ما هي العلاقة بين عهد الله وشعائر الإسلام؟ يوضح الحبيب عمر بن حفيظ في الخطبة العلاقة بين عهد الله وميثاقه مع الإنسان وبين شعائر الدين وأعماله، وكيف تُمثِّل الصلاة والحج وسائر الطاعات تجديدًا للعهد، وكيف جعل الله أيام ذي الحجة فرصة عظيمة لتذكُّر الميثاق والوفاء به..

لقراءة الخطبة كاملة:

فوائد مكتوبة من خطبة الجمعة، 25 ذو القعدة 1446هـ:

العهد والميثاق بين الله والإنسان

- أرسل الله النبيين يُجدّدون العهود مع المكلفين بينهم وبين ربهم رب العالمين، ومكوِّن الخلق أجمعين، وجامعهم في يوم الدين، ومُحاسبِهم على ما كان منهم ولو على النقير والقطمير.

- جعل الله رأس الميثاق والعهد: شهادة أن لا إله إلا هو، وأن نؤمن بكتبه ورسله وملائكته وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.

- جعل ما في الشرائع على أيدي الأنبياء النظام الذي يحكُم حركة المُكلف في الأرض، وينظِّم مساره تحت قانون: واجب مفروض، ومندوب مُستحب، ومُباح حلال، ومكروه، وحرام محظور.

ختم النبوة بمحمد ﷺ

- خَبأ الله الختم للنبوة والرسالة بمحمد ﷺ، وبعثه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وبتجديد العهد والميثاق.

- ربّ الدنيا والآخرة اختار محمداً وأنزل عليه النظام للمكلفين إلى يوم القيامة، لا يجدون منهجاً خيراً منه ولا أقوَم ولا أعدل ولا أحكم (ومَن أحسنُ مِن الله حُكمًا لقومٍ يوقنون)

- أعان عبده المصطفى على البيان والبلاغ في ثلاثة وعشرين عاماً، ملأ الأرض نوراً، وترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.

- تركنا على المنهج القويم والصراط المستقيم، لكل صادق وكل ذي قلب سليم.

كلمة التوحيد أساس العهد

نشر لا إله إلا الله محمد رسول الله ودعا إليها، وجعلها فاتحة حُسن العلاقة بين المكلّف وربه؛ بوابة الدخول إلى الإسلام ومفتاح الجنة، وأفضل شعب الإيمان وأعلاها؛ "الإيمان بضع وسبعون شعبةً، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"

تجديد العهد بالصلاة

جعل الرحمن لنا تجديدًا للعهد والميثاق بيننا وبينه في الصلوات، خمسُ صلوات في اليوم والليلة، نُجدِّد فيها الإيمان، ونقيم فيها قراءة الفاتحة في القيام، ونُجدّد الشهادة لله بالتوحيد ولسيدنا محمد بالرسالة في التشهد.

نُجدِّد العهد بعد كل طهارة استحباباً، ينال صاحبه أن تُفتح له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.

الحج مظهر كبير للعهد والميثاق

الحج مظهر كبير من مظاهر العهد والميثاق بيننا وبين الخلّاق، شعار أهله: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".

جعل الله في العهد القديم الذي كان منا في عالم الأرواح، إذ أخرجنا من ظهر أبينا آدم ونادانا: (ألسْتُ بِرَبِّكُم)، كَتب كتاباً وألقمه الحجر الأسود، فهو يشهد لمن استلمه بالموافاة يوم القيامة، مستودع العهد والميثاق.

يفد الوافدون من الأمة إلى المشاعر وفاءً بالعهد، ونيابة عمّن في ديارهم من أهاليهم وقراباتهم، ومن في بلدانهم من أهل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ﷺ، ومما يُستحب عند استلام الحجر: اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهـدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد ﷺ.

حج رسول الله بعد الهجرة حجة واحدة هي حجة الوداع، ودّع فيها الأمة، وبيَّن الأحكام والشرائع، وأنزل عليه فيها: (اليوم أكملتُ لكم دينكمْ وأتممتُ عليكمْ نِعمتي ورَضِيتُ لكمُ الإسلامَ دينًا).

فضل عشر ذي الحجة

- العشر من ذي الحجة، ليال أقسم الله بها في القرآن، وأيام أخبر عنها رسول الله أنها أفضل أيام الأرض وأعظم ثواباً للعبادة، فتأتي الأيام المعلومات، العشر الأول من ذي الحجة، ثم الأيام المعدودات وهي أيام الأضحية مع يوم العيد.

- أيام ليس من أيام الدنيا العمل الصالح أحب إلى الله منه فيهن، أيام التسبيح والتكبير والتهليل، أيام الاتصال بالوفاء بعهد الله.

- أيام تُذكِّرنا بعهد الله وميثاقه المتصل بتعظيمنا لشعائره، وأن لا يلهينا لاهٍ عن أخذ العلم والتفقه في الدين وحُسن العمل به، وعن القيام بالواجبات في البيوت، وأن لا نوالي أعداء الله.

بثّوا ذلك في أهاليكم وأولادكم، واغتنموها سلالم ترتقون عليها إلى ساحات القرب من رب العالمين، ونيل معرفته ومحبته ورضوانه.