دعانا الحقُّ إلى الانشغالِ بما شرَع لنا، والتقيُّدِ بذلك، وأن يكونَ مصدرُ انطلاقِنا في الحياة، ونُحَكِّمَ في ذلك رسولَه الذي بعثَه هادياً بشيراً ونذيراً

ولقد أُمِرنَا بكثرةِ التهليلِ والتسبيحِ والتحميدِ في أيامِ العشرِ من ذي الحجة على الخصوصِ، كما أُمِرنا بالإكثارِ مِن ذلك على وجه العموم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}،

ثم جاء الأمر العظيمِ البديعِ الوسيع: (ما من أيامٍ العمل الصالح أحبُّ إلى الله فيهنَّ مِن أيام العشر) قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال نبيُّنا: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرجَ يخاطرُ بمالِه ونفسِه ثم لم يرجعْ مِن بذلك بشيء)

( فأكثِروا فيهنَّ من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير).

(يعدلُ صيامُ كلِّ يومٍ منها بصيامِ سنة، وقيامُ كلِّ ليلة منها بقيامِ ليلةِ القدر )

فهذا شغلٌ به شُغِلنا على يدِ " النبي محمد" بأمرِ ربِّه الذي خلقَه وخلقَ كلَّ شيء، لا يجوز أن نغفلَ عنه وأن نتجاهلَه وأن نُهمِلَه، ثمَّ نُلبِّي الاشتغالَ بما يشغلُنا به السفهاء والفُسَّاقُ على ظهرِ الأرض فكراً وأعمالاً!

ليال مقسم بها في الكتاب:

يقول الله عز وجل: ( والفجر وليالٍ عشر ) أقسمَ الله عز وجل بالليالي العشر الأول من شهر ذي الحجة، وهذا القسمُ من الله بهذه الليالي المباركة، يحرِّك في الضمائرِ والمشاعرِ أنَّ لها مكانةً عند خالقِنا، فيجبُ أن تكونَ لها مكانةٌ عندنا نحن الذين آمنا بهذا الخالق.

فليس مِن الإيمان في شيء أن تُقبِلَ مثلُ هذه الليالي ثم تخرجُ والحالةُ في البيتِ نفسَ الحالة، والشعورُ مفقودٌ في الأسرة، وفي مكان العمل، وحتى في بعض المساجد، فيدخل ويخرج ولا يدري أنها ليالٍ مقسمٌ بها في الكتاب، لا يستشعر ولا يتفكر ولا يعمل في مقابلِها عملاً اتِّباعا لتَعظيمِ الله ولإرشادِ نبيِّه محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

فالعبادةُ في هذه الأيام مِن أفضلِ العبادات، فيجبُ أن تتميَّزَ أيامُ العشر وليالي العشر في حياةِ المسلم.