بين اعتزال الناس والاختلاط بالناس.. كيف يمكنني معرفة الخيار الذي يقربني أكثر من الله؟

اعتزل كل من لا تعلِّمه ولا تتعلم منه، من لا تفيده ولا تستفيد منه، من لا تنوِّره ومن لا تتنور به، ولا تضطر لحاجة من حاجات الدنيا والآخرة لصحبته.

وخالط من تفيده أو تسفيد منه، من تنوِّره أو تتنور به، من تعلِّمه أو يتعلم منك.

وأحسِن المخالطة فيما فرض الله عليك من جمعة، وما ندبه إليك من جماعة، وما يضمك من مجالس في العمل أو في المناسبات أو في الدعوات، ومع أهلك وجيرانك وأرحامك كن كذلك.

 ولا تطلب الاختلاط تبعا لرغبة النفس ولا لأنسها بالناس الذي هو علامة الإفلاس.

قال الإمام الحداد:

 فإياك أن تختار صحبةَ من ترى** له ظاهراً يُعجبك مِن قبل أن تبلي

وقال أيضا:

واصحب ذوي المعروف والعلم والهدى** وجانِب ولا تصحب هُديت من افتتن

وأما العزلة الخاصة التي يطرق بها الخاصة أبواباً من الفيض الرباني في الدرجات العُلى فلها ترتيبها ولها نظرها ولها شيوخها ولها قوامها ومعانيها وهي لأهلها.

أما عامتنا وعامة المسلمين فعليهم أخذُ هذا الأصل والأساس، فلا يختلطوا بمن يضرهم في دينهم ولا دنياهم .. ولا يفتحوا آذانهم لذلك.

بل هم في وضع قال عنه صلى الله عليه وسلم: دع عنك أمر العامة، واشتغل بخاصة نفسك. ومِن خاصة نفسك أرحامك وأقاربك وأهل عملك ومكان صلاتك الجماعة ومكان حضورك الجمعة ومن تلاقيه في طريق، ومن معك في سيارة أو طائرة ونحوها. فأدِّ حق الله فيه.