(535)
(363)
(339)
قال تعالى: (وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)) فما الجهر إلا راجع إلى نشاطكم، وإلى استئناسكم وإلى ما يُنازِلكم، فتجمعون بين الجهر والسِّرّ، "مَن ذكرني في نفسهِ ذَكرتهُ في نفسي، ومن ذكرني في ملأٍ ذَكرتهُ في ملأٍ خير مِنهم"؛ لا لِيسمع حاشاه جل جلاله؛ فهو يَسمع الخاطر الذي يخطر على قلبك من قبل أن ينطق لسانك.
قال سبحانه: (اللهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ (8))
- ومن تحقّق بذلك استحيا أن يشهد غير الحق في أحواله وشؤونه، وحينئذ يُوقن ويتحقّق أن لا مشهود إلّا الله، وكلها مندرجة في معنى لا إله إلا الله.
من عجائب تسيير الله تعالى للشؤون التي يُجريها في الخلق، أراد أن يُنبئ موسى ويُهيّئه لِمقام التّكليم الخاص الذي عُرِف به من بين الأنبياء ﷺ أنّه كليم الله، جاءت ببداية القصة أنه يريد أن يُقبس فما طلعت له النّار، يرى النار يأنس إليها ويطمئن:
(وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ) أين أمّ موسى لتُرضع موسى؟ وما علاقة هذا بأن يتحوّل المستضعفين إلى أقوياء؟ وأن يُدكّ عرش فرعون الباغي والطاغي؟ سبب بعيد غريب، المُسبّب يفعل ما يشاء ويُدبِّر بحكمة عظيمة، فوق عقول الإنس والجن والملائكة وكل المخلوقات؛
- فحَقُّ المؤمن أن يستسلم لهذا الإله، وأن ينتظر فرجه وخيره من أيّ سبب يأتي، وأكثر ما يحصل من الخيرات للعباد تأتي من حيث لا يحتسبون، بل أكثر النّصُرات للأنبياء وللصالحين في الغالب بعدما يحصل اليأس وما يُظَن أن هناك سبب فيأتيه النصر.
- لا تيأس؛ مادام إلهك الله وأنت مؤمن به، وأنعِم بالله جل جلاله.
(فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)) ما معنى لذكري؟
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) يقول بعض العارفين: إن أنواع عبادتنا لله ما بين أقوال وأفعال وأحوال:
إنما يُخلّص المكلفين من الإنس والجن من سُلطة الأهوِيَة المُردية عليهم:
نسأل الله بأسمائه الحسنى وكلماته العُلى، أن يُنقِّي قلوبنا عن الشوائب، وأن يرزقنا الصدق معه في جميع الشؤون، وأن يُثبِّتنا فيمن يهدون بالحق وبه يعدلون، وأن يتوفانا على الإيمان واليقين والمحبة، وأن يجمعنا بسيد الأحبّة في أعلى رتبة.
08 رَجب 1446