الدورة السنوية السابعة لكبار الطلاب بحلقات تريم لعام 1447هـ

خلاصة درس الحبيب العلامة: عمر بن محمد بن حفيظ - حفظه الله -

 في كتاب (رسالة المعاونة والمظاهرة والمؤازرة) - الدرس الأول لعام 1447هـ

1.  حث الإمام الحداد-رحمه الله- على أن يستخير المؤمن ربه ويستشير أهل المعرفة والعقل والتقوى في الأمور المهمة التي تطرأ عليه في حياته كالسفر والزواج والبناء والتجارة، فينبغي للمؤمن أن يسبغ شؤونه وأحواله بالوجهة إلى الله والاستخارة له سبحانه وتعالى وأن يستشير أرباب الوعي من الأصدقاء، وفوق ذلك من العقلاء ذوي الخبرة والتجربة، ثم فوق ذلك من جمع بين الولاية والذوق والمعرفة الخاصة وحسن النظر في الأمور الحسية فهؤلاء غاية من يستشار،  فلا يتصرف الإنسان بعقله وحده أو رأيه المجرد، فالعاقل من يربط قراراته باستخارة الله واستشارة الصالحين والعقلاء وأهل الخبرة، فقد كان رسول الله ﷺ أكثر الناس استشارة لأصحابه مع أنه أعقل الناس وأعرفهم بالحق، امتثالًا لقوله تعالى   ﭽ ﭭ  ﭮ  ﭯﭼ، فكيف يستغني غيره عن المشورة؟ ومن اعتمد على نفسه وترك استشارة الأكابر وقع في الاضطراب والندم، وقد يرى الخير شرًا أو الشر خيرًا لقصور إدراكه.
2.  حين انقطع المسلمون عن الاستخارة والاستشارة سلط الله عليهم الأشرار، ففرضوا قوانينهم وأهواءهم على المسلمين، فكانت عقوبة بسبب تركهم الرجوع إلى الله وأوليائه، فصلاح الأمة مرهون برجوعها إلى علمائها وصلحائها في شؤونها كلها.
3. النذر يحوّل القربات من سنن ومستحبات إلى واجب يجب الوفاء به، لقوله تعالى: ﭽ ﭙ  ﭚ  ﭼ، فمن نذر صلاة أو صدقة أو عبادة وجب عليه أداؤها، وثواب الفرض أعظم من ثواب النفل بسبعين ضعفًا، لذلك كان بعض الصالحين ينذرون الاعتكاف في المساجد طلبًا لمضاعفة الأجر.
4.  لا يُستحب الإكثار من النذر لأن الشيطان قد يغري العبد بذلك حتى يوقعه في العجز عن الوفاء فيأثم، فالنذر إنما يكون عند القدرة والاستطاعة، والمبادرة إلى الوفاء به واجبة متى أمكن، ولا ينبغي أن ينذر الإنسان إلا ما يقدر على أدائه بإتقان.
5.  من حلف على فعل شيء ثم رأى الخير في تركه، أو حلف على ترك شيء ثم رأى الخير في فعله، فعليه أن يكفّر عن يمينه ويفعل الذي هو خير، فقد جاء قوم من الأشعريين إلى النبي ﷺ يطلبون منه دوابًا يحملهم عليها للجهاد، فقال: "والله لا أحملكم"، ثم جاءه عدد من الإبل فأرسلها لهم، فخافوا أن يكونوا استغفلوا النبي حلفه، فرجعوا إليه فقال: "ما أنا حملتكم، ولكن الله حملكم، وإني والله لا أحلف على شيء فأرى غيره خير منه إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير"، فبيّن أن الخير كله من عند الله، وأن الحلف لا يمنع من فعل الخير إذا وجد سببه بعد ذلك.
6. كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، ويحذر المسلم من اليمين الفاجرة فإنها تخرّب الديار وتورد النار.
7. كان النبي ﷺ لا يحلف إلا بحق، فحلفه لم يكن عادة ولا لغوًا، بل عبادة وتعظيم لاسم الله تعالى، وتعليم للأمة ألا تجعل الأيمان وسيلة لكل كلام أو موقف، فالأيمان ليست للتسلية ولا لتأكيد الكلام في كل حين، وقد بلغ الإمام الشافعي رحمه الله غاية الورع حين قال: ما حلفت بالله صادقًا ولا كاذبًا طول عمري، تعظيمًا لاسم الله عز وجل.
8. اليمين الكاذبة تُسمى اليمين الغموس لأنها تغمس صاحبها في النار، وهي سبب في خراب البيوت وزوال البركة، حتى لو كان الشيء المأخوذ بها يسيرًا، كعود من الأراك، فإن فاعلها مستحق للعقوبة والعذاب.
9. من حلف كذبًا ليأخذ مال مسلم فعليه أن يرد المال لصاحبه، ويتوب إلى الله توبة صادقة، ويكفّر عن يمينه، فالله لا يرضى بالظلم، ولا يقبل من عبد أن يُقيم دينه على باطل أو كذب.
10.  شهادة الزور من الكبائر الموبقات، وقد قرنها النبي ﷺ بالشرك بالله لعظم خطرها، فهي تظلم الأبرياء، وتهدم الحقوق، وتفسد المجتمعات، ومن كتم الشهادة وهو يعلم الحق فقد أثِم قلبه.
11. الورع هو ترك ما لا بأس به خشية الوقوع فيما فيه بأس، وهو عنوان التقوى وأساس الصلاح، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتورعون عن أشياء كثيرة خوفًا من الحرام، فحفظهم الله من الزلل.
12. حين يضعف الورع في القلوب يكثر الكذب وشهادة الزور والظلم بين الناس، فالغفلة عن مراقبة الله تُنسي العبد عاقبة ذنبه، فيستهين بالحلف الباطل والظلم، ولا يتفكر في الحساب والعقاب.
13. الحلقات ليست مكانًا للحفظ فقط، بل مدرسة للتربية والتزكية، تُصلح القلب وتُهذب السلوك، فهي ميراث النبوة، وميدان الإخلاص والصدق، ومن لازمها لله نال بركتها وثمرتها في الدنيا والآخرة.

للاستماع أو مشاهدة درس رسالة المعاونة كاملاً (اضغط هنا)