غيث القلوب وسر التحرر بالقرآن والسنة (فوائد مكتوبة من محاضرة)

طشّة من طشّات جوده إذا نازلت ساحة القلب حوّلته إلى حال آخر، ويقول سبحانه وتعالى: (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)، ذلك فضل الله سبحانه وتعالى. 

فالله يُمطر على ساحات القلوب مطراً نرقى به إلى أعلى مراتب شهوده بمرآة حبيبه، في اقتداء واهتداء يعمّ أُسَرنا وأهالينا، حتى تقوم القائمة للاقتداء في مثل خديجة في النساء وزوجها ﷺ للجميع، فهو المقدّم في كل مقام..

تتوجّه القلوب إلى مُقلّبها ليُثبّتنا على خير الدروب، ويُحيي فينا سُنّة الحبيب المحبوب وورثته الأكابر الأكارم، الذين سمعتم عنهم ما سمعتم من بعض الأخلاق والقِيَم، وتلكم أخلاق محمد المصطفى ﷺ، محاسنه التي انتشرت ذَرّاتها وآثارها وأنوارها في كل محمود، وفي كل موصوف بوصف حميد، وفي كل مستقيم على المنهج الرشيد.

يحيى فينا سرّ الاتصال وسرّ الإقبال على الرحمن جلّ جلاله، بفقه مهمّتنا الكبيرة في حياتنا القصيرة، لأجل الخُلْد ولأجل دار المصير والنعيم الذي لا نفاد له، في مرافقة النبيين والصِّدّيقين والشهداء والصالحين.

 صِلاتنا بالقرآن معنى تحرُّرنا الصحيح من الرِّقّ لهؤلاء الذين مُلئوا بالأفكار والاتجاهات، وطرحوا علينا، شوّشوا علينا في وجهتنا إلى الله، شوّشوا علينا في علاقتنا بيننا البين من أجل الله، شوّشوا علينا في علائق مجتمعاتنا وتكوين الروابط بين صغارنا وكبارنا، ورجالنا ونسائنا، وعلمائنا وعامّتنا، وتُجّارنا ومُزارعينا، وأرباب الحِراثة فينا وأهل المِهَن

كانت تربطهم من روابط لا إله إلا الله، ما يقومون به على التعاون، وما يقومون به على المحبة والتكامل، وأحدهم في صلته بالقرآن على مسلك حميد، في صلته بالسُّنّة الغرّاء وأخبار المصطفى ﷺ، وانتعاش روحه إذا سمع ذِكر النبي، وإذا سمع أخلاق النبي.

لنتميّز بسرّ هذا الوحي المُنزَّل وبلاغ النبي المُرسَل، عن تبعية كل مُرذَّل تجرّ تبعيّاتهم للآفات والمشاكل، في خلاصة قال الله عنها في آيتين، يقول في آية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ).

وهاتوا لواحد متأثّر أو جماعة أو حزب أو دولة تأثّرت بالكفّار واتّبعتهم ثم لم يردّوا على أعقابهم، ثم لم ينقلبوا خاسرين، ثم لم يخسروا دنياهم قبل آخرتهم، والعياذ بالله تبارك وتعالى. من هو هذا؟ كل من أطاع الكفّار أوصلوه إلى هذا: (يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ).

ويقول في الآية الأخرى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)، يردّوكم بعد إيمانكم كافرين! (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).

اللهم اهدنا الصراط المستقيم

انتباه قلوبنا من مثل هذه الواجبات، وإقامة هذه الخيرات؛ من إقام الصلاة وأدائها على وجهها، والحرص على الجماعة فيها، ومع ذلك طلب الخشوع فيها وأداؤها على وجهها، والمحافظة على ما تيسّر من النوافل جوابر للفرائض وتحبُّباً إلى الربّ جلّ جلاله.

نظر الله إلينا وإلى الذين ابتُلوا فينا في زماننا لذنوب صدرت من صغار وكبار منّا، ومن رجال ونساء (لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا).

فهذا الذي تتألّم منه القلوب من الحاصل في كل يوم، تحت هذه المظاهر من الحُرية والتقدّم والعدالة والديمقراطية، ومُسمِّيات لَعِبت بالعقول إلى أن شبعت، ونهايتها تقتيل وإجرام وتشريد، ومنع دواء ومنع غذاء، وتكسير مساجد وتكسير مساكن

قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ).

إذا لم نقم بهذا لن نرتضي تحويل الأحوال (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)

لننتبه مِن مهمّاتنا وواجباتنا في أزمنتنا وأوقاتنا؛ المحافظة على سِرّ الصلة بالله ورسوله، ولِننال هذه النُّصرة: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).

 

من محاضرة للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ في حولية أم المؤمنين سيدتنا خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، في القويرة بوادي دوعن، 11 صفر 1447هـ 

لقراءة المحاضرة كاملة أو المشاهدة (اضغط هنا)

تاريخ النشر الهجري

22 صفَر 1447

تاريخ النشر الميلادي

16 أغسطس 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية