تفسير سورة الفاتحة - 5 - من قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم)

تفسير الفاتحة وقصار السور - 5 - من قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم)
للاستماع إلى الدرس

تفسير الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ لسورة الفاتحة وقصار السور بدار المصطفى ضمن دروس الدروة الصيفية العشرين في شهر رمضان المبارك من العام 1435هـ.

نص الدرس مكتوب:

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)) 

 الحمدُ لله، وما أعجب الفاتحة، وما قولنا ما أعجب الفاتحة عند ذرةٍ من ذرات الفاتحة، وما أعظم الفاتحة وما يُغني ويُجدي، وما قولنا ما أعظم الفاتحة عند ذرة من ذرات الفاتحة؛ إنها شأنُ الكنز الذي كَنَزَهُ الله تعالى للكِتاب الخاتم المهيمن على جميع الكتب المُنزّلة من السماء، وهذه شؤون تَجْلو عن الوصف لمن يَصِفون، وتقف دونها الأوهام والأفكار والظُنون. والله يفتح لنا باباً في أسرار الفاتحة وتأملها يجعل لنا به فتحاً مُستَمِراً وَجوداً لا يزالُ دائماً مُنهمراً في شؤون المعارف والإيمان واللطائِف والإحسان وحقائق الإيقان بالرحمٰن، اللهم لا تحرمنا خير ما عندك لِشرِّ ما عندنا.

فتأملنا بعض ما حَملت لنا ألفاظ فاتحة الكتاب من المَعاني البَديّعة والشُؤون الرَفيعة، وصلنا إلى قوله تعالى: 

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)) آمين، وقد ابتدأت الفاتحة بالبَسملة والحَمد للرحمٰن -جل جلاله- وذِكرِ هذه الأسماء: الله، الرحمٰن، الرحيم، وذِكر اسم المَلِك؛ (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))؛ ودَلَّت على أن الكائنات وما فيها تحت حُكمِه وقَهره، وإليه غايةُ ومرجعُ كل شيء وكل أمر، فأمرُ كل شيء راجع إلى من له الأمر سبحانه (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف:54]. 

فانتقل سبحانه وتعالى في إيرادِ اللفظ العَظيم البياني إلى الخِطاب، وكان الكلام المُتقدم بالغَيْبة: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))، فكان المُقتَضى أن يُقال: إياه نَعبد وإياه نَستَعين؛ فَحَوَّل الخِطاب واللَّفظ إلى خِطاب بالكاف؛ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))، يَذكرُ أهلُ اللغة في معنى الإلتِفات من غائبٍ إلى حاضرٍ وقد يفعلون ذلك تَنويعًا للكَلام وتَنشيطًا للأذهان وما إلى ذلك، وحِكمةُ الله أكبر وأعظم.

فإن الذي يَتَأمل هذه المَعاني في: (الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3)) الإلٰه الذي يَستحقُ الحمد كله، والعَالَمونَ تحت قَهره وسَيطرته - وهم روح العالم - وهو مُدَبِّرهم وهو صاحبُ المُلك في يوم الدِّين جل جلاله، تَحضُرُ معه قُلوبهم  وتَنكَشف حُجبهم فيُخاطِبونه مُخاطبةَ المُعاين المُشاهد التام الحُضور مع الله، فَتَحَوَّل إلى الخِطاب بكاف الخِطاب مع رَب الأرباب: 

(إِيَّاكَ)، ولم يَبقَ مَسارُ الكلام إياه نَعْبد وإياه نَستَعين، ولكن بعد هذا الشهود وبعد هذا الفناء عن الوجودِ في الموجود؛ تحوّل الحال إلى شأنٍ حاضرٍ تمام الحُضور، فخاطب المَوجود وخاطب الحاضر الشّهيد وخاطبَ القَوي القَادر القيّوم؛ خِطاب من يُعايِنهُ مُعايَنةً أو كأنه يُعاينه مُعاينة ويُشاهده مُشاهدة: 

(إِيَّاكَ). فالقارئ لهذا عامة وفي الصلاة خاصة يكون في حالةِ نشوةٍ مع بَدائِع الجود في أسرارِ الصِلة بينه وبين المَلِكِ المعبود: 

  • (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)؛ نُقيم العبودية لك وحدك. 
  • كان يمكن أن يقول أيضاً "نَعبُدَك" ولكن قال: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)؛ قدّم مفعول نعبد، 
  • (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)؛ لِيُفيدَ الحَصر والإستمساك أي لا غيرك، إليك وحدك نَصرِفُ العبادة التي تَدُل بكل معانيها على الخُضوع والتَذَلل التام، 
  • (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)، نتحرر من رقِ الأغيار والآثار في جميع الأطوار وبكل المعاني والمقاييس إلى القِيام في العبودية لك.

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))، وكان أيضاً يمكن أن يقال: إيّاك نعبدُ ونستعين، لا؛ لزيادة التَعلُّق، بل لزيادة الإنطواء والغَيْبة في قوة شهود هذا الرب كرر اللفظ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)). وكم في اللفظ من فرقٍ بين أن يقول: بك حَضَرتُ، وبك قُمتُ، وبك أَخذتُ، وبين أن يقول: بك أخذت وحضرت وقمت، ولكن وبك وبك…، يزيد معنى قوي في الإستِشعار والشُهود والرابطة؛ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(5))؛ عبادتنا لك و استعانَتنا بك.

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))، قَدَّم العِبادة على الإستِعانة؛ لأنها وَسيلةٌ إلى حُصول العَوْن الكبير، فعلى قدر ما نُؤدي من حَق العبادة نُمَدُ بالعون من المَعبود -جل جلاله وتعالى في علاه-، كما أنه من وَقَف أمام مَلِكٍ يقول له: اخدمني في كذا وكذا، فَشَرَع في الخِدمَةِ وقام بها فطلب بعد ذلك المَعونة، فالمَلِكُ حاضر معه ويُعينه، فإذا كان قبل أن يبدأ بشيء، قال: أين المُعينات على هذا؟ يَصير هذا قليل أدب مع المَلِك؛ نَفِّذ، قُم بالخدمة، حتى إذا نازَلَك عَجْزُكَ وضَعفك أمدك المَلِك بما يُعينك على ذلك.

    وهكذا في كَثيرٍ من شُؤون الخَير ما دام الإنسان يفكر فيها من بَعيد ويُخَطط له، ما تحصل له كثير من المَعونات، ولذا كان يقول بعض العارفين: إذا أردت وصَحَّتْ منك النية في بناء مسجد مثلاً فابدأ فيه، فإن المَعونة تَحصُل، أما تجلس، ثم تقول: من أين أحصل -على المال-؟ سأصل إلى أين؟ والذي معي ما بيكفي؟ حتى عُشُر.. أقعد محلك-لاتعمل شئ- إلى أن تموت، ابدأ وقم بالعمل فيأتيك العون من الله -تبارك وتعالى-؛ لأنك تَأهلتَ لذلك وتهيّأت لِتَحصيل العون منه سبحانه وتعالى.

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))، يقول بعض العارفين: 

  • (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) شريعة 
  • (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) حقيقة.

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))، وجاء بلفظ الجمع (نَعْبُدُ)، وكان المُتَكَلِّم واحد، المُخاطِب إياك أعبد، (نَعْبُدُ)، ان تكون إياك أعبد؟ لا يمكن، فإن مَنْ هذه أوصافه إذا فكَّرت فيها: من أنت حتى تُخاطِبه بهذا الخِطاب؟!! فاندَرجْ تحت أهل النبوة والرسالة والولاية الكُبرى والصِديقية وقل: 

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ (5))؛ لتدخل معهم فتعود بركتهم عليك فيصح لك الخطاب لهذا الرب، مَن أنت حتى تقول إياك أعبد؟ أنت مَن؟! ما عَرَفته! وما قُمت بحق العبادة تِجاهه! ومَن أنت؟! فرحمةً منه قال نقول: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ (5))؛ ليكون القاصر منا والضعيف منا كأمثالنا داخلاً تحت دوائر أُولائك الذين قَوّاهم ورَقاّهم وأَدناهُم من الأكابر فَنَنّدرج نحن والمَلائكة والنبيين (إِيَّاكَ نَعْبُدُ (5))، يكون ذلك أقرب لخُضوعك وأدَبِك ولِقَبولك عنده ولمُقابَلتك لهذه الحَضرة، لا بأمثالك. 

  • وإذا كان هذا الذي شَعُرَ، الشعور الطيّب يقف عند باب المَسجد ينتظر أحد من الناس يدخل وراءه يقولون: مالك تَقف على الباب؟ يقول: إن المسجد بيت ربي وعندما أدخل إلى بيته ينظر إلى قلبي، وليس لي قلبٌ يليق بنظر الحق تعالى ويستاهل ذلك، فأنظر مؤمنًا يدخل قبْلي فأدخل وراءه فينظر إلى قلبي ومع قلبه، فَيكون ذلك أقرب لِقَبولي عند الله؛ فكيف شُؤون الخِطاب مع هذا الإلٰه؟

أُنظر كيف أعطانا الفاتحة بِخيراتها الكَبيرة العَظيمة وما انطوى فيها من مِنَنٍ علينا، هذا الذي حُدِّث عنه وأُدرك لمن أُدرك على مراتب في الإدراك شيءٌ يسيرٌ مما احتوت عليه الفاتحة، والفاتحة أكبرمن ذلك وأعظم، ولا تزال خَيراتُها يَتَناول منها أربابُ السَوابق من الخالق والعِناية من الحَق فَيضاً بعد فَيض، وفَضلاً بعد فضل، ويُعمّر أحدهم ما يُعمّر، وهو يتناول من خيراتها ولا تنتهي و(قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) [الكهف:109].

  • (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))، وإذا قال: (إِيَّاكَ نَعْبُد)، فنازله وَهمٌ أنه صاحب عملٍ وصاحب اجتهاد وصاحب شأن، أتْبعها بقوله: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)؛ حتى يذهب الوَهم ويَعلم أنه ما قام بشيء من عبادته إلا به ومنه وبتوفيقه وإفضاله.
  • (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))، فنطلب منك الهِداية، فأنت تعبد وتستعين؛ تطلب الهداية لأن الإستقامة على العبادة وأدائها يحتاج إلى الهداية المُستمرة، وكذلك حُصولُ العون من هذا الرحمٰن لعبده يحتاج إلى دوام وإلى استمرار.

(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6))؛ أي الأمر منك وإليك وبك قائم وراجعٌ إليك، ونبينا  لما قَدَّم أضحيته في يوم العيد فنحرها قال: "اللهم منك وإليك"، ثم ماذا باقي؟ وأين هو؟ وأين عمله؟ وأين الرأس الذي يذبحه؟ "منك وإليك" فقط، "اللهم منك وإليك" -جل جلاله وتعالى في علاه-. فعبادة المُتَعَبِدين فَضلٌ منه وكَرَم.

  • (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)؛ كرماً منك وإحساناً وفضلاً (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))؛ توكلاً وإيقاناً. 
  • (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)؛ تَنفي الشَّريك وشوائبَ الشِّرك في شهودنا لك. (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))؛ تَنفي شُهود الحَولَ والقُوة لنا، تنفيه تُقيمُ تَبرأنا عن حولنا وقوتنا، 
  • (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))، فلا حول ولا قوة إلا بك.

(اهْدِنَا الصِّرَاطَ ..(6))، ثَبتنا وزدنا، قوّمنا وارفعنا، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6))، وهذه يقولها المُبتَدئ من المؤمنين وعامتهم، ويقولها الولي منهم، ويقولها الصدِّيق فيهم، ويقولها القطب، ويقولها النبي: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، "يا عبادي كلُّكم ضالٌّ إلَّا من هديتُه ، فاستهدوني أهدِكُم"، الكل يطلب الهداية؛ لأن لها بدايةٌ وليس لها نهاية، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا) [العنكبوت:69]، جاهدوا في الله؛ يعني قوم مُخلِصين باذِلين الوِسع والطاقة؛ ما شاء الله هؤلاء هداة مهتدين، قال: (لَنَهْدِيَنَّهُمْ) [العنكبوت:69]، أي هؤلاء يريدون هداية؛ هؤلاء سنهديهم قال: (لَنَهْدِيَنَّهُمْ)، (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [العنكبوت:69]. فنحن محتاجون إلى الهداية في كل حال وفي كل مقام،  (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)):

  • العاميُ من المسلمين يقول:ارفعنا من مراتب الإسلام إلى حقائق الإيمان 
  • وصاحب الإيمان يقول: ارفعنا في مراتب الإيمان إلى مراتب الإحسان، 
  • وصاحب الإحسان يقول: ارفعنا في مراتب العِرفان 
  • وأصحاب الصديقية في صديقتيهم إلى معاني الفيض والفضل الذي يختص به أكابرُ الأكابر ممن أراد الله
  • وقطب الزمان كذلك يقول إن كان في مقام الخلافة الكُبرى عن زين الوجود في وقته وزمانه، فهو كذلك يقول (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6))؛ 

لِم لم نعلم بعد مما يمكن أن تُعَلِّمنا ومما لم نُعطى بعد مما يمكن أن تُعطِيَّنا، والذي قد أعطيت ووهبت، نثبت عليه ونقوم بحقك فيه لا نزيغُ ولا نُضِل - صراط مستقيم - لا عِوَج فيه، لا نَدَّعي لأنفسنا وجوداً معك ولا نتكبر على أحدٍ من خلقك ولا نغترَّ بشيء مما أعطيتنا، (اهْدِنَا) وزدنا، ارتقاء في هذه الهدايات؛ لأنه مهما وصل إلى مقام ففوقه من عطاء الله تعالى ما لا يُحد.

هنا في أبيات بعض الصالحين: جُد علينا بأكبر عطية

 هنا عند بعض شيوخنا الحبيب أبوبكر بن عبد الله الحبشي فقال: ما أكبر عطية؟ وقد أنشد الحبيب أبوبكر المشهور عنده القصيدة فيها: جُد علينا بأكبر عطية، قال: ما أكبر عطية؟ قلنا للحبيب أبوبكر وهذه أكبر عطية مستفيدين منك، قال: أحسن اتركوها هكذا ما تُحَدَّث، كيف؟ قال: مهما تصوَّرت في قلبك وعقلك من عطية، فلعل  عند الله ماهو أكبر منها في خزائنه، دعها هكذا.. أكبر عطية كما هي في علمه، هو يعلم بها وليس أنت، ما هو أنت تُحَدِدها على قدرك، هو يعلم بها، أكبر عطية هو أعلم بها، هو يعلم ماهي أكبر عطية.  مهما تصورت ومهما فكرت عنده في الخزائن أكبر مما تُدرك، أكبر مما تنتهي، فاسكت ساكت؛ دعها كما هي في عِلمُه.

(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6))، يا رب اهدنا الصراط المستقيم - تُكررها دائما- يأتي سيدنا الحسن وهو يُرَبّيه، ينظر إليه ويُرَقّيه، حسن؛ أُعلِّمك دعاء تدعو به في كل ليلة في صلاة الوتر؟ مرحباً، سيدنا الحسن عمره سبع سنين ثمان سنين في هذا الوقت، هذا الدعاء تدعو به في الوتر في الفجر: "اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت"، هذا من حين وُضِع على وجه الأرض ونَظَر الهادي المهدي محطوطٌ عليه وتربى في بيت النبوة، على يد فاطمة وعلي، بل على يد النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، قال قل: "اللهم اهدنا" واهدنا فقط؟ و(اهْدِنَا) كما سمعت في الفاتحة قال: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (7))، دخل مع القوم قال له: "اهدِنا فيمَن هديت" مامعنى فيمن هديت هذا؟ واهدنا فقط؟ قال: "فيمَن هديت"، رابطة قرب، واتصال، ومعرفة لقدر الجماعة، والجمعية، والدخول معهم، -الله- دائرة ما فيها من يستقل، (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل:19]، (رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [الشعراء:83]، وأكثر الأنبياء وسيدهم يقول: "أسألُك الأمنَ يومَ الوعيدِ، والجنَّةَ يومَ الخلودِ، مع المقرَّبين الشُّهودِ، الرُّكَّعِ السُّجودِ، الموفِين بالعهودِ"، تحت لواءه ومن وراءه يقول: "مع المقرَّبين الشُّهودِ، الرُّكَّعِ السُّجودِ، الموفِين بالعهودِ" -لله-؛ كُلٌّ في القيامة يتشرّف بالقرب منه وبمرافقته حتى النبيين ثم يقول: "أسألك الصبر عند القضاء والفوز عند اللقاء ومنازلَ الشهداءِ"، الشهداء؟ مَن منهم يتقدّم عليك؟! مَن منهم يتكلم في حضرتك؟! "وعيشَ السُّعداءِ" ما هو إنت أسعدهم؟! "والنصرَ على الأعداءِ ومُرافَقة الأنبياءِ" ، "وآدم فمن دونه تحت لوائه"، يقول: "ومُرافَقة الأنبياءِ"، فلم يعرف الطريق من ظن الإستقلال، ولم يعرف قدر الإتصال بأهل حضرة ذي الجلال سبحانه وتعالى.

(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)) يقول: "اللهمَّ اهدِنا فيمَن هدَيت، وعافِنا فيمَن عافيت، وتولَّنا فيمَن تولَّيت"، انظر رابطة وَصِلة ومعرفة لقدر هؤلاء المُقربين والمَمّنوحين، ولاء في الله من أجل الله، وعندنا في الفاتحة لما قال: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ(6))؛ قال: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (7))، اسمع لست أنت الأول الذي ستسلك فيه، انظر أمامك، و امشِ وراءهم، الأول هو واحد، قال له الله: (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) [الأنعام:163]، وقال قل لهؤلاء المدّعين البنوة لسيدنا عيسى عليه السلام: (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِين) [الزخرف:81]، لكنتُ أنا أول عابد، وكان اتخذني أنا، لو كان هذا يصح! هذا ما يصح، (فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِين) ﷺ، ومع ذلك رأيتهُ هو كيف يدعو ربه.

قال سيدنا عمر قلت لرسول الله: إني كنتُ نذرتُ أيام الجاهلية نذراً أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام ولم أوفِ بهذا النذر بعد، والآن جاء صُلح الحديبية يستطيع الناس أن يذهبون إلى هناك فاستأذنته قال: "أَوْفِ بنَذْرِكَ"، قال: استأذنته؟ فأذن لي وقال: "لا تنسنا يا أُخيَّ مِنْ دُعائِكَ"، وقال: "لا تنسنا يا أُخيَّ مِنْ دُعائِكَ"، من يقول؟ "لا تنسنا يا أُخيَّ مِنْ دُعائِكَ"، -الله-، هذا الذي يغترُّ بشي من أعماله، وشيء من أحواله، بشيء من مرائيه، ولا عاد يريد من أحد دعاء، ولا عاد يريد شيء؛ مُخَبّل .. مُغفّل.

زين الوجود: "لا تنسنا يا أُخيَّ مِنْ دُعائِكَ"، وسيدنا عمر ما عاد لاحظ إلا لفظة: "يا أُخيَّ" وأسكَرته، قال: "يا أُخيَّ"، قال: ما أُحب أن لي بها  حُمُر النعم، أحد يقول لي: "يا أُخيَّ" ﷺ. في هذا السبيل يقول لما ذَكر: "يا عمر يا علي إذا أنتما لَقيتُماه -يعني أُوَيْس القرني- فاسأله أن يستغفر لكما"، "فاسأله أن يستغفر لكما، يغفر الله لكما"؛ أرشد كُبار الصحابة إلى هذا المَسلك، يطلبون الدعاء من الصالحين ولو لم يكن صحابي. واحد ما أدرك النبي ولا رآه في حياته في عالم الأجساد، قال لهم: إذا حصلتوا هذا الصالح اسألوه؛ اطلبوا منه الدعاء، "فاسألاه أن يستغفر لكما، يغفر الله لكما"، هل عرفت؟ وما راحت الكلمة بس ومشتْ وروّحت، ولكن ذهبوا يبحثون: 

سيدنا عمر آخر سنيين الخلافة حقه يقول لعلي: أين أويس هذا الذي قال لنا رسول الله ﷺ بموسم الحج الآن؟ قال: أنا أقف في موسم الحج واستفهم أهل اليمن عنه. وأيام اجتماع الناس في مكة وقف سيدنا عمر عند باب الكعبة وقال: أيها الناس قفوا؛ وقفوا، قال: اجلسوا إلَّا من كان من أهل اليمن، فجلس ناس وبقي جماعة من الذين وفدوا، قال: اجلسوا إلَّا من كان من مُراد -قبيلة مُراد- فبقي عدَدّ نَفَر، أنتم من مراد؟ قال: اجلسوا إلا من كان من قَرَن، أخذ قرن من مراد، قال لواحد شيخ: أقرنيٌ أنت؟ قال: نعم، قال: أتعرف أُويس بن عامر؟ قال: نعم، ما أعرف أحد يصح أن أرفعه إليك يا أمير المؤمنين إلا رجل بهذا الاسم الذي ذكرته ابن عمي وهو أقلنا وأدنانا وما نرفعه إليك به وبه، قال: بك لا به، قال: أين يُلتَمَس صاحبكم هذا؟ قال: يرعى إبل لنا حوالي عرفة، سكت منه سيدنا عمر، قال لسيدنا علي: هيا. 

مشى هو وسيدنا علي وركبوا إلى عند عرفة والرجل قائم يصلي والإبل ترعى حوله، سلموا عليه، خفف الصلاة سلّم، رد السلام، من أنت؟ عبدالله، سيدنا عمر قال: قد عرفت الخلق كلهم عبيدُ الله، ما اسمك الذي تدعوك به أمك؟  أويس، ابن عامر؟ قال: نعم، من مُراد ثم من قَرَن؟ قال: نعم.  كان لك والدة وكنت بها بَار؟ قال: نعم.. كان بك برص فبرأت منه، إلا موضع لُمعة تحت مَنكِبِك الأيسر؟ من أنتم الذين شَهَّرَ الله لكما حالي؟ ما التفاصيل هذه عن خُصوصياتي وأموري الخاصة؟ من أين جئتم بها؟ قام سيدنا علي قال: أما هذا فعمر أمير المؤمنين، وأما أنا فعلي بن أبي طالب، فاهتز سيدنا أويس وقام وسلم عليهم ويقول: جزاكم الله عن أمة محمد خير الجزاء، من دلكما عليَّ؟ قالا: رسول الله.. هيّجوا أشواقهم عنده قال: ذَكَرَني؟  قال: باسمك واسم أبيك وقبيلتك وهذه الأوصاف التي ذكرنا لك.. بكى .. بكى .. بكى، قال: بأبي وأمي رسول الله، استغفر لنا؟ قال: أنا أستغفر لكم وأنت أمير المؤمنين وأنت ابن عم رسول الله! قالا: استغفر لنا، رسول الله أمرنا بذلك قال: استغفار المؤمنين والمؤمنات، وانتهى الحوار بينه وبينهم؛ وجعلها ساعة أخوة بينه وبينهم خاصة في الله سبحانه وتعالى.

كان يَذكُرها، كان يذكرها لما لقيه هرم بن حيّان في العراق فقال له :مات رسول الله ﷺ وهو أحب الخلق إلى الله مات الصِدّيق، ومات أخي عمر بن الخطاب، قال له: ويحك إن أمير المؤمنين لم يمت، قال: بلى قد نعاه إلي قلبي، في أيام قُتِل هو في المدينة وذاك في العراق، مازال لا يوجد خبر، وصل للعراق لكن روح أويس عرف موت أخيه، قال: أخي عمر بن الخطاب، وأنت ميت وأنا ميت وأبوك مات وأمك ماتت وكان يعظهم بهذا الوعظ -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى-.

  • (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6))، لا عوج فيه ولا زيغ ولا ضلال.
  • (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6))، والإستقامة أعظم كرامة. 
  • (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا) [فصلت:30]. 

(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) -الله- (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (7))، فالأمر مِنكَ وإليك وما وَقَعوا أهل الصِراط المُستقيم إلا بإنعامِك؛ (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، النِّعَم الكُبرى؛ النبيون ثم الصديقون وهؤلاء أهل المُلك الحَقيقي، فإن: 

  • حَظنا من اسم الله: التألُّه من استغراق الهَم والفكر في الرب والإقبال بالكلية عليه، وألا نَشتَغل بسواه عنه.
  • حظنا من الرحمٰن: أن نَتَوَصّلَ لإنقاذ عباده من المعصية إلى الطاعة، من الكفر إلى الإيمان، من الغفلة إلى الذكر، من البُعد إلى القُرب، اجتهد في ذلك هذا حَظك من الرحمٰن
  • حظك من الرحيم: واسِ .. ساعد .. أُكسُ عاري، أعطِ محتاج، أنقذ ملهوف؛ رحيم، ارحم
  • المُلك: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)) سبحانه وتعالى، ومالك كل شيء، حظك من هذا ابحث عما يحب مُلكه منك. 

فإن المَلك بالحقيقة هو الذي يحتاج إليه كل من عداه، ويستغني عمن  سواه، هذا ما هو إلا لله وحده. في العالَم، الخَلق يستغني عن أشياء ومُحتاج لأشياء مهما كان مَلِك حتى للنوم محتاج، محتاج حتى للبول، وإن  كان ملك، المَلِك مُحتاج؟ فالفقر عندهم، ما أحد مَلك بوجه الحقيقة إلا الله، لكن أشرف ما يؤتي من معاني المُلك مُلك يؤدي إلى جواره في الأبد ودار الخُلد، وأن يُعطيَك هناك المُلك الكبير.

فالذين يَستغنون في طريق الله تعالى عمن سواهم هم النبيون، بالله يَغتنون مباشرة عما سواهم في هذا، ومن سواهم من أممهم يحتاجون إليهم في طريق الله ما يعرفون طريق الله إلا بهم، فهذا المُلك كبير للأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم من الصديقين أربابُ المعارف واليقين الذين يدلُّون الخلق على الله، فَبِقدر إرثهم من الأنبياء؛ فهم في مُلك، وبسر هذه العظمة قال قائلهم: 

نحن الملوك حقيقة لا غيرنا*** والله لا مَلك سوانا يوجَدُ

 من لم يصل هذه الرتب فأين هو من حقائق المُلك؟ ومن كان مُلكه يؤديه إلى أن تُغلَّ يداه إلى عنقه ويحشر مغلولاً في القيامة، فأيّ ملك هذا؟ هذا هُلك .. هُلك ما هو بِمُلك؛ لكن هذا المُلك. الذي كان يقول فيه بعض الصالحين: مَلكتُ أعضائي السبعة ما صرفتها إلا في طاعة. 

وفي رمضان يُعرَض في سوق رمضان بضائع هذا المُلك الغالي الرفيع، وهو وإن كان مَجازي ولكنه بالنسبة للمَلك الحَق يُحب أهل هذا المُلك ويهيئ لهم ملكاً أبدياً لا ينقطع، كبير -سبحانه وتعالى- فالله يقسمَ لنا بنصيب في هذه الليالي  والأيام.

(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ..(7))، بِشُهودِك الأسنى، وأكابر المُنعَم عليهم في الأمة هم الذين يَشربون من اليَنبوع النبوي. (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7))، 

من حَلَّ عليه الغَضب من أمثال اليهود (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء:93]؛ وكلُ من حَلّ عليه غضب الله فقُطع وطُرد وأُبعد واختار السوء والمُنكَر. 

(الضَّالِّينَ (7))؛ المَحجوبين عن إدراك الحَقيقة بالوَهم والتَقليد وما إلى ذلك، (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7))؛ وفي هذا إثبات بمن نَتعلق ومن نُحِب ومن نُوالي، (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7))، فنوالي مَن؟ ونحبُ مَن؟ ونمشي في طريقة مَن؟ ونقتدي بمَن؟ 

فويلٌ لمن انقَطع عن الذين أنعم الله عليهم وعاش في الدُّنيا مسلم بين المسلمين، يرى النصراني الفلاني ويتأثر بالبرامج اليهودية الفلانية تلعب به في زيِّه، تلعب به في منطقهِ، تلعب به في أخلاقه.. عار عليك أنت تقول: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7))، وتخرج من الصلاة تُتابعهم؟ تَبرأ من تبعيتهم، ابحث عن الذين أنعم الله عليهم؛ لتكون معهم؛ خيرٌ لك، لا تَصحب سوى من يَزيّنَك في القيامة صُحبته، أما واحد سوف تفضح به نفسك بالقيامة، ابعد نفسك من الآن قبل ما تقع لك المصيبة الكبيرة، ولا توالي إلا أولياء الله وأصفياء الله والمقربين (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)) آمين يا رب العالمين.

وفقنا الله وإياكم، توجهنا إلى الله بسر الفاتحة وأهلها السبع المثاني والقرآن العظيم، أن يوفّر حظنا من مِنَنّه في هذا الشهر الكريم، يثبتنا وإيّاكم في أهل الصراط المستقيم ويلحقنا بأهله الذين أنعم عليهم، يا مُنعم عليهم أنعم علينا، يا متكرّم عليهم تكرم علينا، يا مُتطوّل عليهم تطول علينا  ألحقنا بهم يا ربنا..

في مقعد الصدق الذي قد أشرقت *** أنواره بالعند يا لك من سنا

والمتقون رجالـــه وحضوره *** يا رب ألحقنا بهم يا ربنا

 يا رب ألحقنا بهم يا ربنا، يا رب ألحقنا بهم يا ربنا، بحقك عليك: 

  • (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7))، في كُلِ قولِ من أقوالنا، في كل فعلٍ من أفعالنا، في كل نية من نياتنا، في كل حركة من حركاتنا، في كل سكنة من سكناتنا، في كل أخذ لنا، في كل عطاءٍ لنا، في كل قَبولٍ لنا، في كل رَدٍ لنا، في كل نظرة من أنظارنا، في كل مسموع من مسموعاتنا، بحقك عليك بالكتاب المنزل إلى حبيبك أحب الخلق إليك.
  • (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)) في جميع شؤوننا وأحوالنا، في حِسنا ومعنانا وظاهرنا وباطننا في الدنيا والبرزخ والآخرة. 
  • (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)) في كل خطرة من خطراتنا، في كل نظرة من نظراتنا، في كل ذَرة من شؤوننا وأحوالنا وأحوال من يوالينا.
  • (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)) في لطف وعافية.

  بسرِ الفاتحة 

وإلى حضرةِ النَّبي، اللَّهم صلِّ عليه وعلى آله وصحبه، 

الفاتحة

 

فوائد:

ومما رتب صُلحاء الأمة في الإتصال بالفاتحة أن يتخذوها وردًا من أعظم الأوراد، ذَكَروا فيه من الفضائل والمزايا والمِنح والتقريب إلى الله ما لا يَخطر على بال، ورتب كثير من صُلحاء الأمة أن يجعلوا وردهم في اليوم والليلة مائة مرة من سورة الفاتحة، وبعضهم يجعلونها دفعة واحدة، وبعضهم يوزعونها على الفرائض فيقرؤون: 

  • الفاتحة بعد الصبح إحدى وعشرين مرة، 
  • بعد الظهر إثنين وعشرين مرة، 
  • بعد العصر ثلاثة وعشرين  مرة، 
  • بعد المغرب أربعة وعشرين  مرة، فهذه تسعون. 
  • بعد العشاء عشر مرات؛ المجموع  مائة. 

إن فاتت في وقت؛ قضَوه في الوقت الثاني. 

وللإمام الحداد دعاء بعد الفاتحة -إذا قرأتها-: (الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، اللهم إنا نسألك بحق الفاتحة المُعظمة والسبع المثاني والقرآن العظيم أن تَفتَح لنا بكل خير وأن تتفضّل علينا بكل خير وأن تجعلنا من أهل الخير وأن تُعاملنا مُعاملتك لأهل الخير وأن تحفظنا من كل بلاءٍ وفتنةٍ ومحنةٍ وبؤس وضير إنك ولي كل خير ومعطي كل خير والمُتفضل بكل خير برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم).

فاجعل لك ورد من الفاتحة، وارتبط بالفاتحة، وعَظِّم شأن الفاتحة. وقد اعتنى صُلحاء اليمن من القرون الأولى بختم مجالسهم بالفاتحة، حتى كانوا في سوق تُهامى من أرض اليمن -زَبيد وما حواليها- يتبايع المُتبايع مع صاحبه في السوق، فإذا اتفقوا على البيع قَرأوا الفاتحة. 

كل أعمالهم الفاتحة، ارتبطوا بفاتحة الكِتاب، ونِعمَ الشافع الفاتح، قَدرها عظيم، جاهها وسيع فخيم وأنت تقرأها في كل صلاة، استبعث التعظيم من قلبك ومعانيها وشؤونها واحضر مع ربك فيها، واجعل لك ورداً منها خارج الصلاة كما فرضها عليك وسط الصلاة، ما فرضها عليك وسط الصلاة إلا وفيها خير لك ونفع لك؛ فاستفد من هذا، اذكرها خارج الصلاة، وكررها خارج الصلاة، واجعلها أول ما تحفظ أولادك إذا تهيؤوا للحفظ. فاتحة الكتاب، اللهم افتح لنا بها كل خير وعاملنا معاملتك لأهل الخير وادفع عنا كل شر وضير والحمد لله رب العالمين. 

 

 

تاريخ النشر الهجري

05 رَمضان 1435

تاريخ النشر الميلادي

02 يوليو 2014

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام