فوائد من الدرس الخامس في كتاب تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب
#فوائد من الدرس الخامس في كتاب تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب، للشيخ محمد أمين الكردي، في جامع سلطان سادة ترمذ، مدينة ترمذ، أوزبكستان 23 شوال 1445هـ:
• الصفة السابعة من صفات الله الواجبة: صفة القدرة، فالحق تبارك وتعالى هو القادر على كل شيء، القدرة صفةٌ ربانية رحمانية قائمة بذاته تعالى، يوجِد بها ما يشاء ويعدم ما يشاء على وفق الإرادة والعلم، هذه القدرة المُطلقة إدراكها وذوقها: من أعظم أركان التوحيد والإيمان، وهي من أعظم المقاصد في خلق هذا الوجود كما قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)
• حكمة خلق هذا الوجود أن ندرك هذه الحقيقة التي تخرجنا عن الوهم والخيال وعن جميع أنواع الضلال: أنّ الله على كل شيء قدير، ومن أيقن ذلك.. لم يعتمد إلا عليه ولم يستند إلا إليه، وعلم أن ما سواه عاجز، وكل ما يُؤتى ما سواه من القدرة فهو موهبة منه بوصف يسمى قدرة، وهو بالنسبة لجميع الخلائق حادثة ومُقدَّرة ومحصورة، ولكن القدرة على الحقيقة له وحده، فهو القادر على كل شيء.
• قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر) بتقدير وبتحديد وبتخصيص، فإنَّ واسع القدرة -جلَّ جلاله- له حكمة عظيمة تُبْهر العقول، ليست محكومة بعقل أحد ولا بعلم أحد؛ لا من الملائكة ولا ممن سواهم من الخلق، بل هي أوسع وأعظم من ذلك، وإنَّما يُعَلِّم من شاء من ملائكته وأنبيائه وأوليائه من أسرار الحكمة شيء كثير، ويُظهِر على العامة من أسرار حكمته في فعل هذا وتركه، وإلا فلا يحيط بحكمته في تحريك أيِّ ذرة أو تسكينها إلا هو -جلَّ جلاله-.
• فله الحكمة البالغة وله الحجة البالغة -سبحانه وتعالى-، فهو الحكيم الذي رتَّبَ ودَبَّرَ كلَ شئٍ بتقديرٍ عظيم، ويُجري الأمور في الظواهر على غير ما تستوعبه كثيرٌ من عقول الناس، ولكن عقول من أحسن استخدام العقل تقضي بأنَّ له في كل شيء حكمة وإن لم يدركها هذا الإنسان، وإن لم يدركها هذا العقل؛ فهي تقضي بذلك، وبذلك يهتدون بالهدى والنور.
• الصفة الثامنة من صفات الله الواجبة: صفة الإرادة، وهي الصفة الثانية من صفات المعاني، قال المؤلف رحمه الله: "وأما الإرادة فهي: صفة وجودية قديمة قائمة بذاته تعالى، يتأتى بها تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه دون بعض من الممكنات المتقابلات على وفق علمه تعالى" إلى أن قال: "والمتقابلات ستة وهي: الوجود والعدم والمقادير والصفات والأزمنة والأمكنة والجهات." هذه كلها يخصص الله بها ما يشاء بالإرادة.
• وجودنا في هذا العالم من آثار عظمة الله تعالى، أي مخلوق منا -معشر بني آدم- وغيرنا رتَّبَ أن يكون خلْقهُ في هذا الزمان؟ نريد واحد رتَّب أن يكون خلْقهُ في هذا الزمان! هذا المتطوِّر المتقدِّم هل اختار وقت وجوده في العالم؟ فجميع من في العالم جاء بقدرة قادرٍ قهَّار، فَهُم شواهد على عظمته لو عقلوا، ومع ذلك يكابرون وينكرون.
• أما ترى من أين جئت؟! وهذا القهر محيط بك من كل جانب، ثم تكابر! ثم تنكر! ثم تجحد! ما لك؟! ألا تعقل؟ (هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ ..) فما فينا صغير ولا كبير، ولا صاحب تكنولوجيا، ولا من وصل للقمر كما يدَّعي؛ رتَّب خلْقه؛ ولا زمنه؛ ولا وقته؛ ولا أمه؛ ولا أباه؛ كلهم مقهورون، فالذي جاء بكم بهذه القدرة كيف تتنكرون له ولعظمته؟ وكيف تخالفون أمره جلَّ جلاله؟ ما ذاك إلا الخذلان -والعياذ بالله-؛ لهذا كلهم في القيامة يقولون: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ)، لكن ضيعوا عقولهم وما أحسنوا استعمالها.
• قد يقول بعضهم أحيانًا: نستخدم بعض المواد تكبِّر حجم الفاكهة مثلًا ونوسِّع قدْرها، ونقول له: هذا أيضًا ليس باختيارك، وجَعل هذا التكبير في توسيع المادة في هذه المادة مِنْ جَعلِه هُو، ليس مِنْ جَعلِكَ أَنت، هو جعل هذا مُسبب لهذا، ثم إن أراد أن يمشِّيه مشَّاه كما يمشِّي الري عند تناول الماء، وإن أراد أن يقف أوقفه، وتستعمل السبب كله وبعد ذلك تفسد الثمرة عليك، تفسد النتيجة عليك، أو ما قد حصل؟ هذا حصل!
• ما أكثر غرور الإنسان!! (إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ) كيف رآه استغنى؟! يعني: تصوَّر هو برؤيته وبوهمه أنَّه استغنى، وإلا ما في أحد مستغني أصلًا، ولا الملحد ولا الكافر ولا المؤمن، لا أحد مستغني، كلهم تحت قدرته وتصرفه لكن (أَن رَّآهُ..) هو ظن نفسه استغنى، فيطغى وبعد ذلك تأتي له لحظة ينتهي كل شيء، ويعلم أنَّه كان في وهم وفي خيال.
للاستماع إلى الدرس الخامس والمشاهدة، أو قراءته مكتوباً:
02 ذو الحِجّة 1445