الاستعداد للمستقبل الأبدي وحُسن التعامل مع متاع الدنيا

فوائد من محاضرة: حقيقة المستقبل الأخطر ودعوة الأنبياء للإعداد له

 

الحرب الخطيرة:

لا يجوز أن نُضيِّع ونُفوِّت كنوز الصِّلات العُلوية بالرب جل جلاله، وشرف الاتصال بالجناب، وذوق حلاوة الإيمان، مقابل الاغترار بشيء مما يطرحه علينا هؤلاء.. 

ترون هذا الحرب الحسي الظاهر الذي قام والظُّلم الكبير، ولكن أيضاً أدوات حروبهم في منازلنا وعندنا أيضاً، وبواسطة مُنظمات وبواسطة مساعدات وبواسطة تطوير.. بهذا الاسم تأتي سموم،! سموم انتزاع القِيَم، سموم انحراف. 

هم واصلين اليوم بوسائل مختلفة إلى وسط قُرانا، فما الحرب الذي يعملونه في غزة وفي الضفة الغربية بأخطر ولا أشد من هذا الحرب الذي يعملونه أمام قِيَمنا وشرف أخلاقنا وصلتنا بربنا وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وما يلعبون به على الأفكار وعلى السلوكيات في واقعنا، كُله خبيث وكله حرب شديد وشنيع وآثاره خبيثة، والله يدفع شرهم عنا.

 الاستعمال الصحيح للدنيا:

استعداداً يرفعنا عند تناولنا لشؤوننا أو انطلاقنا في أسبابه أو القيام بمِهَنه وبحرفه؛ يجعلنا على حال رفيع شريف، لسنا بمحبوسين ولا محصورين في هذا المتاع ولا في شؤونه، ولكننا نعبُرُ إلى استعماله مستخدماً لا مُستخدَماً، ولاستعماله مملوكاً لا مالكاً، ولاستعماله مُسَخَّراً لا مُسخِّراً، ولاستعماله مقهوراً لا قاهراً، ولاستعماله وسيلة لا مقصداً ولا غاية.

مَن كان منهم مع علمهم ومع تقواهم ومع الصفات الحميدة التي عندهم، مَن كان منهم صاحب زراعة أو صاحب مِهنة أو صاحب حِرفة أو صاحب تجارة، هُم في حرفهم تلك شاركوا في الصورة المغرورين بالدنيا المُستخدَمين لها وخالفوهم بالحقيقة، فلم يكونوا مُغترّين ولم يكونوا لها قاصدين، ولا فيها محبوسين ولا عندها مقصورين، ولا إليها ملتفتين، بل مستخدمين ومُسخِّرين ومستعملين لها استعمالاً يليقُ بتكريم الذي خلقها لهم (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ).

 تسخير الأجهزة لخدمة الدين:

هذه الأجهزة التي صُنِعَت على أيديهم كانت من إملاء الصانع الذي صنعهم وصنع عقولهم وأفكارهم وصنع المادة لهم جل جلاله؛ لا تدلّ على شرف ولا فخر لهم مِن قريب ولا من بعيد، بل لسوء نياتهم أكثر استعمالها فيما ضَرَّ البشرية، وفيما كان فُرصة لأهل العصابات الساقطة، ولعبوا بها على الكل وآذوا بها الكل، وخَرِبت بها وفسدت مجتمعات كثيرة.

 كان الإمام عمر بن أحمد بن سميط رحمه الله يقول: اغنموا ما تقدرون عليه من هذه الأجهزة وهذه الآلات المستعملة، ومنها حتى السيارات التي جاءت، قال: فإن صانعوها عامتهم لا هم أهل نيات صالحة ولا لهم مرادات حسنة، فصنعوها لدنياهم ولفسادهم.. فاغتنموها أنتم، حوِّلوها، صرِّفوها واغنموا ما غنمتم منها؛ لتصرفوها في خدمة الحق وخدمة الدين وخدمة الهدى وخدمة النور الذي بُعث به المصطفى، فهذه غنيمتكم.. إنما سخرهم الله لكم تسخيراً.

 المستقبل الحقيقي والمستقبل الوهمي:

هذا الهراء الذي يتحدث به الناس عن المستقبل على ألسنة الكَفَرة ومن شايعهم أو اغترَّ بكلامهم، الذي سمّوه مستقبل هو الأمر الهَّيِّن واليسير الماضي الذي يمر حتماً على الكل من دون اختيار بكل ما فيه، ما أسرع انقضاءه وفناءه!

ولكن الذي علّمنا الاستعداد للمستقبل والإعداد للمستقبل والتهيُّؤ للمستقبل الكبير الخطير العظيم هم الأنبياء، بأمر الله الأعلى جل جلاله. 

المستقبل الذي هو في الحقيقة مستقبل: مُستقبل سعادته أبدية وشقاوته أبدية، مستقبل نعيمه مؤبد وعذابه مؤبد، مستقبل رضوان أبدي أو سخط أبدي.

من آمن ومن كفر، من صدَّق ومن كذَّب، كلهم يقبلون على هذا المستقبل، وهو الذي نبَّهنا الأنبياء للاستعداد له والتزوُّد مِن هذا الحاضر العاجل الفاني الزائل.

 القواطع عن الله:

ما يصيب الإنسان في خلال حياته؛ مِن غفلة أو إعراض أو تولٍّ أو ترك واجب أو قصد مُحرَّم في النية أو الصفة أو القول أو الفعل أو النظر أو الاستماع.. هي القواطع التي شؤمها إذا تكاثر يؤدّي إلى سوء الخواتيم وإلى العذاب الأليم، وإلى الحجاب عن الرب جل جلاله (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ).

 

الحمد الله على جمعنا وإياكم، وإن شاء الله ننتفع ونرتفع، وسراية السيرة تسري فينا، ونور السريرة تمتلئ به بسرائرنا، وننال حظنا من ذوق حلاوة الإسلام والإيمان والإحسان، والمعرفة الخاصة والمحبة الخالصة.

 

اقرأ: محاضرة مكتوبة بعنوان: حقيقة المستقبل الأخطر ودعوة الأنبياء للإعداد له

للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ، في الجلسة السنوية في ذكرى الإمام المهاجر إلى الله أحمد بن عيسى، في دار الصفا، بحارة الرحبة، تريم، 18 محرم 1447هـ

 للاستماع، أو قراءة المحاضرة مكتوبة: اضغط هنا

للمشاهدة: اضغط هنا

 

تاريخ النشر الهجري

30 مُحرَّم 1447

تاريخ النشر الميلادي

25 يوليو 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

آخر الأخبار