فوائد من الدرس الثامن في كتاب تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب (النبوات: الصدق والأمانة)
فوائد من الدرس الثامن في كتاب تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب، للشيخ محمد أمين الكردي، في مدينة بخارى، أوزبكستان 24 شوال 1445هـ، شرح الحبيب عمر بن حفيظ:
-
- إننا في توالي الدروس مررنا على ما ذكر الشيخ محمد أمين الكردي رحمه الله، من أوصاف الحق وصفاته العشرين المذكورة في القرآن، ثم ذكر لنا الصفة الجائزة وهي فعلُ كل ممكن وتركه، فله أن يفعل ما يشاء، وله أن يُعدم ما يشاء وأن يُوجد ما يشاء، وأن يُشقِي من يشاء وأن يُسعد من يشاء، وأن يُعطِيَ من يشاء ويمنع من يشاء؛ فهو الملك، الكل مملكته والعبيد صَنعتُه وخلقه.
-
- (ويُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) فهل حدّثك أحدٌ عن الأجر اللدني؟ نحن نُحدّث عن العلم اللدنّي وإنه علمٌ شريف عظيم، وهذا أجر لدني منه، يقول سبحانه وتعالى (وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ويُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) ما أعظم هذا الأجر! حتى ذكر بعض العارفين أن كثيرا من الناس في القيامة يجِدون في صحيفتهم حسنات كثيرة ما يذكرون أنهم عملوها، فيقولون ربنا ما هذا؟ إنّا لم نعمل هذا! فتقول الملائكة: إن أخاكم في الله أو شيخكم فلان فاضت حسناته، ضاعفها الله مضاعفات لا غاية لها فقُسِّمت على أصحابه، فهذا نصيبكم لأن مضاعته ليس لها حدّ.
- - يجب على كل مؤمن ألا يكون في قلبه أعظم من في الخلق أجمعين من الأنبياء، ويكون مُناقضاً لحقيقة وكمالِ ايمانه أن يَعتقد عظمةً في أي مخلوق غير الأنبياء يُشابه الأنبياء ويُماثِل الأنبياء كائناً من كان، فهولاء اصطفاهم المُنشِئ البارئ الفاطر سبحانه وتعالى، فهم أفضل الخلائق على الإطلاق، لذا حتى جعل الله سبحانه وتعالى الجنّة وما فيها ثوابا مُعدّاً لِمَن آمَن بالأنبياء.
- - الذي عليه عامة أهل السنة في التفريق بين النبي والرسول هو: أن النبوة مُجرّد الوحي بأي شرع ليَعمل به فإن كان لم يُؤمَر بتبليغه فهو نبي فقط، وإن أُمِرَ بالتبليغ فهو نبي ورسول، فكل رسولٍ نبيّ وليس كل نبي رسول.
- الأنبياء والمرسلون أفضل خلق الله، وأفضلُهم أولو العزم:
- 1- سيدنا محمد رسول الله ﷺ
- 2- وسيدنا ابراهيم الخليل
- 3- وسيدنا موسى الكليم
- 4- وسيدنا عيسى بن مريم
- 5- وسيدنا نوح
- أولو العزم أي أولو الصبر تحمّلوا المشاق، أولو القوة والجلد، قال تعالى (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)
- - قال المؤلف: "الإيمان بالرسل ﷺ وهو حديث النفس التابع للمعرفة -يعني الاعتقاد القلبي- بما يجب لهم وما يستحيل وما يجوز، والمراد بحديث النفس قبولها وانقيادها لما عرفته بحيث لا يمنعها الكِبر عن الإقرار به"، لأن من أهل المعرفة أو الايمان من يجحد ولكن ما يُعد من المؤمنين، أكثر المشركين من قريش كانوا يعلمون أنّ رسول الله صادق، وأنه مرُسَل من عند الله، لكن ما انقادت نفوسهم لهذا وعاندوا، فلهذا لم يُعَدّوا من المؤمنين.
الاقسام السبعة لخَرق العادة:
- 1- المعجزة: ما كان بعد نزول الوحي مقروناً بدَعوى النبوة بالتحدّي.
- 2- الإرهاص: ما كان لأي نبي من الأنبياء قبل نزول الوحي عليه قبل بعثته؛ مثل ما حصل لسيدنا موسى من وَضعٍ في البحر وتربية فرعون؛ هذه إرهاصات.
- 3- الكرامة: ما يكون على يد أتباع الانبياء من المُخلصين الصادقين الأولياء الخواص، وهذا أمر خارق للعادة لكن غير مقرون بدَعوى نبوة ولا بالتحدي.
- 4- الإهانة: ما يظهر على أيدي الفُجار والفُساق مخالف لمُرادهم.
- 5- والاستدراج: ما يُوافق مرادهم، خوارق للعادة تظهر على أيدي الفُجار والكفار موافقة لمرادهم، مثل ما يظهر للدجال.
- 6- المعونة: تحصل لعوام الناس من غير المستمسكين بالتقوى والايمان، يحصُل لهم أمر غَريب على خلاف العادة تُسمى معونة.
- 7- ما يحصل بسبب السحر والشعوَذة على خلاف العادة أيضا، ولكن يحصُل بعَقد ونفث مخصوص (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ).
- الواجب في حق الأنبياء والمرسلين:
- 1- أول صفة: الصدق؛ هُم معصومون مِن كُلِّ المَعاصِي؛ مِن باب أَوْلى الكذب، لكِن نَصُّوا على الصِّدق لأنه هو الأمر المُتعلِّق ببَلاغهم والمُتعلِّق بِأدائهم للرِّسالات التي تحَمّلوها عن الله -جلّ جلاله-، فهم الصّادقون في جميع ما يقولون.
- 2- الصفة الثانية: "الأمانة: هي حِفظ جميع الجوارح الظاهرة والباطنة من التلبُّس بِمنهيٍّ عنه نهي تحريم أو كراهة ولو خفيفة" لِمَ؟ لأن الله جعلهم قُدوَة يُقتدى بهم؛ فلو كانوا يفعلون المَكروهات فضلا عن المُحرَّمات لكان الله شرَع المَكروهات والمُحرَّمات، وهذا مُتناقِض مع الشَّرع؛ فهذا مُستحيل، فلا يفعلون إلا ما هو الأفضل في حَقِّهم دائما.
- رزقنا الله كمال التَّصديق بالأنبياء، وكَمَالَ محبَّتهم وحُسن مُتابعتهم، وكمالَ نُصرَتهم، وحَشَرنا الله في زُمرَتهم ومَلأَ قُلوبُنا بمحبتهم وأَكرَمنا بمُرافقتِهم وهو راضٍ عنَّا.
للاستماع إلى الدرس الثامن والمشاهدة، أو قراءته مكتوباً:
25 ذو الحِجّة 1445