تفسير سورة الفاتحة - 4 - من قوله تعالى: (الرحمن الرحيم.. إلى: وإياك نستعين)

تفسير الفاتحة وقصار السور - 4 - من قوله تعالى: (الرحمن الرحيم.. إلى: وإياك نستعين)
للاستماع إلى الدرس

تفسير الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ لسورة الفاتحة وقصار السور بدار المصطفى ضمن دروس الدروة الصيفية العشرين في شهر رمضان المبارك من العام 1435هـ.

نص الدرس مكتوب:

﷽ 

(مَلِكِ  يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))

 

الحمدُ لله مُكرِمنا بالوحي الذي أوحاه إلى مُصطَفاه، وبِه يَهدي من سَبَقت له مِنهُ السابِقة إلى سَبيلِ رِضاه، ونَشهَدُ أن لا إلٰه إلا الله وحده لا شَريك له، هو الغَني المُطلَق المُفتَقِر إليه كُل من عَداه، ونَشهدُ أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله، المُنيب الخاضع الخاشع الأواه، اللهم صلِّ وسلم وبارك وكرّم على عبدك المجتبى سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وأهل متابعته واقتفاه، من كل أحبه من أجلِك و والاه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمُرسلين المُبَشِرين به، المأخوذ عليهم الميثاق أن إذا ظَهَر، أن يُؤمنوا به ويَنصُرونه، وعلى آلهم وصحبهم ومن تَبعهم بإحسان إلى يوم وضع الميزان، والوقوف بين يديك يا رحمٰن وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا كريم يا منان. 

أما بعد،،

فإننا في تَأمل معاني كلام ربنا سبحانه وتعالى وفاتحة الكتاب، مررنا على بعض ما أفاد ودَلَّ قول ربنا جلَّ جلاله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3) مَلِكِ  يَوْمِ الدِّينِ (4))، (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))، جَلَّ جَلاله ومُستَحِق الحَمد هذه الأوصاف التي شَرَحَها ولَيست لِغَيره: 

  • (رَبِّ الْعَالَمِينَ (2))، وإذا كانَ رب العالمين فهو مَحلُ الحَمد وأهلُ الحَمد ومستَحِق الحَمد -سبحانه وتعالى-.
  • (رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)) خالِقهُم ومالِكهُم ومُربيهم مُدَبِّر أمرهم.
  • (الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3)) صاحِب المَنِّ والإنعام والإفضال الواسع الذي لا يُحاط به، فهو المُستَحِق للحَمد.
  • (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))، حَيثُ تَنتَهي جَميع مَظاهر المُلكيات المَجازِية الصورِية، فينتهي كل مُلكٍ يُتصوَّر لِغَيره في شيءٍ من الشؤون والأحوال؛ 
    • إذ يظهر الأمرُ عياناً بياناً أن المَلِك واحد، وأن المَالِك واحد. وكل ما أُضيف عليه على صِفة المَجازِ أنه مَلِكٌ أو مَالِك، انقشعَ عنهم سَحابُ الوهم وتَبَيَّن أن لا مَلِك ولا مَالِك إلا مَلِكُ المَمَالك- جَل جلاله وتعالى في علاه-. 
    • إذ قد انكَشَفَت السِتارة، ومع أنه مَالِك كل يوم ومَلِك كل يوم، ولكن خَصَ ذاك اليوم؛ لأنه يوم انكشاف الحَقيقة وظُهورِها لجميع الخَليقة.(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)) جل جلاله وتعالى في علاه-

 ومن كان صاحب هذه الأوصاف، فالحَمدُ له مستَحقٌ وثابت فهو الذي يَستَحق الحمد على كل حال، وليست هذه الأوصاف لسواه- تعالى في علاه-.

(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3))، المتفضِّل علينا بتِلاوة كِتابه، وبالوقوف بين يَديه في الصَلوات؛ منّاً وكَرماً الرحيم بنا، مع زَورِنا وتَلبيسِنا وغُرورِنا وتَقصيرَنا؛ فلا يَمنَعنا الوقوفِ على بابه ولا القراءة لكتابه ولا الدخول إلى حَضرَته.

(الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3)) كلما أردنا أن يَتَوفّر نَصيبُنا من رَحمَته، فقد فتح لنا باباً في رَحمَة خَلقِه وعِبادِه، وأن نَتَطلّب أن نَستَبعِثَ مِنا الرحمة الخَلقية، وهي تلك الرِقة وتلك العاطِفة هذة رَحمة الخَلق. فكُلما رَحِمنا مَخلوقاتِه وكائِناته، وفَرَّ حظنا من رحمته الإلٰهية الخالقِية الرَبانية التي تَسامت أن تُشابِه رَحمة الكائنات والمَخلوقات.

(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3))، "االرَّاحِمونَ يرحَمُهم الرَّحمنُ تبارَك وتعالى؛ ارحَموا مَن في الأرضِ يرحَمْكم مَن في السَّماءِ"، كُل من تَوفَّر حَظه من رحمة الله؛ توفَّر نَصيبه من رحمة خَلق الله من رحمة عباد الله. ولما كان الأنبياء والمرسلون أوفرُ العباد حظاً من رَحمَةِ الخَلق، فكانت مُهِمَتهم فيهم إنقاذُهم من النار وإنقاذهُم من الغَضَب الإلٰهي، ولا شيء أَشَق ولا وأَشَدُّ من ذلك، ولا شَيء أَشَق ولا أَشَد من غَضب الله، لا شَيء أَشَق ولا أَشد من غَضَب الله، وكان المُنقِذ للخَلق من ذلك بالسَبَبِيّة والواسِطة هم الأنبياء و المُرسَلون ثم أتباعُهم، فَعَظُمَ قَدر اتباعِهم على قَدر ما حَرصوا على إنقاذ الخَلق من نار الله سُبحانه وتعالى، فتَرى لَهُم في ذلك عَجائِب حتى من سَبَّهُم أو آذاهُم، أعْمَلوا الفِكرَ والهِمة في إنقاذِه من النار وإنقاذه من الغَضَب وإنقاذه من العَذاب، فكيف بمن دون ذلك؟ وهكذا على مَسلَك الرَؤوف الرَحيم القائِل: "اللَّهمَّ اهدِ قومي فإنَّهم لا يعلمونَ".

(الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3) مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))، (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4))، وهو المَلِكُ دائماً وأبداُ، والمالك لِكُلِ شيء -سُبحانه وتَعالى-، ولكن نَسَب المُلكية والمالِكية لهذا اليوم على وَجهِ الخُصوص؛ لأنه اليَوم الحَق الذي يَظهر فيه الحَق، ويَنكَشِف الغِطاء عن الحَق، ويُقال لِمَن كان قد تَرَدد وتَشَكَك واشتَغَل في أيام حَياتِه بِذلك الوَهم والظَن: (لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) [ق:22]، وبَرَزت الحَقائِق للخَلائِق ونادى المَلِك: (لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)؟ (لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر:16]؟ وقد مَاتَ من في الأرض ومن في السَماء ويُجيب نَفسه بنفسِهِ: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر:16]، الذي قَهَرَ عِبادهُ بالمَوت -جل جلاله في علاه-؛ ولذا أشارَ المُشيرُ من أربابِ المَعرِفَة واليَقين والتَمكّين إلى واجب إقامَةِ الشُهود في باطنِ الإنسان، أن لا يَغتَر بالوُجود، ولكن يَركِن إلى الموجد القَوي المَعبود

ثق بمولاك فِي جَمِيع الْأُمُور *** وأحسب النَّاس كلهم فِي الْقُبُور

معنى في القُبور: أي أموات، وكل من يَقبَل الموت فهو ميت، فتمسّك بحبل من لا يموت. 

إِجْعَل لِرَبِّكَ كُلَّ عِزِّكَ يَسْتَقِرُّ وَيَثْبُتُ *** فَإِذَا اعْتَزَزْتَ بِمَنْ يَمُوتُ فَإِنَّ عِزَّكَ مَيِّتُ

(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))، الذي لا يَبقى فيه صورة من هذه الصُور التي اليوم الصِراع عليها، والإغتِرار بِها والإعتِزاز الكاذب، إعتِزاز الخَديعة والمَكر بها؛ مُلُكٍ أو مالٍ أو سلطةٍ أو جاهٍ. فما يَدورُ في الأرض من أجل التَنافُس على ذلك والصِراع في ذلك، لم يُبالى لا بالأموال ولا بالأعراض ولا بالمَصالح العامة ولا الخاصة، وكم يَحصُل ما يَحصُل من فتكٍ وسفكٍ واستباحة لما حَرَّمَ الله- تبارك وتعالى-، رغبةً في الصورة الزائفة البائِدة الزائِلة المُنقَضِية، صورة المُلك للمال أو للحُكم أو للجاه وما إلى ذلك؛ صور لا حَقيقة لها إلا عند المَغرور، (أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ۚ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ) [الملك:21]، (أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَٰنِ ۚ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ)[الملك:20]، فَكيفَ يَرضا المُؤمن أن يُشابه الكُفار في هذا الغُرور؟! ويَغتَر بشيءٍ  من القوى أو الجُند ويَظُن أن بها أن له النُصرة، فَيحتال ويَكذِب ويُخادِع وإلى أين؟ المَرجع لواحِد والمَصير إلى واحِد (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ) [المؤمنون:115-116]، (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم) [الغاشية:25-26]، (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) [ابراهيم:42]،  يَنتَفض الغُبار عن غَيِّهِم وعن مَكرِهم وعن ظلمهم وعن وَهمِهِم يَشخَص بَصَرُه اليوم (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) [ابراهيم:43 ؛ (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) [ابراهيم:42]، يقول سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) [ابراهيم:42]، (يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر:52]، أعاذَنا الله من كُلِ سوء في الدارين.

(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))، فإن كُنت لا بُدَّ بِحُكمِ بشَرِيَتِك، أن تَلجأ إلى شَيءٍ من المُلك المَجازي والصُوَري؛ 

  • فابحث عن مُلْكٍ يُقَرِّبُك إلى المالِك الحَقيقي، 
  • ابحث عن مُلْكٍ يُرضي عنك من بيده المُلْكُ حقاً، 
  • ابحث عن مُلْكِ أعضائك السبعة، 

ابحث عن مُلْكٍ أعضائك السبعة؛ إملكها: فلا تَصرِفها في مَعصِية الله، لا تَصرِفها فيما يُخالف مَنهجِ المَالك، مالكك ومالك أعضاءك ومالك قلبك ومَالِك مَالَك ومَالِك أهلك ومالَك أولادك ومالك أهلُ قَريَتَك مالك أهلُ مَدينَتك ومالك أهلِ دولَتك ومالك حُكّامَك ومالك محكوميك ومالك ظاهرك ومالك باطنك، 

  • أَمْلِك مُلْكاً يرضيه عنك! 
  • أملُك أعضاءك!
  • أملُك هواك أملُك نفسك! 

فهذا المُلك يؤدي إلى مُلك الخلود والدوام والأبد في الإكرام من مَلِك المَالك حيث يُمَلِكُّك مُلكاً فيه ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سَمِعَت ولا خَطَرَ على قَلبِ بَشر. وصفُ الخُدَّام فيه: (إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا) [الإنسان:19]، هذا وصفُ الخُدَّام، فكيف أصحاب المُلُك؟! إذا ما وقع نظرك على الخدام رأيت اللؤلؤ المنثور جمالاً وحُسناً وبهاءً ومنظراً خلاباً يأخذ بالعقل، هذا منظر الخُدَّام (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا) [الانسان:19]، إذًا فما ما حال الذين مُلِكُّوا أنفسهم؟ (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا) [الانسان:20]، أيضيع المُلك الكبير بالوهمي الصغير الحقير؟.

ولو فرضنا إنساناً مُلِكَّ من الأموال وعلى رقاب العباد من عهد آدم- عليه السلام- إلى وقت النَفخِ في الصور، ثم مات منحرفًا عن الأدب مع الله غير مَالِكٍ لأعضائه، مُتَغَلب عليها  فهو خاسرُ الخاسر الخاسر؛ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ) [الأنعام:31]، (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام:20]، (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ) [النمل:4]، ولهذا يفتخرون ويفعلون ويقولون تَقَدمنا وتطورنا وأدركنا وعندنا ولنا من الحضارة ومن التقدم ومن الصناعة ومن ومن ومن.. (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) [النمل:4]، (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ) [ٱلعمران:196]، (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ) [النساء:77]، ومن شان القليل تترك مُلكاً كبيرا؟ سمَّاه الكبير كبيراً.

أين أهل القرآن؟ من اتصل بالقرآن وسره لا تَغُرُه هذه الأشياء، ولذا رأيتم في صُلحاء الأمة من قال لبعض الأمراء وقد تنازل عن الإمارة وطلب من العالم أن يولي من شاء، قال: يا هذا لو كانت الإمارة تصلح للدواب ما ارتضيتها لدابتي هذه! تريديني أن أولِّي واحد يكون مسؤول أنا عن ولايته في القيامة وتدخلنا في مشاكل بيني وبين ربي سبحانه وفي صفائي معه من أجل الحقير هذا التافه؟! اذهب فاختر من بني قومك -بني عمك- مَن رأيت فيه تقوى وصلاح تدين  الله تعالى في اختيارك فاذهب فاختره يكون في محلك في الإمارة، أما أنا فهذا حالي مع إماراتكم هذه، لو كانت تصلح للدواب ما ارتضيت لدابتي أن تتولى إمارتك، فقد ولاني الله ولاية كبرى فكيف أتركها لهذه الصغرى؟! (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا) [الإنسان:20]. 

فيا مُقبلاً على يوم الدين لا محيص لك عنه، اعرف مُلكية ومالكيّة يوم الدين وأنت في هذه الحياة لتطيب لك الأحوالُ عند الملاقاة، فإن من عَرَفَهُ هنا تَهَنّا هناك بلقاه،  وهم الذين يحبون لقاءه وهو يحب لقائهم؛ (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة:17]، لا والله ما فاتهم شيء. وحقيقة  قال القائلون من أهل الصدق: من وَجَد الله فأي شيء فاته؟ ومن فاته الله فأي شيء وجد؟ وعزة ربِّي، ليس يتحسّرُ أحدٌ من أهل حُسن الصلة بمالك يوم الدين من ساعة الغرغرة ولقاء هذا الربِّ وطيلة أيام البرزخ ثم في يوم القيامة ثم إلى الأبد، ليس يتحسر منهم أحدٌ على فَوْتِ شيءٍ من هذه الحظوظ التي أخذت عقول الأكثرين، وقال في تصوير حقيقتها سيدنا الإمام الحداد

وَازْهَدْ بِقَلْبَكَ في الدَّارِ الَّتِي فَتَنَتْ *** طَوَائِفًا فَرَأوْها غَايَةَ الطَّلَبِ  

تَنَافَسُوْهَا وَأَعْطَوْهَا قَوَالِبَهُم  *** مَعَ القُلُوبِ فَيَا للهِ مِنْ عَجَبِ

وَهْيَ التِيْ صَغُرَتْ قَدْرًا وَمَا وَزَنَتْ *** عِنْدَ الإِلَهِ جَنَاحًا فَالْحَرِيْصُ غَبِي

 (قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) [الأنعام:91]، إن أكثر من يوصف بالعبقرية اليوم في زماننا؛ أهل لعبٍ ولهوٍ؛ جُهَّال جُهَّال، وسيعلمون حقيقة هذا القول، يتمنى أحدهم لو كان في أيام فرصة الحياة الدنيا حَصَّلَ لحظة من لحظات قراءة القرآن أو تدبر معانيه أو جلس مثل هذا المجلس، فوالله لا يُغنيه عن مثل هذا المجلس لا صناعة الأسلحة الفتاكة للدمار الشامل ولا ما دون ذلك، ولا قصوراً يُمدها هنا وهناك، ولا مستودعات في البنوك يستودعها تحت حساباته في كذا كذا، لا يُعَوِّضُه شيء من جميع ذلك عن هذا، وهذا والله من أدرك منا خيره وبِرَه يعوضه عن جميع ذلك وزيادة. 

ليس يَتَعَرَّضُ للحسرة أحدٌ حَسُنَت صلته بـ(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))، على شيء من شؤون ما كان في الدنيا قَلَّ أو كَثُر قط، ولكن غيرهم يتحسرون كثيراً (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) [مريم:39]، هو يوم الدين هذا، (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ) [مريم:39-40]، هذا اغتراركم بالأرض ومن عليها، اليوم نحن نُقَلِّبها ونحن نُدَّورها ونحن نُسَيِّرها لا قدرة لكم على التحكّم فيها؛ 

  • إن زلزلنا بقعة من الأرض ما أغنت أجهزتكم ولا تقدُمُكم شيء، 
  • وإن أطلْعنا فيضاناً من بحر على برٍ ما أغنت قواكم شيء، 

لا تَحَكُّم لكم في دوران الأرض التي أنتم عليها، فما شُغل قلوبكم بتعظيم مُلُكٍ عليها وهي بِذاتها لا تَتَحَكّمون فيها! حاكِمُها من فوقكم لا تُمْسِكون الأرض لا تُدَوِرون الأرض لا تتحكّمون فيما يَعْرض لها من شؤون؛ كلكم تحت القهر. 

كبار المكتشفين المخترعين لا يُضيفون إلى الأرض شيئاً ولا يحذفون منها شيئاً، ولكن ينظرون إلى قدرة مَالك الأرض، كيف تمضي؟ وكيف تكون؟ فيستفيدون من سنته وقدرته هو، أما أنهم هم يُحدِثونَ شيئاً في تَسْيير الأرض أو تكوينها، فلا والله، فهم في غاية ما يَتَبَجَّحُون به تحت قهرٍ؛ تحت قهرِ قَهار، ينسون كل ذلك ويَغتَرون. فـ(أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا) [النور:39]، ولكن تجد الشيء في أعمال الأنبياء وما دَعوك إليه وما دَلوك عليه من صفات وما أرشدوك له من معاملاتٍ وأحوالٍ واعتقاداتٍ ووجهاتٍ ونياتٍ. فالله يُحْكم تبعيتنا لأنبيائه وسيد أنبيائه؛ حتى نفوز عند لقائه.  

(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))، (مَلِك يَوْمِ الدِّينِ (4))، وقد جاء في رواية أبي نعيم في الدلائل ورواية الطبراني وغيرهما، أنه ﷺ يقول لسيدنا أبو طلحة -فيما يروي عنه أنس- يقول قال أبو طلحة: كنا في غزوة مع رسول الله -فكانوا في مقابلة المعتدين و الكفار- قال فسمعته يقول: يا (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))؛ قال: فلقد رأيت القوم أمامنا يُصرَعون صرعاً، تصرَعهُم الملائكة من بين أيديهم ومن خلفهم، أخذوا يُصَرَّعُون في الغزوة، عندما قال حبيب (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، صاحب التمكّين في مملكة مالك يوم الدين: يا (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))؛ من سرِّ هذه العظمة يبقى في أمته من سيدخلون إلى مواطن قد حُددت في سنته ﷺ قريبًا، فإذا دَخلوا كبَّروا فاهتزت أعمدة المكان وسَقفه بتكبيرهم، وهذا قادمٌ على الأمة وسيقع عما قريب، كما أخبر الحبيب، صاحب المُكْنَة عند صاحب المُلك؛ (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) [التكوير:19-21]، هذه الغايات، هذه العوالي الرفيعات، هذا الشرف الأسمى، أما (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ) [العنكبوت:41].

(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))، تقرأها كل يوم.. كذا مرة، هل استشعرتَ؟ هل استحضرتَ؟ هل تطهرتَ؟ هل تنورتَ؟ هل أقمت المشهد كما ينبغي؟  (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، ونوازع المُلكية للحقيرات، تغضبك على ذا وترفعك رأسك على ذا وتكذب بها على ذا، يا هذا يا هذا؛ أعلى الحقير الفاني؟! تُعْدُم نفسك الكبير الهاني؟ أحسن صلتك بـ(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، فاتَّقِهِ ما دمت في الحياة وتهيأ للقاءه (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).

ومن كان بهذه الأوصاف، ومن كان بهذه النُعوت؛ فحقه أن تُقيم سرَّ عبوديتك له وتقول: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ  ..(5))؛ وحدك نُفْرِدُكَ بالعبادة، ليس في كائناتك ما يستحقُ أن يأخذ منا عواطفنا ومشاعرنا حتى نُذعنَ له بأنه رب ولا إلٰه، ففي كلها سمات الحدوث والنقص والحاجة إليك مقهورة بأمرك، فمن يستحق أن نقول له (إِيَّاكَ نَعْبُدُ ..(5))؟ إلا أنت فنُفْرِدُك بالعبادة، هذا اللغز الأكبر في الحياة، استقامة الإنسان مع فطرته.. أن يعرف الإلٰه، أن يعرف معبوده مَن؟ وإلٰه مَن؟ فإن أكثر الناس مُسْتَعْبَدين لمن لا يستحق العبادة؛ مستَعبدين للأنفس، مستَعبدين للأهواء، مستعبدين لبعضهم البعض، (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [ٱل عمران:64]؛ لأن شأن الخيانة في تَمَلُّك بعضنا على بعض وتنظيم بعضنا لبعض؛ بأن يجعل نفسه المشرَّع والآخر المُشَرَّع له، أن يجعل نفسه المُقَنِّن والآخر مُقَنَّنَ له؛ استعبادًا من العباد لبعضهم البعض، (وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ) [ٱل عمران:64].

فما هناك دعوة حرية بالحقيقة في معنى الحرية إلا دعوة محمد ﷺ والأنبياء والمرسلين، ولا دعوة كرامة إلا في دعوته، وما مع أولئك إلا التشدُّق الذي أوجب التمزُّق والتفرُّق والحال الذي يُعانيه الناس، (وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة:149]، (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) [الأنعام:112].

انظر: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4))، مالك الأرض، مالك السماء، هيّأ - مع كثرة أهل هذا الغرور والزور على ظهر الأرض- هيّأ من يعبده على ظهر الأرض، لا يشرك به شيئاً آمناً مطمئناً في مختلف الظروف والأحوال، بل هيّأ لنا بعد ذلك -لكثير من عباده المؤمنين من أهل الأرض- إمكانية الاجتماع والدروس والتفكير والتعاون على الخيور .. كيف جاء هذا؟ نفوس الكثير من أهل هذا الظلام، تَوَّدُ أن لا يُرفع أذان، أن لا يبقى خارج عن الخضوعِ لهم، وبَسْطِ سُلطان دعواهم، لا ذكر ولا أنثى، ولكن مهما أرادوا فليست الأرض أرضهم ولا السماء سمائهم ولا المُلك مُلكهم، فليغترُّوا بذلك، ولن يَعْدُو أحدٌ منهم قَدْرَهُ، "اخسأ فَلَن تَعْدوَ قَدْرَك"، لهم مَجال اغترار ووقت اغترار ومظاهر اغترار محدودة بقهر القهار لا يتجاوزنها

ولا يزال على ظهر الأرض من يَدين الله بالعبودية له وحده على قدم الأنبياء، يخرجون عن جميع ما يَمُدُ أولئك من أسلاك ومن اشتباك ومن أنظمة ومن قوانين ومن إرادات على ظهر الأرض. (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) [النور:55]،  

ولا يزال هذا قائم ولو مع ظهور الشر حتى في أيام المِحنة الكبرى، وهي أيام ظهور المسيخ الدجال، وفي تلك الأيام، من أهل هذه القلوب ممن أدركوا هذه الحقائق، من تُقرأ فيهم صفحات الاصطفاء الربّاني والاختيار الالٰهي بعيدين عن هذا الإغترار، مع أن شوكة الإغترار قَوِيت، حتى جاء الخبيث: 

  • يُشير إلى السماء فتمطر وإلى الأرض فتزرع، 
  • ويُعطي من اتبعه من الخبز والطعام ويكفر به أهل قرية فيشتدُ عليهم قلة الطعام ويشتد عندهم الحاجة إلى التغذية، 
  • ويأتي إلى مقابر فيقول: قوموا يا أهل القبور، فَيُنشر جانٌ على صور الموتى الذين قُبِروا، 

حتى أن الواحد لَيَرَى صورة خاله، صورة عمه، صورة جده، صورة أبيه، يظنُّ أنه قام من قبرة، وهو جان من الكفرة يُبرِزهم الله على صور الأموات، فيقول الخبيث: انظروا هؤلاء، عبادي أنا أحييتهم لكم لِيُعلِموكم أني ربكم، هذا يقول: يا أبي .. ياخالي .. ياعمي.. فيقول: هذا ربك، اتبع ربك، متنا قبلك في الآخرة وقلنا لك هذا ربك ..! ايش المصائب هذه؟ فتن كبيرة وفي تلك الأيام قومٌ صدقوا مع الله فيهم هذا الطابَع (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) [النور:55]، حتى منهم طائفة: 

يَفِرون إلى الجبال ولا قُوتَ لهم، فيُرسل الله لبعضهم ظباء بألبان يشربون من ألبانها ويُغني بعضهم بالتسبيح والتحميد فيتغذّى به جسده كما يتغذى بالطعام والشراب، 

أيام فتنة الدجال وينزل سيدنا عيسى فيقتل المسيح الدجال يقول النبي: "لو تركه من دون أن يضربه لذاب من نفسه لمات من نفسه" ماذا؟ باطل أمام حق. وهذه الزمجرة كلها التي أرهبت وأرعبت العالم وأرعدته، يتحول إلى هذا؟!! وهذه الحقيقة الدجال وحده، الدجال رأس من رؤوسهم، والذي أمامنا هذا ايضًا من مظاهر الدَجَل كله هكذا، إذا أذن الله لوجه الحق أن يبرز تذاوب هذا، يُقبل عليه عيسى بن مريم يتذاوب  يتذاوب من مجرد أن يرى سيدنا عيسى! وأنت الذي تقول أنت الرب؟ وأنت الذي كنت تدّعي؟ مالك!؟ حتى يصير كالعصفور، ويأتي سيدنا عيسى ليقتله، قال :فلو تركه لمات من نفسه؛ انتهى الباطل والضلال..

فيخرج أولئك القوم الذين ثبتوا؛ فيخبرهم عيسى بن مريم عن الله بمنازلهم في الجنة، المُلك الكبير ادركتموه لم يغرركم هذا الملك الزائف، الذي لعب على الخلق وأدخل الملايين في النار في خلال أربعين يوم، أربعين يوم: اليوم الأول كسنة، والثاني كشهر، والثالث كأسبوع، وبقية الأيام كأيامنا هذه. أربعين يوم وقد دخلوا الملايين النار وكفروا بإلٰههم الجبار واتبعوا هذا الأعور المسيخ. ولكن أهل الصدق في صدقهم ويأتي يوم الدين ويوم المحكمة قال الله: (قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) [المائدة:119]، اللهم اجعلنا من الصادقين.

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ ..(5))، فارزقنا كمال إفرادِك في العبودية وصدق الاستعانة بك في العبودية، فهل نستطيع أن نعبدك دون أن تُعينُنَا؟

عَلَى ذَا مَنَنْتَ، وَهَذا خَذلْتَ *** وذاكَ أعنتَ وذا لم تُعِنْ

خَلقْتَ العِبَادَ على ما أردت *** فَفِي العِلْمِ يَجري الفَتَى وَالْمُسِنْ

مَا شِئْتَ كَانَ وإنْ لم أشَأ *** وَمَا شِئْتُ إن لَمْ تَشأْ لَمْ يكنْ

فأعنا.. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، أعنا على أخذ بركات رمضان والظفر بالحظ الأوفر من عطاياك الواسعات الحِسان، وجودك الذي تَمْتَنُ به على خاصة محبوبيك يا منان، لا تحرمنا خير ما عندك لشر ما عندنا، إن اليوم الذي حدثتنا عنه مُقبلٌ لدينا وهو لأهل اليقين بين أعينهم كأنه رأي العين، فهيئنا لذاك اللقاء واجعلنا في زمرة أهل التقى وألحقنا بزمرة الأتقى، يا حي يا قيوم لا تُخزنا ذاك اليوم ولا تُعَرِّضُنَا للحسرة ولا للندامة، اجعلنا مع المُظَلَلِ بالغمامة، نرد حوضه ونستظل بظل لوائه ونمضي معه على الصراط أسرع من لمح البصر إلى دار الكرامة والنظر، اجعل مأوانا هذا ومستقرنا في أشرف مستقر، يا كريم يا برّ إنَّا ندعوك يا بر يا رحيم مُنَّ علينا وقنا عذاب السموم، فإذا تلاقى أهل الجنة في الجنة (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ *  قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ *  فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) [الطور:25-27] ، فاجعل نتائج هذه المجالس تقابُلنا مع أولئك المتقابلين، يا بر يا رحيم مُنَّ علينا وقنا عذاب السموم، إنا ندعوك إنك أنت البر الرحيم، فثبتنا على الصراط المستقيم: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)).

 

 

 بسرِ الفاتحة 

وإلى حضرةِ النَّبي

 اللَّهم صلِّ عليه وعلى آله وصحبه، 

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

04 رَمضان 1435

تاريخ النشر الميلادي

01 يوليو 2014

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام