شرح الموطأ -149- باب جزية أهل الكتاب والمجوس، من حديث ابن شهاب، قال: (بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية مِن مَجُوس البحرين..)

شرح الموطأ -149- باب جزية أهل الكتاب والمجوس، من حديث ابن شهاب، قال: (بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية مِن مَجُوس البحرين..)
للاستماع إلى الدرس

شرح فضيلة الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الزكاة، باب جزية أهل الكتاب والمجوس، من حديث ابن شهاب، قال: (بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية مِن مَجُوس البحرين، وأن عمر بن الخطاب أخذها من مجوس فارس، وأن عثمان بن عفان أخذها من البربر)

 باب جِزْيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ

758 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، َنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : بَلَغَنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ، وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ.

759 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ : مَا أَدْرِى كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ : « سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ »

760 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ : أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً، مَعَ ذَلِكَ أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.

761 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : إِنَّ فِي الظَّهْرِ نَاقَةً عَمْيَاءَ، فَقَالَ عُمَرُ : ادْفَعْهَا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَنْتَفِعُونَ بِهَا, قَالَ : فَقُلْتُ وَهِيَ عَمْيَاءُ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : يَقْطُرُونَهَا بِالإِبِلِ. قَالَ : فَقُلْتُ كَيْفَ تَأْكُلُ مِنَ الأَرْضِ ؟ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ : أَمِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ هِيَ ؟ أَمْ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ ؟ فَقُلْتُ : بَلْ مِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ. فَقَالَ عُمَرُ : أَرَدْتُمْ وَاللَّهِ أَكْلَهَا. فَقُلْتُ : إِنَّ عَلَيْهَا وَسْمَ الْجِزْيَةِ. فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ فَنُحِرَتْ، وَكَانَ عِنْدَهُ صِحَافٌ تِسْعٌ، فَلاَ تَكُونُ فَاكِهَةٌ وَلاَ طُرَيْفَةٌ إِلاَّ جَعَلَ مِنْهَا فِي تِلْكَ الصِّحَافِ, فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (ﷺ)، وَيَكُونُ الَّذِي يَبْعَثُ بِهِ إِلَى حَفْصَةَ ابْنَتِهِ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ كَانَ فِي حَظِّ حَفْصَةَ، قَالَ: فَجَعَلَ فِي تِلْكَ الصِّحَافِ مِنْ لَحْمِ تِلْكَ الْجَزُورِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (ﷺ)، وَأَمَرَ بِمَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِ تِلْكَ الْجَزُورِ فَصُنِعَ، فَدَعَا عَلَيْهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ.

762 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَرَى أَنْ تُؤْخَذَ النَّعَمُ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ إِلاَّ فِي جِزْيَتِهِمْ.



763 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَضَعُوا الْجِزْيَةَ عَمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ حِينَ يُسْلِمُونَ.

764 - قَالَ مَالِكٌ : مَضَتِ السُّنَّةُ، أَنْ لاَ جِزْيَةَ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلاَ عَلَى صِبْيَانِهِمْ، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لاَ تُؤْخَذُ إِلاَّ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ قَدْ بَلَغُوا الْحُلُمَ.

765 - قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلاَ عَلَى الْمَجُوسِ فِي نَخِيلِهِمْ وَلاَ كُرُومِهِمْ وَلاَ زُرُوعِهِمْ وَلاَ مَوَاشِيهِمْ صَدَقَةٌ، لأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، تَطْهِيراً لَهُمْ، وَرَدًّا عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَوُضِعَتِ الْجِزْيَةُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ صَغَاراً لَهُمْ، فَهُمْ مَا كَانُوا بِبَلَدِهِمُ الَّذِينَ صَالَحُوا عَلَيْهِ، لَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ سِوَى الْجِزْيَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ أَنْ يَتَّجِرُوا فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَخْتَلِفُوا فِيهَا, فَيُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ فِيمَا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ، وَصَالَحُوا عَلَيْهَا، عَلَى أَنْ يُقَرُّوا بِبِلاَدِهِمْ، وَيُقَاتَلَ عَنْهُمْ عَدُوُّهُمْ، فَمَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ مِنْ بِلاَدِهِ إِلَى غَيْرِهَا يَتْجُرُ إِلَيْهَا، فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ، مَنْ تَجَرَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ، وَمِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَمِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى الْمَدِينَةِ، أَوِ الْيَمَنِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الْبِلاَدِ، فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ، وَلاَ صَدَقَةَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلاَ الْمَجُوسِ فِي شَىْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلاَ مِنْ مَوَاشِيهِمْ، وَلاَ ثِمَارِهِمْ، وَلاَ زُرُوعِهِمْ، مَضَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ، وَيُقَرُّونَ عَلَى دِينِهِمْ، وَيَكُونُونَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِرَاراً فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَلَيْهِمْ كُلَّمَا اخْتَلَفُوا الْعُشْرُ، لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمَّا صَالَحُوا عَلَيْهِ، وَلاَ مِمَّا شُرِطَ لَهُمْ، وَهَذَا الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.

تاريخ النشر الهجري

04 رَجب 1442

تاريخ النشر الميلادي

15 فبراير 2021

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام