فوائد من: تفسير سورة طه (15) آيات لأولي النُّهى في زمن الفتن

فوائد من: تفسير سورة طه (15) آيات لأولي النُّهى في زمن الفتن - للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ

___

منهاج إلهي لكل زمان:

(أَفَلَمْ يَهْدِ لهمْ كمْ أهلكنا قبلهم مِنَ القرونِ (128))؛ توالى المرسلون على أُسُسٍ ثوابت وأصولٍ راسخة في شهادة أن لا إله إلا الله، والإيمانِ به وبكُتبه ورسُله وملائكتِه واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، واعتقاد المصيرِ إليه كما أخبر، والوقوف بين يديه، ونهاية المُكلَّفين إلى الجنة أو إلى النار.

جاء نبيُّنا ﷺ بالشريعة الكاملة الخاتِمة الباقية إلى يوم الدين، شريعة غرّاءٍ مَصونة جامِعة لجميع مصالحِ المُكلَّفين، إنسًا وجِنًّا، شرقًا وغربًا، جنوبًا وشمالًا، عربًا وعَجمًا، رجالًا ونساءً، إلى أن تقوم الساعة.

لن يجد جِيل من الأجيال في أي زمان - وصلت فيه اكتشافاتُهم واختراعاتُهم وأجهزتهم إلى ما وصَلت - أصفى ولا أوفى ولا أنقى من هذا المِنهاج الإلهي الرباني الذي اختارَه الله بعِلمه وقد أحاط بكل شيء علمًا.

الصورة

 

علامات أولي النُّهى:

(إِنَّ في ذلكَ لآياتٍ لِأُولي النُّهى) علامات واضحات على أنَّ الله هو الحق، وأنَّ ما يدعون من دونه الباطل، وأنّ دعوى المُلك والبقاء والصلاح من غير حقيقة ولا أصل باطلة، وما أكثر ما ينزاح أصحابُها وتنهدِم أسُسهم وما بنوا، (ودمَّرنا ما كان يصنعُ فرعونُ وقومهُ).

(لِأُولِي النُّهَى) العقل الذي يتمكِّن مِن صاحبه فيزجُرُه عمَّا لا يليق ولا يُعقَل، وما سُمِّي العقل عقلًا إلا لأنه يعْقِل صاحبه عن ارتكاب القبيح.

أولي النهى: أرباب الوَعي والنظر الدقيق، وحُسنِ الاعتبار والإدراك الذي يزجُر أصحابه عمَّا يُهلِكهم، ولو كانت النفسُ تشتهيه، فقد حُفَّت النار بالشهوات، ولو كان له ظاهر لَذاذةٍ مؤقَّتة قصيرة تُفضي إلى شَناعة من التعب ومن السوء ومن الألم، فالعقل يمنعهم عن ذلك.

الصورة

 

غنيمتك في الحياة:

  • (فاصبرْ على مَا يَقُولُون) اجعل حالك جميلًا مع الجليل.
  • (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) هذا شغلك، قُمْ بعبادتنا وتسبيحنا ونحن معك ولك، والعاقبة لك، ماذا تريد منهم ومن كلامهم؟
  • (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) سبِّحْه، نزِّهه وقدِّسه حامدًا له، مُثنيًا عليه، شاكرًا له.
  • (قبل طلوعِ الشمسِ وقبلَ غروبِها ومِنْ آناءِ الليلِ فَسَبِّحْ وأطرافَ النهارِ) برنامجك اجعلهُ يشتغل في الليل والنهار مُتصل بنا، هذه غنيمتك للحياة، هذا فوزك من العمر.
  • (لَعَلَّكَ ترضى) يقول الله أن السالك في سبيلي، المُتعلِّق بي، المُتّصل بذكري، ينال الرضا، أُرضِيه؛ أنت بهذا تنال الرضا، الخطاب على وجه العموم لما يُعطي الله من الخير الكبير.
الصورة

 

زهرة الحياة الدنيا:

(ولا تَمُدَّنَّ عينيكَ إلى ما متَّعنا به أزواجًا منهم زهرةَ الحياة الدنيا) مُتعها الزائفة الزائلة التي يستوي فيها البر والفاجر.

(لِنفتِنهمْ فيه) فقال إنما فتنَّاهم واختبرناهم به فقط، "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء"، لا يجوز تعظيم الهابط الساقط مِن عين الرب، منذ خلق الدنيا لم ينظر إليها، فعَظِّم ما عظَّم الله!

(لِنَفتِنهُمْ فيه) نختبرهم، وأكثرهم يخسرون ويهلكون، وقليلٌ مِمن مكَّنهُ الله من الأسباب وأنواع المُتع والمال فصرفها في طاعة الله ومرضاته، أخذها من حِلّها وصرفها في محلها، وخدم بها هذا الدين والشريعة، هؤلاء هم الناجون.

الصورة

 

الرزق الرباني الباقي:

(ورِزقُ ربِّكَ خيرٌ وأبقى) أولًا في الدنيا:

- ما يُيسِّره للمؤمنين الصادقين المخلصين مِن أسباب وأموال وجاهات، وأي شيء يُمَكِّنَهم منه فلا يُلهيهم عن ذكر الله، ولا يقطعهم عن جماعة ولا عن قُربة إلى الله، ولا يرضون فيه بِشُبهة فضلًا عن حرام، ولا يَركنون إليه ولا يعتمدون عليه، ويصرفونه في منفعة العباد ونُصرة الرب وشريعته، هذا رزق الدنيا؛ إمَّا كفاية يكتفي به ويتفرغ للعبادة، فيكون هذا الرزق اليسير سببًا لارتقائه للمقام الكبير، ولتغذية روحه بالمعارف واللطائف؛ هذا رزق ربك!

هذا الرزق الرباني مُتصل برزق في البرزخ ورزق في القيامة:
  • - أمن وقت الخوف
  • - وستر وقت الفضائح
  • - ونجاة وقت الهلاك
  • - وثباتٌ ومرورٌ على الصراط
  • - ثم رزق في الجنة، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
الصورة

 

الارتباط بالصلاة:

(وَأْمُرْ أهلكَ بالصلاة)، فأولهم أهل بيته، ثم بقية عشيرته، ثم أهل بلده، ثم الأمّة؛ عَلِّمهم يرتبطون بنا.

(واصطَبِرْ عليها) داوِم واثبت وأدِّها على وجهها، ولا تعجز عنها، ولا تتكاسل ولا تتخاذل.

حسن العاقبة:

(وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) حميد العاقبة وطَيِّبها وحَسَنها لأهل التقوى، كنا نسمع العوام عندنا يُرددون في أمثالهم: "التُّقى فِيه البَقاء"؛ إن أردت شئ يبقى لك ويدوم اجعله على التقوى، وشيء ليس على التقوى مهما غرّك حاله وأعجبك وفيه كثرة فما يمرُّ عليه زمن قليل إلا وينقلب حالهُ ويذهب! فتمسك بالتقوى من البداية.

الصورة

 

 لقراءة الدرس كاملاً أو المشاهدة:

https://omr.to/q-taha15

تاريخ النشر الهجري

17 ذو الحِجّة 1446

تاريخ النشر الميلادي

13 يونيو 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية