جلسة مع طلاب الدورة ال31 من عدن - لحج - الضالع - أبين (أخبار الدورة والطلاب وتساؤلات مهمة)

عقد العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في يوم السبت 8 صفر 1447هـ جلسة مع طلاب الدورة التعليمية الحادية والثلاثين بدار المصطفى بتريم، القادمين من عدن ولحج والضالع وأبين.
وافتتح اللقاء بالسؤال عن استفادتهم من الدورة، واستمع إلى تقارير عن أحوال الدعوة في مناطقهم المختلفة، مُقدِّماً لهم توجيهات منها:
ما أخباركم؟ جمعكم الله على الخير، عسى استفدتُم من الدورة؟ وكانت لكم فيها أخبار طيبة، حتى يكون لها فيكم أخبار طيبة، لأن أخبار الدورة فيكم على قدر أخباركم فيها، ما خبركم فيها؟ على قدره يكون خبرها فيكم.
تكون خبرها في بعض الناس تقريب، خبرها في بعض الناس تنوير، خبرها في بعض الناس إصلاح، خبرها في بعض الناس بعث عزيمة وهِمّة للصدق مع الله، وللإقبال عليه وللوفاء بعهده، وباقي العمر استعداد للقائه.
لكن هذه الأخبار تكون فيمن هُم خبرهم بالدورة: إقبال واجتهاد وانتباه وتعظيم ومحبة ومواظبة، إذا أخبارهم في الدورة مثل هكذا، تكون أخبارها فيهم مثل هذا الذي ذكرنا، لكن مَن كان خبره في الدورة إهمال وإعراض وتوَلِّي وعدم مبالاة: ستكون أخبارها فيه أخرى.
إن شاء الله يجعلها حُجّة لنا كلنا لا حُجّة على أحد منّا، وشاهداً لكل واحد منّا لا شاهدة على أحد منّا، آمين.
وصايا ختام الدورة:
بعد الرجوع مِن مثل هذه الدورة؛ تبقى المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة مع إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام، الاستيقاظ ولو قُبيل الفجر، والاستغفار في السَّحَر؛ وصف الله به خِيرة عباده في الكتاب العزيز: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ)، (إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
وآدابنا في الطعام وفي الشراب وفي اللباس، وفي النوم وفي القيام من النوم، وفي المشي للمسجد ودخول المسجد، والحديث مع الناس ومكالمتهم، وحرصنا على سُنن النبي محمد ﷺ، واستزادتنا من العلم، قال الله لأعلم الخلق به: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا).
الله يشرح صدوركم وينوّر قلوبكم، وكُلٍّ في مدرسته وفي بيته وفي مهنته ومع زملائه يخدم الدين والشريعة بما يستطيع.
بهذه المقاصد الثلاثة: العلم النافع المسند، والتزكية والتطهير للنفس والتنقية لها، والدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
وكل من قام بشيء من ذلك نتعاون معه، حتى ينشر الله الخير في الأمة، وفّقنا الله وإياكم ونظر إلينا.
أقوى أسباب الفرج عن الأمة:
وقال حفظه الله بعد أن استمع إلى أحوال أهل عدن والدعوة فيها:
أصلح الله أحوال عدن وأهلها والأمة كلها، وحَوَّل الأحوال إلى خير حال.
التواصل في الله، والتعاون على إقامة أمر العلم النافع، مع العمل به، والتزكية للنفس، والدعوة إلى الله؛ مِن أقوى أسباب الفرج ودفع الآفات عن الأمّة، ينبغي أن يتم التعاون على ذلك مع الصبر والحكمة والرحمة والتواضع؛ وهي أسباب جوده سبحانه، الله يُكرمنا وإياكم بذلك، ويسلك بنا أشرف المسالك.
كلكم متعارفين؟ ومتحابّين في الله؟
إن شاء الله، لأن العلاقات بين الناس تضمحِلّ وتتلاشى إلا ما كان لله، كل التعارف الذي يحصل على أي أساس آخر غير قصد وجه الله تعالى يضمحلّ، وربما يتحوّل أصحابه إلى أعداء بعضهم لبعض، إما يُعجّل ذلك في الدنيا أو الكل.. يكونون كذلك في الآخرة، قال تعالى: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) اللهم اجعلنا منهم.
مسلك الرحمة والترفُّع عن الصراعات:
سؤال من أحد طلاب أحور:
يعاني إخواننا من مضايقات وتشويش بعض الفئات المعارضة، مما يؤثر على الناس، نرجو منكم توجيهًا يثبّتهم..
أجاب الحبيب عمر بن حفيظ:
زادكم الله توفيقاً وعناية وأظهر الدين والحق، والمسلك هو: رحمة بعباد الله، قريبهم وبعيدهم، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأُنثاهم.
والترفُّع بهذه الأمانة عن الخروج إلى الصراعات والنزاعات التي يُسيّرهم فيها نفوس وأهواء وشياطين، وكثير من الخيوط المُتّصلة أيضاً بالأمة من أجل بثّ الشحناء والبغضاء والعداوة والتفريق بين الناس باسم الدين وبأي اسم آخر.
لكن الأنبياء بُعِثوا بما يجمع القلوب على الله، بُعِثوا كلهم بالوجهة إلى الحق تعالى وتطبيق أوامره، والابتعاد عن نواهيه سبحانه وتعالى.
جعلنا الله وإياكم من وَرَثة النبيين وأتباع النبيين، من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويُخلصون لوجه الله ويصدقون (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
سؤال عن مواجهة المنفّرين:
ما هو الأسلوب الأمثل لمواجهة دعوات التنفير والتشكيك بين الناس؟
الحبيب عمر بن حفيظ:
بما واجه به النبيّون والمرسلون مَن تكلّم عليهم، ومن قال أنهم سحرة، ومن قال أنهم كذّابين، وقال أنهم مجانين؛ فكانت مهمّة الأنبياء أن يُبيِّنوا.
يقولون: (إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ).
قالوا: (إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ).
فحُسن البيان، مع الاستمساك بالخُلُق الكريم، والصبر على كل ما يُقال، مع أداء التوضيح والتبيين من دون أن يتحوّل إلى جدال عقيم ولا إلى إثارة الضغائن وما إلى ذلك، ولكن بالصبر.
قالوا للنبي محمد ﷺ وهو في طريقه إلى الهجرة، يسأله واحد مِمن لقوه في الطريق: أنت الذي يقولون لك الصابئ؟ - يقول للنبي، كانوا يسبّونه ويسبّون الذي يتبعه ويقولون: هذا الصابئ، الصابئين يعني رجعوا عن دين آبائهم - فقال ﷺ: كذلك يزعمون، أي: يقولون هكذا، ما عمل مشاكل معه ولا رد، ولا قال: أنا صابئ؟ أنا نبي!
قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ).
من دون تقاعُس عن حُسن البيان، خصوصاً لمن أراد أن يفهم، فالحقيقة لابد أن تظهر والعاقبة للمُتقين.
ولهذه التيارات دوافع وإغراءات وتمويلات مِن كثير من الجهات في الداخل والخارج، ولكن كلها تنتهي في وقتها، وهذا الوعي والفهم للكتاب والسُنّة بمسلك الصحابة والتابعين وتابعيهم والسلف الصالحين، هذا عليه سواد الأمة في اليمن وفي الشام وفي مصر وفي المغرب وفي أفريقيا وفي شرق آسيا وفي الهند وفي باكستان وفي جميع أقطار الأرض.
فتجد عامة المسلمين أتباع المذاهب الأربعة، على قدم أهل الأشاعرة والماتريدية، على محبة لأهل التصوّف بمختلف أطيافهم في شرق الأرض وغربها، هذا هو الأصل وهذا هو الأساس، وهم السواد الأعظم من الأمة، ومعهم خيار أهل البيت الطاهر، ومعهم الأئمة من المفسّرين والمحدّثين والأصوليين والفُقهاء، مضوا على هذا المنهج وعلى هذا السبيل.
فيلزمنا فيه حُسن البيان بالتوضيح للأدلة والبراهين، وبالمعاملة والخُلُق الكريم والصبر.
سبّ واحداً سيدنا عيسى بن مريم، فرفع يده دعا له، سبّه مرة ثانية فرفع يده دعا له، مرة ثالثة دعا له، قال الحواريون معه: هذا ما يمدحك يا نبي الله، هذا يسبك وأنت تدعو له؟ فقال: "كُلٌّ يُنفِق مما عنده"، الذي عنده يُنفق منه، هو عنده السقاطة والسب.. لكن هذا نبي ما عنده إلا نور ورحمة، قال: كلٌّ يُنفق مما عنده!
فهكذا علينا البيان كما قال: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)، (وَمَا عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)، علينا أن نتعاون على ذلك ونُبيّن الحقيقة للناس بما استطعنا، قولاً وفِعلاً وحالاً، حتى يُظهِر الله الحق، ولابدّ من ظهور الحق.
دعاء لطلاب الدورة:
عسى نظرة من نظرات الله وتوفيقاً كاملاً، والأعمال بخواتيمها، تكون الخاتمة حسنة لنا ولكم في خلال هذه الأيام؛ تزداد القلوب نور، وصفاءً ونقاءً عن جميع الكدور، ورابطة بالنبي محمد بدر البدور، واتّباعاً له في جميع الأمور في البطون والظهور، ونُصرة له.
تنصرفون وكل واحد منكم مفتاح للخير مغلاق للشر، سبب لنفع الأمة وهداية الأمة وصلاح الأمة، وعجَّل الله بالفرج لنا ولكم ولأهل الشام واليمن والشرق والغرب، وكشف كل كرب، وحوّل الأحوال لأحسنها، بسرّ الفاتحة إلى حضرة النبي محمد ﷺ.
لمشاهدة الجلسة كاملة :
لمشاهدة قائمة فعاليات الدورة التعليمية ال31 بدار المصطفى بتريم YouTube Playlist:
لمشاهدة سلسلة الجلسات مع طلاب الدورة
12 صفَر 1447
تاريخ النشر الميلادي
مشاركة
اضافة إلى المفضلة
كتابة فائدة متعلقة بالمادة
آخر الأخبار
12 صفَر 1447
ضمن مجالس فعاليات ذكرى حولية أم المؤمنين سيدتنا خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، في القويرة، وادي دوعن...
12 صفَر 1447
"حقائق الحرية والعبودية والمسؤولية وميزة سعادة المكلفين ومقوماتها" عُقدت في ساحة مقام الإمام عبد...