أصل حقائق السعادة والشرف والكرامة في الدارين معرفة الله الموجبة لحمده

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة مكتوبة للحبيب عمر بن حفيظ في دار المصطفى ليلة الجمعة 18 ذي الحجة 1436هـ ضمن دروس إرشادات السلوك بعنوان: أصل حقائق السعادة والشرف والكرامة في الدارين معرفة الله الموجبة لحمده.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للهِ الملكِ الحقِّ الحيِّ القيومِ الدائم، الذي لا يزول ملكُه، لا إله إلا هو، منه المُبتدأ وإليه المصير، له الملكُ وله الحمدُ يُحيي ويُميت وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.. أرسل إلينا البشيرَ النذيرَ السراج المنير، الذي قال: أفضل ما قلتُ أنا والنبيون مِن قبلي: لا إله إلا الله. وقال: أفضل الدعاء دعاء عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.. سمى هذا التوحيد وتجديد وأسراره في القلوب دعاء عرفة.. والحج عرفة.. سماه دعاء عرفة لأن المقصود سرُّ المعرفة، ولأنه بسرِّ المعرفة لهذا الإله يقوم الامتثالُ للأوامر والانتهاء عما نهى عنه تعالى في علاه.. وبسرِّ المعرفة لهذا الإله يُدرَك سرُّ الخطاب، وبسرِّ المعرفة لهذا الإله تتحلى القلوبُ والجوارح بحِلية الآداب.. وبسرِّ المعرفة بالله سبحانه وتعالى يُستبيَن الهدى والصواب، وبسرِّ المعرفة بالله سبحانه وتعالى يحصل من حضرته الاقتراب، وبسرِّ المعرفة بالله سبحانه وتعالى يُخشى، وبسرِّ المعرفة به يُرجى، وبسر المعرفة به يُتوكَّل عليه، وبسر المعرفة به سبحانه وتعالى يُحَبّ، فمن كان أعرف فهو أكثر حباً (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ..) ولعزَّة هذا المعرفة الخاصة بالله يهبُها مَن يشاء مِن أصفيائه وأهل رضاه، والله يجعل لنا ولكم نصيب منها ومن سرِّها ومن بركاتِها والارتقاء في مراقيها والتحقُّق بحقائقها، قال نبينا: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وما دعاء عرفة؟ قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير..

وبهذه الثقة بالله واليقين والطمأنينة أنه بيده الملك وأنه الذي يحيي ويميت، وأنه له الملك وله الحمد الذي يستحق الحمدَ في كل حال وعلى كل حال، مِن جميع أهل السموات ومِن جميع أهل الأرض.. ما حقُّ السماء وما فيها إلا أن تحمده، ولا حق الأرض ومن فيها إلا أن تحمده، ولا حقُّ ما بينهما إلا أن يحمده.. جل جلاله وتعالى في علاه، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون.. له الحمد في الأولى والآخرة جلّ جلاله.. يستحق الحمدَ على كل حال لأنه الموجد، ولأنه سبحانه وتعالى المُنعم، ولأنه المتفضل والمتطوِّل ولأنه المُكرِم ولأنه الوهاب ولأنه الله.. لا إله إلا الله..

اللهم أعنَّا على ذكرِك وشكرِك وحسن عبادتك، واجعل لنا من سرِّ عرفة وأهل عرفة نصيباً من المعرفة يُشرقُ نورها في قلوبنا وتزداد، وقد فتح صلى الله عليه وسلم الأبواب لإشراق هذا النور وازدياده فوقف على باب من عرفه معرفةً لم يعرفه بها أحدٌ من أهل الأرض ولا من أهل السماء، وتعرَّف ربُّ الأرض والسماء إليه تعرُّفاً لم يتعرف به على شيء في الأرض ولا في السماء، ولا في ما بينهما، قال وهو على باب هذا الإله يدعوه ويرجوه تعالى في علاه.. اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج.. وقال صلى الله عليه وسلم: غفر الله للحاج ولمن استغفر له الحاج. وهو بذلك يفتح أبواب إشراق نور المعرفة في الصدور والقلوب لتتصل بربها جلّ جلاله.. لأن الذي يؤخر عقلَك وفهمَك وقلبَك وذوقَك عن إدراك المعرفة ظلمةُ الذنوب، كدر المعاصي والسيئات، الران الذي يطرأ على القلوب يحجب عنك سر هذه المعرفة وإشراق نور هذه المعرفة.. فإذا جاءت المغفرة وغُفرت ذنوبُك تهيأ القلب لإشراق نور المعرفة بالله جل جلاله وتعالى في علاه.

فتح الأبواب وقال: اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج.. فكان المستغفِر للحجاج ولمن يستغفر لهم الحجاج هادينا إلى أقوم منهاج، سيدنا السراج، منقذنا من الاعوجاج، صاحب الإسراء والمعراج.. صلوات ربي وسلامه عليه.. فهو الذي استغفر وامتثل أمرَ العليَّ الأكبر، الحق تبارك وتعالى ترجم عن إرادته أن يسعد من يسعد منا بأسرار هذه المغفرة ويتهيأ لها، قال لحبيبه أكرم الخلق عليه: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) أي تسبَّب في تهيئة المؤمنين بي لمعرفتي الخاصة باستغفارِك لهم، فإنهم مهما استغفروني استغفروا على قدر معرفتهم وعلى قدر إدراكهم وعلى قدرِ قُربهم.. وكلُّهم دونك.. فأنت الأرفع الأجل استغفر لهم.. ليفتح لهم من الأبواب ما لا يدخل تحت حساب وما يترتب عليه ارتقاؤهم في مراتب الاقتراب..

الحمد لله على هذه المنة، والحمد لله على هذه النعمة.. الحمد لله على هذا الرسول المصطفى، كنا به خير أمة أُخرجت للناس، وتميَّزنا عن جميع الأمم بين جميع الأجناس.. بماذا؟ بشيء سبق منا؟ فعلناه أو عملناه أو اكتسبناه أو جاهدنا فيه أو اجتهدنا عليه أو مجرد طلب طلبنا به الرب؟ لا.. ما كان منا شيء.. كان فضلا من الله وبحبيبه صلى الله عليه وسلم جُعلت الأمة خير أمة.. وقُدِّمت على كل أمة.. وأن الله حرَّم الجنةَ على الأنبياء حتى أدخلُها أنا.. وحرّمها على الأمم حتى تدخلها أمتي.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم..

فحمداً لرب خصنا بمحمد ** وأنقذنا من ظلمة ودياجر

وإنه يجب أن ينطوي في كل شؤون الطاعة لله معنى الحمد لله تبارك وتعالى.. نقوم في الصلوات حامدين لله جل جلاله، ونؤدي بعضَ ما يجب ويلزم علينا من الحمد لمولانا بوقوفنا بين يديه وركوعنا له، وتذلُّلنا بالسجود بين يديه وتلاوتنا لآياته وتسبيحنا له.. وإذا سبحناه في الركوع قلنا وبحمده، وإذا سبحناه في السجود قلنا وبحمده، وإذا ارتفعنا من الركوع بين الركوع والسجود قلنا ربنا لك الحمد، حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد..

فيا أيها المؤمن بالله.. معك إلهٌ ورب حي قيوم، لا رب غيره ولا إله سواه يستحق الحمد في كل حال، منك ومن جميع الوجود.. فأنت والوجود كله كنتم في عدم، ولا شيء أذل من العدم.. ولا شيء أقل من العدم وأوجدكم.. فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم.. فاستخرجوا معاني الحمد لله تعالى من قلوبكم، ومن قام في أداء زكاة أو صدقة مسنونة فليجعلها حمداً لله تبارك وتعالى، ومن صام يوماً مفروضاً كيوم رمضان أو كان قضاء أو كان في نذر أو كفارة فليجعله حمداً لله تبارك وتعالى، ومن صام يوماً مندوباً مسنوناً كغير الحجاج في يوم عرفة، إذا صاموا يوم عرفة امتد لهم سماط مغفرة ذنوب سنتين، وكتابة ثواب صيام سنتين وعشر ألف يوم، ألف يوم وعشر ألف يوم في الرواية الأخرى بصوم يوم واحد في السنة وهو يوم عرفة، يُندب لغير الحاج.. وكذلك من توجه إلى بيت الله الحرام فينبغي أن يجعل نفقتَه وسعيه وحضوره وقيامه بكل المناسك شكراً لله وحمداً لله تبارك وتعالى في علاه.. الذي وفق والذي خلق والذي رزق، ومَن مُنِع عن الحج، ومَن لم يتيسر له الحج، ومَن رُدَّ من مكان وقد ارتحل مراحل فليحمد الله تبارك وتعالى، وليعلم أن ما نوى كتِب وما سار كتِب وما بذل كتِب وهو محفوظ عند هذا الرب جل جلاله وتعالى في علاه.. وإن شاء حج عاماً من الأعوام التي يعطيها الله إياها، وما أحد يقدر يصرف له عاماً ولا عامين.. ولا يؤخره إلى سنة ولا إلى سنتين.. لا مركز صحي ولا أطباء متخصصين ولا رؤساء دول يقدرون يعطوه عام ولا عامين ولا أقل ولا أكثر لكن هو يعطيه.. إذا شاء أعطى عاماً أو عامين أو ثلاث أو أربع أو عشرة وإذا شاء أعطاه حجة أو حجتين أو ثلاث أو أربع، وإذا شاء بلَّغه بجسده وروحه إليه، وإذا شاء كتب له ثواب سبعين حجة وهو جالس في مكانه.. ويحشره مع الحجاج الذين حجوا  أربعين أو حجوا خمسين وهو ما حج ولا مرة في عمره.. فيُحشر مع حجاج الأربعين سنة والخمسين حجة.. من أين جاء بهذا؟ جاء بها بقلب بينه وبين الله.. حمد الرب، حمد به الرب وعرف حق الرب سبحانه وتعالى في الحمد والشكر، فقام بسر التطواف بالبيت وقام بسر السعي بين الصفا والمروة وقام بسرّ الوقوف بعرفة وقام بسر الوفادة إلى طيبة الطيبة وإشراق الأنوار في المعرفة الخاصة

 فلما بلغنا طيبةً وربوعَها ** شممنا شذىً يزرِي بعرفِ العنابرِ

وأين العنابر وأين الروائح من ذلك الريح الطيب..

وأقبلت الأنوار من كل جانب ** ولاح السنا مِن خير كلِّ المقابر

 إلى مسجد المختار ثم لروضة ** بها مِن جنان الخلد خير المصائر

 إلى حجرة الهادي البشير وقبره ** وثَمَّ تقرُّ العين من كل زائر

 وقفنا وسلمنا على خير مرسل ** وخير نبيّ ماله مِن مناظر

 قال سيدنا الحداد:

فردّ علينا وهو حيّ وحاضر ** فشُرِّف من حيٍّ كريم وحاضر

 زيارته فوز ونجح ومغنمٌ ** لأهل القلوب المخلصات الطواهر

بها يحصل المطلوب في الدين والدنا** ويندفع المرهوبُ مِن كل ضائر

 فيا رب اجزِ عنا نبيك خير الجزاء، لك الحمد فصلّ على محمد، جامع المحامد أحمد خلقِك لك وأعظمهم قياماً بشكرك.. وأعنا به على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يا الله.. واقبل من الحجاج حجَّهم ومن المعتمرين عمراتهم، ومن الطائفين طوافهم، ومن الزائرين زياراتهم، وأعِد عوائد هذا القبول علينا أجمعين وعلى الأمة في المشارق والمغارب بدفع المصائب والنوائب والشدائد يا حي يا قيوم.. يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.. وأشرِق في قلوبنا نوراً من أنوار المعرفة بك يا الله.. التي مَن فقدها في الحياة فهو الجاهل، من لم يعرف الله فكأنه لم يعرف شيئاً.. أي ما تغني معرفة حيوان ولا جسد ولا دم ولا زراعة ولا جيولوجيا ولا الهوى والفلك ولا البحار والأسماك.. تعرفت عليها وبعدين؟ هذه المعرفة إلى أي مدى توصلك؟ إلى أي مستوى ترفعك؟ صناعة يتقنها البر والفاجر.. أين المدى؟ إذا ما عرفت الله فكأنك لم تعرف شيئاً.. ولا يفيدك معرفة شيء.. فعزك وشرفك وسعادتك وذخرك في الدنيا والآخرة معرفة الله.. اللهم ارزقنا النصيب من المعرفة الخاصة والمحبة الخالصة يا الله..

تعرَّف الحقُّ تعالى في يوم عرفة إلى عباده، بواسطته أو بسببه وبوجوده.. العدو الأكبر للإنسان يتضاءل ويتصاغر، ما رؤي الشيطان في يوم أحقر ولا أدحر ولا أصغر ولا أذل منه في يوم عرفة، لما يرى مِن تنزُّل الرحمة، لما يرى مِن تجاوزِ الله عن الذنوب العظام، يتعرَّف الحق سبحانه إلى خلقه فيخسر هذا الماكر الخبيث الذي يُعِد العدة والجند والخطط الطويلة العريضة، وتجيء لحظة من لحظات الله وتفسد عليه ما خطط هنا وهنا وهناك.. لا إله إلا الله، فضلا من الله ونعمة وجوداً ورحمة، فالله يقبلنا وإياكم، وقد جعل لنا سبحانه من عظيم الاعتبار والاتعاظ والتدبير الكبير أن يختار من يختار من بيننا، يذهبون إليه سبحانه وتعالى إلى لقائه في تلك الأيام وفي ذلك الموسم وهم وفدُه، بوَّأهم الله أشرفَ المنازل وحشرهم ملبِّين في زمرة سيد الآخرين والأوائل، وأنزل على قلوب أهليهم الرضاء والسكينة والطمأنينة، وأخلفَهم فينا وفي الأمة بخير خلف، وله الحمد على ما أعطى وله الحمد على ما أخذ، وكل شيء عنده بأجل مسمى.. لكن الفائز من يعرف ويدرك أين يضع مكانَه مِن معرفته بالله، أين يضع قدمَه، أين يوجِّه وجهته، ماذا يتلفظ به لسانه؟ وماذا تنظر إليه أعيانه؟ يتهذب ويتأدب مِن سر هذه المعرفة، فيدرك خيرَ الحياة وخيرَ الوفاة وخير ما بينهما، ويدرك خير الدنيا والآخرة، فإن خيرَ الدنيا والآخرة في تقوى الله وطاعته، وإن شرَّ الدنيا والآخرة في معصية الله ومخالفته.

وهكذا تظهر أسرار هذا الذي يتعرف إليك بما يحصل مما تحب ومما تكره، ولأنه لا يكون في كونه إلا ما دبَّر وأراد وقدّر، (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا)، قالوا: ومن بديع ملاطفته ورحمته وتعرُّفه لخلقه، ما قال قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله علينا، بل قال: ما كتب الله لنا، قال الذي كتب وإن شفته في شدة وتعب هو لنا لا، وليس علينا لأن طيُّه رحمته وطيُّه دفعُ بلايا أكبر وأشد،

والله يتدارك الأمة والله يكشف الغمة، والله يبارك لنا ولكم في هذا المجمع إثر ذلك الاجتماع الموسع، وإثر ذلك الموسم الأرفع، يستثمرون نتائجه وخيراتِه وبركاتِه فيما يتوجهون به إلى الله، وفيما يعملونه بعد تجديد العهد مع الله، فموطن عرفة والذي جاور وادي نعمان من طريق الطائف يخرج إلى عرفة، وهو الوادي الذي جمع الله فيه أرواحنا كلنا من ظهر آدم أخرجنا وجمعنا في الوادي وقال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) خاطبنا جل جلاله، ومن قديم سبق التعرف، هذا الذي غشاوة إعراضك وغفلتك تغطِّيه عليك، فإذا أقبلت وصدقت مع الله وانكشفت عنك الغشاوة أشرق نورُ التعرُّف من الله إليك، ومن أسبابه تعرُّفك إلى الله بامتثال أمره واجتناب نهيِه والعمل على ذكرِه جل جلاله، ولما رأت الملائكة هذا الذر والنسم كله قالت يا ربي هؤلاء لا تسعهم الأرض، أين يكونون؟ قال إنني جاعل موتاً، لا تجتمع ذرية آدم في وقت واحد، قالوا والموت من بينهم يخطفهم فكيف يهنأ لهم العيش؟ قال إني جاعل أملاً، أترك أملا في قلوبهم فهذا يعيش بعد هذا وهذا يعيش بعد هذا، ويروحون وينقرضون جملة بعد جملة، وقرن بعد قرن، وطائفة بعد طائفة، وأفراد بعد أفراد، وأعداد بعد أعداد، ومئات بعد مئات، إلى أن يأتي الأجل المسمى، قال سبحانه: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ * وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيع لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ)، (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَات يَوْم مَعْلُوم).

 نظر الله إلينا وإليكم نظرة لا يدع بها سبحانه وتعالى سرَّ استغفار حبيبه للحاج ومَن استغفر له الحاج لا يدع من ذلك ذرة إلا خصَّنا بنصيب منها وحظٍّ منها وسهمٍ منها، ولا يدع بها سبحانه وتعالى منَّة من بها على واقف أو عاكف أو معتمر أو حاج أو زائر إلا قسم لنا منها بنصيب وآتانا منها حظ، اللهم وسع لنا المغفرة باستغفار نبيك، واجعلنا في الداخلين في سرِّ استغفاره، وارزقنا الثباتَ على اقتفاء آثاره، واجعل اللهم مشرقةً في قلوبنا وعقولنا وجوارحنا سواطعُ أنواره، اللهم حقِّقنا بحقائق المتابعة وارفعنا إلى مراتب القرب الرافعة، وفرِّج كروب المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات واجعلنا من خيارهم، وارزقنا نصرة هذا النبي بالأقوال والأفعال والمقاصد والنيات والأرواح والأموال وبكل ما آتيتنا وبكل ما أعطيتنا يا مجيب الدعاء يا من لا يخيب الدعاء، اقبل الحجاج يا ربي وسلِّمهم وردَّهم إلى أوطانهم سالمين، وأعِد العوائد على أهل ديارهم وأهاليهم وبلدانهم وعلى الأمة في مشرق الأرض ومغربها، يا الله .. خيرَ من نرجوه وأعظم من ندعوه، ليس لنا غيرك إله ولا رب سواك، يا الله..  فارحمنا في الجمع رحمة تفتح لنا باب الحمد فندخل في دائرة محمد ونتصل بركب أحمد، ولك نشكر ونحمد، بفضلٍ منك لنا يمتد نسعد به مع من يسعد، ونرقى به في مراقي القرب الأمجد، يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد، كريمٌ إذا مد العبد يديه إليك لم تردهما صفرا، جودا وبرا وفضلا ورحمة ولطفا وحسن نظر، فلك الحمد يا عليُّ يا أكبر، وهل تمتد إليك اليد إلا بجودك، وهل تمتد إليك اليد بغير توفيقك، فيا مَن أكرمت هذه الأيدي بالامتداد إليك اجعلنا في المقبولين لديك، يا رب ..

 ركب الحمادين من أمة محمد يوم القيامة نرافقه أجمعين، يا رب ركب الحمَّادين من أمة محمد يوم القيامة نرافقه أجمعين، يا ربنا ركب الحمادين من أمة محمد يوم القيامة نرافقه أجمعين، وندخل فيه أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، وأول ركبٍ يدخلون الجنة الحمادون، يحمدون الله على كل شدة ورخاء، فيرحمهم ويفرِّج كروبَهم ويجزل عطائهم، يا ربنا لك الحمد فامنن علينا وأتمم النعمة علينا، لك الحمد بما حمدتَ به نفسَك، لك الحمد بما حمدك به نبيُّك محمد، لك الحمد كما أنت أهله، لك الحمد بما أنت أهلُه، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد، وأنت على كل شيء قدير، فانظر إلينا يا الله، وأكرمنا بالقرب من حضرتك يا الله، ومن حضر مجمعَنا ومن يسمعنا اجعلهم في دائرة عنايتك الخاصة ورعايتك العظمى الربانية لا يخرجون عنها نفسا ولا لمحة في الدنيا ولا عند الموت ولا في البرزخ ولا في الآخرة يا الله يا الله يا الله، مغفرةً تشمل جميع ذنوبنا وإن كثُرت وإن كبُرت وإن تعددت وإن تنوعت، ما أسررنا وما أعلنا، وما أظهرنا وما أبطنَّا، وما قدَّمنا وما أخَّرنا، ما كان من أقوالنا، وما كان من الذنوب من أفعالنا، وما كان من الذنوب من ظنوننا، وما كان من الذنوب من نياتنا، وما كان في الذنوب مِن عزائمنا، وما كان في الذنوب من حركاتنا، وما كان في الذنوب من سيئاتنا، وما كان في الذنوب في جوارحنا، وما كان في الذنوب في قلوبنا، اغفر الكل يا ربَّ الكل يا قادر على الكل يا واسع المغفرة يا غفور يا رحيم يا الله ، فلا تقابلنا ولا تصادفنا سيئة من سيئاتنا تنزع عنا نورَ إيمان أو تزعزع القلبَ عند الختام أو يسودُّ بها الوجه يوم القيامة أو نُفضح بها يوم الطامة أو يزل بها القدم عند المرور على الصراط، مغفرة شاملة، مغفرة كاملة، مغفرة عامة، مغفرة تامة، مغفرة محيطة بالذنوب كلِّها مِن حيث أحاط بها علمُك يا غفور يا غفور يا غفور يا غفار يا غفار يا غفار يا رحيم يا رحيم يا الله يا الله.

للاستماع إلى المحاضرة

لمشاهدة المحاضرة

 

تاريخ النشر الهجري

19 ذو الحِجّة 1436

تاريخ النشر الميلادي

02 أكتوبر 2015

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية