الآداب الباطنة في إخراج الزكاة - 3 - (قبس النور المبين)

الآداب الباطنة في إخراج الزكاة: فوائد من درس قبس النور المبين من إحياء علوم الدين، للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ

مواصلة شرح كتاب أسرار الزكاة، مساء الأربعاء 6 ذو الحجة 1445هـ

  • الزكاة فيها ترجمة المحبة للإله؛ في بذل ما تُحِبُّه النفوس من أجله تعالى، طيّبة بها النفوس، فما قامت الفوارق بين من أحبَّ الخالق ومن لم يحبَّ الخالق إلا بالبذل والتضحية، وكفِّ الجوارح والقلوب عما لا يُحبه، فمن كفَّ جوارحه وقلبه عما لا يحب خالقه، وبذل محبوبات النفس من أجل خالقه، فهو المُحِب لله تبارك وتعالى بالصدق، ومن كان واقعًا في شبكات الذنوب وارتكاب المعاصي، ويبخل بالإنفاق في سبيل الله، فإن ادَّعى الصدق فدعواهُ كاذبة، والشواهد تدل على كذبه في دعواه، فالله يرزقنا محبته.
  • - إن السعادة على الحقيقة في الدارين في محبة الله، ولا تتحقق محبته إلا بإخراج حُب القواطع عنه، التي من أعظمها هَوى النفس والدنيا، لا تجتمع مع محبة الله في قلب، فلابد من إخراجها لتحوز المعرفة، وعلى قدر ما تنال وتُدرك وتُحصِّل من المعرفة؛ تنال وتدرك وتُحصِّل من المحبة، فإن من عرفه ضرورة أحبَّه.
  • - ما من جمال إلا وهو رب ذلك الجمال وخالقه، وما من كمال إلا وهو موجِد ذلك الكمال ومُنشئه، وما من إحسان وفضل يصل إليك على يد أي مخلوق إلا وهو خالق ذلك الفضل وخالق ذلك المخلوق، ومُسخِّر الدواعي ليوصله إليك، فلا مجال لِأن تحب أحدًا دونه سبحانه وتعالى، بل هو الأحق بالمحبة من كل شيء ومن كل أحد، وهو المحبوب لذاتهِ على وجه الإطلاق، وهذا وصفٌ لا يكون لغيره سبحانه وتعالى.
  • - إذا أحبك الله فقد أنعم عليك بأعلى النِّعم، وما من مُحِب غيره يحبك -ولو كانوا ملائكته فضلًا عمن سواهم من الخلائق- إلا لمقصد يرجع إليهم، وهو أنهم يُحبون من أحب الله ليقربوا إلى الله وليُحِبهم الله، وكذلك من أحبك من الناس من أجل أن ينال من جاهك، أو ينال من مالك، أو يعتز بك، أو يحصل على مساعدتك في جانبه، أو يتوصّل إلى غرض من أغراضه.. هؤلاء يُحِبونك للغرض، فما أحد يُحبّك من دون مقابل ومن دون شيء إلا هو إذا أحبك، إذا أحبك لا له غرض فيك، ولا تقدر أن تعطيه شيئًا، ولا تقدر أن تنفعه ولا تضره؛ فهو إذا أحب فبالفضل الخالص أحب جل جلاله.
  • - وفي دعاء نبينا ﷺ: اللهم إني أسألك حُبك، وحب من يحبك، وحب عمل يُقرّبني إلى حبك، اللهم اجعل حُبك أحب إليَّ من نفسي وأهلي ومالي ومن الماء البارد على الظمأ.
  • - من أسرار المحبة تطيب المعاملات وتُقام الأعياد، لأنه بالفضل أعتق من النار، وبالفضل تاب وبالفضل غفر، وبالفضل أقام الأعياد، وبالفضل أذِن لنا بذكره، وبفضله سمح لنا بعبادته، وبالفضل قامت شعائر الأعياد؛ فهي محبة خالصة، وعلى قدر صدق محبتنا له نكسب من الطاعات والعبادات ومن الأعياد؛ ما هو أغلى وأعلى وأرفع وأجمع وأنفع وأوسع وأمتع وأروع.
  • - ذكر لنا الإمام الغزالي في وظيفة الزكاة معاني تتعلق بمعنى الزكاة، وذكر التطهير عن الشح، والتعبير عن المحبة بشكر النعمة، ثم يذكر الوظيفة الثانية: وقت الأداء، أداء الزكاة.
  • - وليعيّن لزكاته شهرًا معلومًا إذا كانت زكاة مال، وليجتهد أن يكون من أفضل الأوقات كشهر المحرم -أول السنة من الأشهر الحرم- أو شهر رمضان تضاعف فيه الأعمال إلى ألف، أو ذي الحجة شهر حرام فيه الحج الأكبر.
  • - مما ينبغي أن يكون من مواصلة الأرحام وإدخال السرور على الجيران في أيام العيد، تجنّب المُحرمات؛ ومنها أن يصافح الأجنبيات، كزوجة أخيه وزوجة عمه وزوجة خاله، وكان بعض أهل العلم يتعجب مِمن إذا تزوجت المرأة في بيته أدخلوا كل أهل البيت على تلك المرأة، وإنما يكون من محارمها أبو الزوج وجدّه أو إن كان عنده أبناء فقط، أما إخوانه وأعمامه وأخواله فما هم محارم.
  • - ثم يذكر لنا الإمام الغزالي الوظائف المتعلقة بالصدقات، وأن ما كان منها -خصوصًا غير الفرض وغير الزكاة- ما كان منها مُتطوعًا، فإخفاؤه أفضل مهما تمكن، إلا لمُقتدى يُقتدى به يأمن الرياء ويُقتدى به فيُظهر، وإلا فصدقة السر تفوق، ويسر بالصدقة ويكون العلانية في موضعه مثل الفريضة من الزكاة ومثل من يُقتدى به. قال تعالى: (ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَٰلَهُم بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً).
  • - رزقنا الله الإخلاص والصدق، ووفَّر حظنا من هذه الليالي والأيام، وبارك لنا وللأمة في الوافدين إلى بيته الحرام، وإلى رحاب نبيه خير الأنام، وإلى المشاعر العظام، وأعاد عوائد قبولهم، وتفضل علينا وعلى أهلينا وأولادنا وعلى طلابنا وأصحابنا وعلى أهل بلداننا وعلى أهل زماننا، وعلى الأمة المحمدية بعائدات فضل رباني، وجودٍ إحساني، ومنٍّ صمداني، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
  • - يا رب بارك لنا في هذه الأيام والليالي أوسع البركة، وتولنا في كل ظاهر وباطن وقول وفعل وسكون وحركة، وأعِذنا من الهلكة وموجبات الهلكة، وكن لنا بما كنت به لمن قبِلتَ نُسُكه، ووهبته الصدق معك في كل سكون وحركة، يا حي يا قيوم، يا أرحم الراحمين، أصلح شؤوننا وشؤون الأمة أجمعين، بسر الفاتحة إلى حضرة النبي محمد ﷺ

     

لمشاهدة الدرس كاملا:

https://www.youtube.com/live/S5mgLgAXU0Y

____

T.me/HabibOmar

تاريخ النشر الهجري

14 ذو الحِجّة 1445

تاريخ النشر الميلادي

20 يونيو 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية