فوائد من محاضرة: أقم وأحسن صلاتك تصفُ حياتك وتتحقق نجاتك
أيها الأحباب، أيها الإخوان في الله، أيها الحاضرون في هذا المحضر المبارك، نحمد الرحمن الذي جمعنا وإياكم بالفضل والإحسان والجود والامتنان، لنتذكَّر شؤونًا تتعلَّق بأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين.
تأمُّلنا لشؤون الصلاة أساسٌ في استقامتنا وارتباطنا بالله وبرسوله، وأساس في نيل السعادة المُعجلة في الدنيا، والسعادة المُعجلة في الدنيا: طمأنينة في القلب مربوطة بالذكر، لا تُكسب بالمال ولا باللعب، ولا بتناول المخدرات والمسكرات، ولا بالطعام ولا بالشراب، لا يُكسب طمأنينة القلب بشيء من ذلك، ولكن بِوَهب من مُقلّب القلوب، قال عنها: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
أمة النبي ﷺ في مختلف الأزمان والقرون يحوزون حقائق العز والكرامة، وطمأنينة القلوب والأمن والسلامة والدرجات الرفيعة، والقرب من الرب، والسعادة المُعجلة المُتصلة بسعادة الأبد؛ على حسب اتباعهم لهذا النبي ﷺ واقتدائهم به، وتنفيذهم لما جاء به عن الله، وتطبيقهم لشريعته، وحرصهم على سنته؛ بذلك ينالون محبة الخالق الذي خلق، وتطوَّل ورزق، ووحده للعبادة استحق.
شأن الصلاة عظيم، جاء بفرضها نبينا محمد ﷺ عن الإله في ليلة معراجه وإسراه، ثم لم يزل يُذكِّر بها وبمكانتها وفضلها حتى لحظة خروجه من هذه الدنيا ومفارقة هذه الحياة إلى حياة أكرم وحياة أقوى وحياة أعظم وحياة أهنأ وحياة أشرف: حياة البرزخ.
(وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) وكان من هدايته لنا إلى الصراط المستقيم أن أكَّدَ شأن الصلاة وحُسن أداءها في طيلة حياته إلى عند وفاته، وقبيل لحظات خروج روحه الشريفة ولحوقه بالملأ الأعلى يقول: "يا عباد الله الصلاة وما ملكت أيمانكم"، ما ملكت أيماننا: سواء من الرقاب أو من الأموال، أو من مسؤوليتنا عمن نربيهم من أهالينا وأولادنا، فتوفي وهو يحثنا على الصلاة.
(إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) تحضره ملائكة كثيرون، في إشارة من الله أنه إذا كثر حضور الملائكة كثرت إمداداته وكثرت عطياته، وكثرت إسعاداته.
حضور قلب المؤمن في الوضوء مع الله يُسهِّل له حضور قلبه في الصلاة، حتى كُره للمتوضئ أن يُكلّم أحدًا أثناء الوضوء، ويُروى في الأثر: إن على المتوضئ قبة من نور، فإذا كلَّم أحدًا من الخلق رُفعت عنه، فيتوضأ حاضر القلب، وإن قدر مستقبل القبلة فهو أفضل.
كان في الصلاة قُرب خاص من الله، وهي صلة بين العبد وبين ربه، من تركها فقد قطع هذه الصلة، إذا كان للصلاة أثر في طمأنينة القلوب، أثر في نزول السكينة، أثر في دفع الآفات، أثر في زيادة الإيمان، أثر في القرب من الرحمن (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب) وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
إذا انتظمت ستة معانٍ تمّ الخشوع: حضور القلب، تفهُّم المعنى، التعظيم، والهيبة، والرجاء، والحياء.
حضور القلب: تعلم ما تقول وما تفعل، معنى وقوفك بين يديه تعظيماً، معنى تكبيرك له، معنى توجيه وجهك إليه: "وجهّتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض"، فلا يقطعك شيء في السماوات ولا في الأرض، توجّهت إلى فاطرها وموجدها، فاترك السماء واترك الأرض وتوجه إلى فاطر السماء والأرض.
بالحرص على الخشوع في الصلاة، ثم أداء جميع الفرائض والشروط والواجبات، والحرص على أداء السنن، تخرج الصلاة بيضاء نقية، تقول: "حفظك الله كما حفظتني"
عند أدائها على هذا الوجه تأتي النتائج الكبيرة من حفظ الله لهذا الإنسان وصيانته، وخيرات مُعجلة في الدنيا: منها أن يُيَسِّر له الرزق، قال تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ).
- إذا أضفت إلى هذه الصلوات رواتب من الصلوات فإنها جوابر للفرائض وتُكمِّل ما نقص عليك في الفرض، وسبب لرفع درجاتك، "من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة من غير الفريضة، بنى الله له قصرًا في الجنة"
- من إحسان الصلاة وإتقانها ذكرك لله بعدها، وقد ورد في السنة أذكار كثيرة،
تواظب على ما تيسر لك منها فتأتيك هذه النتائج في الحياة، وتمتدُّ إلى ساعة الغرغرة، وتكون سببًا للثبات وسببًا للموت على الإسلام، ثم في القبر، ثم في يوم القيامة وفيها خمسون موقفًا للحساب، كل موقف مقدار ألف سنة، وأول موقف للحساب على الصلاة، الحساب على العبادات يبدأ بالصلاة، فإن وُجِدت تامة قُبِلت وسائر عمله، وإلا رُدت وسائر عمله والعياذ بالله تعالى.
إذا سُئل الكفار في النار: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ)، ذكروا أكبر الأسباب:
1- (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)
2- البخل من الزكاة، (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ).
3- هوجات وبلابل بينهم البين، يخوضون فيها وينالون من الحق ومن رسوله ومن الصالحين ومن الدين، (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ)، نبلبل مثلهم نتكلم، ما ضبطنا ألسنتنا ولا ضبطنا مقالنا، واغتبنا ونمينا واغتبنا أحياءً واغتبنا أمواتًا.. مصيبة!
نسأل الله أهل التقوى وأهل المغفرة أن ينفعنا باجتماعنا وباستماعنا وبِما قلنا، ويجعل ذلك كله حُجّة لنا لا حجة علينا، ويجعل إقام الصلاة في كل فرد منا، ومن أهلينا ومن أولادنا وذرارينا، يجعل سرّ إقامتها متسلسلًا، محفوظًا في كل فرد من أهالينا وذرياتنا.
للاستماع والحفظ، أو قراءة المحاضرة مكتوبة :
16 ربيع الثاني 1446
تاريخ النشر الميلادي
مشاركة
اضافة إلى المفضلة
كتابة فائدة متعلقة بالمادة
آخر الأخبار
15 جمادى الآخر 1446
مجلس سماع الحديث، للعلامة الشيخ طاهر بن عبدالله البحركي، من العراق. تضمن المجلس سماعاً للأحاديث...
13 جمادى الآخر 1446
تقديراً للعلم الشريف وأهله، استقبل العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ فضيلة الشيخ العلامة المُسند...