فوائد من: تفسير سورة الأنبياء (1) بين الغفلة والذِّكر

العلامة الحبيب عمر بن حفيظ:
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1))
وصفهم بمُصيبَتَي الغفلة والإعراض؛
الغفلة: الذّهول والتّناسي وعدم الالتفات للأمر؛ هُم في غفلة، شُغْلاً منهم بشهوات نفوسهم ومُراداتهم الحقيرة، يتشبّثون بها ولا ينفَكُّون عنها.
- لا يُحسِنون التّفكير في حقائق الأمور: الخلق والإيجاد، والنِّعمة والإمداد، وإنزال الكتب، والخروج من الدنيا؛ أمور متيقنة واضحة لا يلتفتون إليها، في غفلة!
- - فإذا جاءت لهم ساعات الْتِفَات وتأمّل، أعرضوا وتَوَلّوا؛ غفلة وإعراض.
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)
هذا حال أكثر الناس؛ أمّا اقتراب الحساب فَلِلنّاس كلّهم، وأمّا الغفلة والإعراض فنصيب أكثر النّاس.
أهل الذِّكر والإقبال:
- - لا غفلة ولا إعراض؛ فنِعْمَ القوم
- - لهم الكرامة، ولهم الرِّفعة والشّأن في القيامة
- - ولهم دار النّعيم والخُلْد،
- - ولهم: "ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ".
- - لا يغفلون ولا يُعرضون، بل هم ذَاكِرون، مُقبِلون، مُتوجِّهون.

(مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِن رَبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2))
ماذا يلعبون؟! مُتَشَبِّثِينَ بالانشغال بِدَنَايَاهم؛ فهم في لعب!
(اعلموا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ)، والتّعلّق بها لعب، لِمَ لعب؟ لأنّه الذي يُغويك عن الاستعداد لِمَا بعدها؛ ضُرٌّ وآفة عليك، وهو بلاءٌ نازلٌ بك.. يُفَوِّتُ عليك الحظّ والنّصيب من السّعادة، ومن الرِّفعة ومن النّعيم؛ فهو إذًا لعب خطير، لعب مُؤذٍ، لعب مُضِر.

(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) وما الذي يسرُّونه ويتداولونه بينهم؟
(هَلْ هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ) هو نَعم بشر.. أين خصائصه؟
- - هذا بشر مذكور في كتب الله كلها
- - هذا بشر خلق الله نوره قبل خلق السَّماوات والأرض
- - هذا بشر مكتوب اسمه على قوائم العرش
- - ولا يرَوْنه إلَّا بشر وينكرون خصوصيته؛ رسالته، نبوّته، ومزاياه عند الله!
- - وهذا بشر بَشَّر به الأنبياء والمرسلون.

(قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)
- - ما تتناجون به
- - وما تتكاتمون به
- - وما تتخابرون به
- - وما تُسِرُّون به
فهو معلوم للذي ندعو إليه ونعمل بأمره، لا يخفى عليه شيء منه!
- (وَهُوَ السَّمِيعُ): للخواطر فضلاً عن الأقوال.
- (الْعَلِيمُ): بالنِّيات والأفعال والتصرُّفات.

الله يُلحقنا بمن بالإيمان تَحَقَّقَ، وفي ميدان الصِّدق سَبَقَ، وعلى قدم الرَّسول ﷺ مضى ومشى ودحَق خيرَ مدحَق، اللهم ثبّتنا على ذلك الدَّرب، وألحقنا بذلك الرَّكب، واجعلنا في عبادك الصَّالحين.

14 مُحرَّم 1447