كلمة شهر رجب لعام 1425هـ

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الملك الكريم ، الفتاح العليم ، لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنبت وإليه المصير ، اللهم صل وسلم وبارك وكرم على عبدك المصطفى البشير النذير السراج المنير، المخصوص منك بآية الإسراء والمعراج ، وعلى آله وأصحابه المستقيمين على الهدى من غير اعوجاج ، وعلى من تبعهم في شريف ذلك المنهاج .
أما بعد : فإلى إخواننا من أهل لا إله إلا الله ، وكلِّ منصفٍ من المكلفين من عباد الله تعالى في علاه، في إطلالة ذكرى إسراء نبينا المصطفى محمد 

 ومعراجه إلى السماوات العلا، إلى سدرة المنتهى، إلى المستوى الذي سمع فيه صريفَ الأقلام، نستفتح هذا الموقعَ باسم الله تبارك وتعالى في علاه وعلى بركته، ونجعل كلمتنا لهذا الشهر الكريم لفت النظر إلى واجبٍ يتعلق بهذه الذكرى يحتاجه المسلمون في مواجهتهم للأحداث والوقائع في هذه الحياة المليئة بالعجائب والغرائب والعبر والآيات.
        إن حادثة الإسراء والمعراج تحمل التأكيد على الرابطة بالغيب لدى أهل الإسلام والملة السمحاء، والاتصال بالملإ الأعلى والسماوات العلا، متفرعا عن الإتصال بالملك الأعلى رب السماوات والأرض ومن فيهن ( له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى * وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى * الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ) وهذا الاتصال زادٌ في الاستقامة ومواجهة ما يجري في خضم هذه الحياة . 
أيها الإخوان: وفي معاني هذا الاتصال نشاهد أن نبيَّنا المصطفى لاقى من التكريم والإجلال في عالم الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين والسماوات العلا، في الوقت الذي كان يعاني فيه في بلاغ هذه الرسالة على ظهر هذه الأرض عناد المعاندين واستخفاف المُستخفِّين واستهزاء المستهزئين وأذى المؤذين من أصناف الخلق ، وفي صباح ليلة الإسراء والمعراج قابله أبو جهل وسأله مستهزئا مستخفًّا وجمعَ القوم ليكذبوه، وكان ما كان .. وكل ذلك يزود هذه الأمة بزاد عدم الاكتراثِ بمجريات الأحداث في هذا العالم، وتوجيه النظر إلى تحقيق الاستقامة لرب العالم والعمل بطاعته وشريعته، دونَ تكاسلٍ ولا تخاذل ولا استثقال، فليس لليأس ولا للقنوط مكان في قلب المؤمن بالحق ورسوله، ولا للتخاذل والتكاسل مكان في سعيِ الذي أراد وجهَ الله والدار الآخرة ( فأولئك كان سعيهم مشكورا ) فلنكن على الطمأنينة، ملتفتين بأنظارنا ووجهاتنا إلى تقويم خُطانا على الاستقامة، متَّصفين بالصدق والإخلاص والرحمة، كما أمرنا بذلك إلهنا موقنين أنه مهما أظلمت الأحداث وادلهمت الخطوب فإن من ورائها فرجًا قريبا بقدرة الذي بيده الأمر، عالم السر والجهر جل جلاله .
فليكن نظرنا إلى الأحداث عبرة لا اغترارا ولا يأسا ولا قنوطا بل ثبات على الرجاء في الله ، وخوف من الركون إلى معصيته أو العمل بسخطه جل جلاله، فتلكم هي الوجهة والمسلك القويم الذي يجب أن يتوجه عليه الصادق، وقد مضى عليه كرام الخلائق، فذابت أمامهم جميع القواطع والعوائق، ونازلَهم من السكينة والطمأنينة ما به فازوا، ولخيرات الدارين حازوا ..
      ختم الله لنا شهر رجب بيقينٍ يباشر القلوب، وسكينةٍ تغمر الأفئدة، وصدقِ عزيمة ننتهض بها للقيام بالواجبات في شئون مسالكنا مُتشبِّثين بحبال الرجاء في خالقنا وموجدنا ، اللهم أحسن لنا خاتمةِ رجب وبارك لنا فيه وفي شعبان وبلِّغنا جميعا رمضان، وأعنا على الصيام والقيام ، وافتح لنا وللأمة أبواب الفرج، ورفعَ الضيق والحرج، وتقويم كل معوج ، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وسلام على عباده الذين اصطفى، ونسأله أن يخص بأزكى الصلوات والتسليمات عبده المصطفى وآله وصحبه ومن لهديه اقتفى . والحمد لله رب العالمين. ( استمع إلى الكلمة )

تاريخ النشر الهجري

25 رَجب 1425

تاريخ النشر الميلادي

09 سبتمبر 2004

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

آخر الكلمات

22 ربيع الثاني 1445

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرفِ الأنبياء والمسلمين،...

13 ربيع الأول 1445

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا...