كلمة شهر ربيع الأول لعام 1428هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
القصة واختيارها وأثرها في تقوية اليقين
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على عبده المبعوثِ رحمةًً للعالمين، حبيبه المصطفى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ومن اهتدى بهداهم من المؤمنين الموقنين.
أما بعد: فإلى إخواننا وأحبَّتنا في الله تعالى من أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم حيثما كانوا وأينما كانوا نقدم كلمةَ شهر ربيع الأول لعام ثمانية وعشرين وأربعمائةٍ وألف من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. فنقول:
إن من المطالب الأساسية لدى المؤمن تثبيتُ الفؤاد وزيادةُ اليقين، فيجب أن يرسخ هذا الطلبُ ويتأكد في بالِ وقلبِ وعقلِ كلِّ مؤمنٍ بالله ورسوله، وحسبُنا ما سمعنا الرحمنَ جل جلاله يقول لرسوله المصطفى أقوى الناس إيماناً وأثبتهم فؤاداً وأعظمهم يقيناً { وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ* وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ* وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ* وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ..}هود120-123
ومن هذا الخطاب الإلهي لحضرة النبوة والرسالة ومعدن البلاغ عن الله تبارك وتعالى لعباده ندرك أهميةَ تثبيتِ الأفئدة وامتلاء القلوب بالإيمان واليقين؛ وفي مرور الحياة بنا كم الذين يتأكد ويترسخ في عقولهم وقلوبهم ونفوسهم طلبُ زيادة الإيمان واليقين!؟ وطلب تثبيت الفؤاد!؟
وإذا علموا هذا الطلب فمن الذين يسلكون المسالكَ الصحيحة لتحصيل ذاك المطلب؟
فمن الواجب ونحن في ذكرى مولد نبيِّنا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أن نؤصِّل في واقعنا وحياتنا إقامةَ هذا الطلب والسلوك إليه بالمسلك الأطيب، فيجب أن نطلب زيادة الإيمان واليقين، فما نزل شيءٌ من السماء إلى الأرض أشرف من اليقين.
وهو عبارة عن قوة الإيمان وثباته ورسوخه في القلب حتى يصير كالطود الشامخ من مرتبة علم اليقين إلى عين اليقين إلى حق اليقين.
ونقول على جزئيةٍ من جزئيات المسلك الصحيح لتحقيق هذا المطلب القصة واختيارها، وبهذا يلزم كل فرد منا أن ينظر ما يدور من القصص في مجالسه وفي بيته وبين أهله وأولاده، مسموعةً أو مرئيةً فيما يدور من الحديث بينهم وفيما يشاهدونه أو يسمعونه من شريط أو تلفاز أو انترنت أو مسجل أو إذاعة إلى غير ذلك، ونعلم تأثيرَ القصص في تثبيت الفؤاد فلا بد أن هناك قصصاً بالمقابل تزعزع الفؤاد وتزعزع الإيمان من القلب فيجب تنقيةُ مجتمع الإيمان وأسرة المؤمن وبيت المؤمن من كل القصص الحاملة على الإستخفاف بأمرِ الدين والتساهل بأمر الشريعة والوقوع في ضعف الإيمان واليقين، من كل ما يثير الشهواتِ المحرمات ويقلب الحقائق عن الحوادث والوقائع وعن تصوير الأحوال والنتائج والثمرات لمختلف الأعمال والمسالك.
إذا علمنا ذلك وجب أن نهتم اهتماماً حسناً باختيار القصص، والاعتناء بالمفيد النافع منها ونشرِه، كقصص الأنبياء والمرسلين.. بما قصَّ الله علينا ورسوله، وقصص الصالحين والأخيار، وقصص تحمل نتائج الأعمال والمسالك بحقيقة وصدق تنفع مستَمعَها والمتأملَ فيها، وأن ننزِّه ديارَنا ومجالسَنا عن القصص الكاذبة والمؤدية إلى ضعف في الإيمان، وإفسادٍ في المسالك.
ومتابعةً لهذه الجزئية يجب أن نجعل من تلك القصص إبداءَ حقيقةٍ وهي أن أهلَ الحق والهدى في واقع الحياة قد يعانون كثيراً من الإشكالات أو وقوع شدائد أو نوازل أو بلايا بهم ليزول وهمُ أن معنى النصرة لأهل الحق والهدى من الأنبياء وتابعيهم بإحسان أن لا تصيبهم شدة أو لا تنزل بهم نازلة أو لا يحصل فيهم قتلٌ أو لا يكون بهم ضرر!!
فليس ذلك بمعنى النصر الموعود، ولا ما اختاره الله تبارك وتعالى لأهلِ ذلك المسلك المحمود، ولكن كثيراً من الإبتلاءات والإختبارات تمر بالصادقين المخلصين في حياتهم - وفي قصص الأنبياء كثيرٌ منها- وصبرٌ يصل إلى تسعمائة وخمسين سنة كما هو في قصة سيدنا نوح عليه السلام إلى غير ذلك مما جاء، وفي الحديث (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم العلماء ثم الأمثل فالأمثل)رواه الحاكم وصححه.
وأن هذه الإبتلاءات عندما تصادف ذلك القلبَ الممتلئ بالإيمان والمسلك الصحيح إلى الرحمن لا يكون منها إلا حسيٌّ وصوريٌّ في الشدة والبلاء، وفي الحقيقة والواقع مننٌ ومنحٌ ومواهبُ من العليِّ الأعلى جل جلاله.
وأن واقع المسلمين من سنة الله أن يكون فيه أنواعٌ من الاختبارات والابتلاءات، وأن تكون تذكيرات من الله في تسلطاتٍ لكثير من المفسدين والظالمين في جوانب من الأماكن ومن شئون الناس، وكل ذلك لا يؤخر إنجازَ وعد الله بالنصر للمؤمنين وأن العاقبة للمتقين.
يجب أن نعي ذلك ونفهمَه، ونأخذ واجبَنا في التصرف الحسن القويم على المنهج القويم في كل ما ينازلنا مطمئنِّين واثقين بوعدِ الله، ومسألة العاقبة التي خلاصة معناها أن الغاية والنهاية إظهارٌ من الله تبارك وتعالى لحقائق الحق، ووقوع العلائم الواضحة الدالة على كذبِ الكاذبين وافتراء المفترين، وأن يتحول أولئك المتسلطون والمؤذون إلى عبرةٍ للمعتبرين، هذا في الدنيا والنصر الكبير بما بعد الموت، ثم يوم يقوم الأشهاد.. {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}غافر51.
فلنجعل من منحى إيرادنا القصص الطيبة توضيح هذه المعاني حتى يزول ذلك الوهم الذي يحدث إشكالات كثيرة وبالله التوفيق.
((رابط الإستماع))
08 ربيع الأول 1428
تاريخ النشر الميلادي
مشاركة
اضافة إلى المفضلة
كتابة فائدة متعلقة بالمادة
آخر الكلمات
22 ربيع الثاني 1445
بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرفِ الأنبياء والمسلمين،...
13 ربيع الأول 1445
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا...