فوائد من محاضرة: النوع الأعلى من الحياة وأحوال أهليها في الدارين وخيبة مَن حُرِمها
لمَّا أَظْهَر ابن الصياد بعض التطاولات والاطلاع على بعض الخواطر قال له ﷺ: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ"، وهذا خطابنا لكل من أراد أن يمكر بخلق الله، وأن يضحك على خلق الله، وأن يستهزئ بخلق الله بأي نوع من الأنواع: اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ!
(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ) باعدنا بينهم، ولعن بعضهم بعضا، وتبرّأ بعضهم من بعض.. مَن هم؟ كل من يُخطِّط لأذى البشرية، كل من يُخطِّط لظلم البشرية، كل من يُخطط للطغيان في الأرض.
إنَّ الخالق المُكوِّن جَلَّ جلاله أنعمَ علينا بإنزال الكتب وإرسال الرسل، ثم جعل خير أمة الأمة المحمدية، وهي من حيث الزمان آخر الأمم، ومن حيث الأعمار أقصر الأمم أعمارًا، ومع ذلك فهي أول الأمم في مواقف القيامة كلها، وهي أول أمة تدخل إلى جنة الله، فيتأخر مَن قبلنا مِن الأنبياء والرسل بأُمَمهم؛ إكرامًا لمحمد ﷺ من قِبَلِ رَبِّ محمد ﷺ : "إن الله حرم الجنة على الأمم حتى تدخلها أمتي، وحرّمها على الأنبياء حتى أدخلها أنا".
الحياة المخصوصة الشريفة، الرفيعة الكبيرة الكريمة؛ هي التي تبقى وتتأبَّد، فلا يكون معنى مفارقة الروح للجسد إلا تقريبا من النعيم المُخَلَّد، ومن الرجاء الأكبر الأَمْجَد، فذاك هو معنى الموت عند من حييَ قلبه، فلا موت بالمعنى الذي يخافه الناس!
كثير من الذين رَدُّوا دعوة الرسل كان بدافع اغترارٍ بما أوتوا ومُكِّنُوا فيه من ظاهر العلم، يقول (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ..) وبعد ذلك؟ كذبوا الرسل، وماذا حصل؟ الذين استهزأوا بهم من الرسل وأتباع الرسل (وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ).
يا ربَّ الدارين هَبْ لنا خير الدارين، واجمعنا بسيد الكونين، واملأ قلوبنا بالإيمان واليقين، وانشر ذلك في قلوب أهالينا وأولادنا، وطلابنا وأحبابنا، واجعلنا من قوم تحدَّث عنهم نبيك فقال: "لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ نَاوَأَهُم"، "لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ"، "لا يَضُرُّهُمْ مَن خالَفَهُمْ"، "حتّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وهُمْ ظاهِرُونَ".
اللهم أرنا نتائج وجهات أُمَّةِ حبيبك محمد ﷺ في شهر ذكرى ميلاده بعد أن فارقنا ذلك الشهر، وأظهر لنا خيراتها في بقيَّةِ أشهرنا، وما بقي لنا من دهر، في السر والجهر، يا قوي يا متين، فإننا استغثناك، ولجأنا إليك، وتذللنا بين يديك، وعَلِمنا أنَّ الأمر كله لك، فأحينا حياة أهل السعادات، وارفعنا مراتب المحبوبين من أهل العنايات، وتولَّنا في الدنيا والآخرات، واكشف عنَّا وعن الأمة جميع الكربات، يا مجيب الدعوات، يا قاضي الحاجات.
لقراءة المحاضرة كاملة:
14 ربيع الثاني 1446