا صاحبها على تقوى الله، وعلى خشية الله، وعلى محبة الله، وعلى رجاء الله، وعلى الصدق مع الله.

الصورة

 

(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا) يا ربنا لا تجعل حاضراً معنا ولا مستمعا لنا ولا مشاهداً لمجمعنا ولا مواليا؛ إلا فيمن يُسَاقُ إلى الجنة مع المتقين زُمَراً إذا سِيقَ الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زُمَرا، ونسألك أن تجعلنا في زمرة حبيبك زين الوجود، الحامد المحمود، صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، سيِّدِ أهل الشهود.

الصورة

 

يا ربَّ المشارق والمغارب، يا دافع المصائب، يا كافي النوائب، يا واحد يا أحد، يا فرد يا صمد: إليك توجَّهنا، وإياك قصدنا، وعليك اعتمدنا، وأنت ملاذنا، وامتدت أيدينا بفضلك منك إليك، مُتَذَلِّلينَ خاضعين خاشعين، يا حيُّ يا قيُّوم عجِّل بالنصر للمسلمين، يا حي يا قيوم رُدَّ كيد المعتدين الظالمين الغاصبين، الفاجرين الكافرين، ولا تُبلِّغهم مُراد، يا حيُّ يا قيوم.

الصورة

____

محاضرة مكتوبة للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ بعنوان: المستقبل الأعظم وأثر الأسر والصحبة في الدارين. 

ضمن سلسلة #إرشادات_السلوك، ليلة الجمعة 27 جمادى الأولى 1446هـ

 لقراءة المحاضرة كاملة أو الاستماع:

https://omr.to/M270546

 لتحميل المحاضرة (نسخة إلكترونية pdf):

https://omr.to/M270546-pdf

 

 

تاريخ النشر الهجري

21 جمادى الآخر 1446

تاريخ النشر الميلادي

22 ديسمبر 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية