مكانة الصدق في الإيمان والقيامة لدى الحق سبحانه
خطبة الجمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في جامع الشيخ أبي بكر بن سالم بمنطقة عينات، بوادي حضرموت، 19 ذي القعدة 1441هـ بعنوان:
مكانة الصدق في الإيمان والقيامة لدى الحق سبحانه
نص الخطبة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ المطَّلعِ على الظواهرِ والخفايا وجامعِ الأوَّلين والآخرين مِن المكلَّفين مِن البرايا، وأشهد أن لَّا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له شهادةً بها النجاةُ يومَ اللقاء، والفوزُ بالدخولِ مع مَن اتَّقَى إلى دارِ الكرامةِ والبقاء.
وأشهدُ أنَّ سيَّدَنا ونبيَّنا وقرةَ أعيُننا ونورَ قلوبِنا محمداً عبدُه ورسوله، أصدقُ الخلق لهجةً وأقومُهم مِنهاجا، خَصَّه الله تبارك وتعالى فآتاه قرآنا ومعراجا.
اللهم صَلِّ وسَلِّم وبارِك وكَرِّم على عبدِك المختارِ سيدِنا محمدٍ خيرِ الخلقِ وإمامِ أهلِ الصدق، وعلى آلِه الأطهار وأصحابِه الأخيار، الصادقين لكَ في السِّرِّ والإجهار، وعلى مَن اتَّبعَهم بصدقٍ وإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعلى آبائه وإخوانِه مِن الأنبياءِ والمرسلين وآلِهم وصحبِهم، وعلى ملائكتِك المقرَّبين وجميع عبادِك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
أما بعد يا عبادَ الله: فإني أوصيكم وإيايَ بتقوى الله، تقوى الله التي لا يقبلُ غيرَها، ولا يرحمُ إلا أهلَها، ولا يثيبُ إلا عليها.
واعلموا أنَّ مَن اتقى اللهَ عاش قويّاً وسارَ في بلادِ الله آمنا
"ومَن ضيَّع التقوى وأهمل أمرها ** تغشَّتهُ في العُقبى فنونُ الندامةِ".
ألا أحضِروا قلوبَكم لتكونوا مِن الصادقين في حُضورِ الجمعة، فإنَّ الصدقَ وصفٌ عظيمٌ تقومُ التقوى عليه، فهو أساسُها وقِوامُها الذي به تتحقَّق. ولا تَقوى لغيرِ مَن صَدَق، ولا تقوى إلا بالصدقِ مع مَن خلق.
أيها المؤمنون: الصدقُ: أن تجتمعَ قُوى الظاهرِ والباطنِ على المقصودِ مِن غيرِ ما غِشٍّ ولا كذبٍ ولا خداعٍ ولا حيلةٍ، ولا شيءٍ مِن الكدوراتِ التي تصيبُ القلوبَ فيصيرُ منها الكذب، فليس يختصُّ بالأقوالِ والأخبار؛ بل الصدقُ في الأقوال، والصدقُ في الأعمال، والصدقُ في الأحوال، والصدقُ في الصلاة، والصدقُ في الصيام، والصدقُ في الصدَقة، والصدقُ في البيعِ والشراء، والصدقُ في أنواعِ المعاملة، والصدقُ في معاشرةِ الأهل، والصدقُ في الجوار، والصدقُ في أداء حقوقِ الأرحام، والصدقُ يأتي في كلِّ شيءٍ، وصاحبُه هو المقبولُ عند الله جَلَّ جلاله وتعالى في علاه.
أيها المؤمنون بالله: لقد حَدَّثنا صاحبُ الرسالة وأمرَنا أن نستمَسِكَ بحبلِ الصدقِ وهو أصدقُ الخلقِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ ظاهراً وباطناً؛ مقالاً وفِعَالَاً وأحوالاً ومقاصدَ ونياتٍ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه.
ولقد شهَرهُ اللهُ بين قومِه على ظهرِ هذه الأرضِ مِن أيامِ نشأتِه وقبلَ نزولِ الوحيِ عليه بـ: "الصادق الأمين". فسمَّوه "الصادقَ الأمين" وقالوا: "ما جرَّبنا عليكَ كذباً قط" .صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. فهو أصدقُ الخلقِ أجمَعين، أمرَنا بالاستِمساكِ بحَبلِ الصدق، وقال عليه الصلاة والسلام: (إنَّ الصدقَ يهدِي إلى البِر، وإنَّ البِرَّ يهدِي إلى الجنة، وإنَّ الرجلَ ليَصدُقَ حتى يُكتَبَ عندَ الله صِدِّيقَا. وإنَّ الكذبَ يهدِي إلى الفجور، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النار، ولا يزالُ الرجلُ يكذبُ حتى يُكتَبَ عند الله كَذَّابَا) رواه البخاري ومسلم. هكذا جاءنا في رواية الصحيحين حيث حَثُّ نبيِّنا لنا على الاستمساكِ بحبلِ الصدق.
فَيَا مُصَدِّقَاً بهذا النبي، ويا مؤمناً بهذا النبي، ويا مُتَّبِعَاً لهذا النبي: اجعلِ الصدقَ رَكيزتَك فيما تقولُ وتفعلُ وتنظرُ، وتأتي وتدَع، اجعل الصدقَ قرينَك في أقوالِك وأفعالِك؛ فإنَّك بذلك تتحقَّقُ بحقائقِ الإيمان.
إنَّ الصدقَ الذي منبعُه القلبُ مَحَلُّ نَظَرِ الرَّبِّ جَلَّ جلاله وتعالى في علاه شأنٌ بيَّنه لنا صلى الله عليه وسلم أنه يأتِي في مختلفِ أحوالِ الإنسان، وقال: (البيِّعان بالخيارِ – أي البائع والمشتري- بالخيارِ ما لم يتفرَّقَا، فإن صَدَقَا وبيَّنَا بُورِكَ لهما في بَيعِهِما وشرائهما، وإن كَتَمَا وكَذَّبَا مُحِقَت بركةُ بيعهما). يأتي الصدقُ في البيعِ والصدقُ في الشراء، يأتي الصدقُ في مختلفِ أحوالِ الإنسان. وفي هذا المجالِ يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلم: (التاجرُ الصَّدوقُ المسلم مع النبيِّين والشهداءِ يومَ القيامة). رواه الإمام الترمذي والإمام الدارمي.
وقال عليه الصلاة والسلام في اليَمينِ أنها (مَنفقَةٌ للسلعةِ مَمْحَقَةٌ للبركة). وهكذا شأنُ الكذبِ أن يَمحَقَ البركةَ مِن أيِّ شيءٍ دخل فيه، والعياذُ بالله تبارك وتعالى.
وبذلك جاءنا الصدقُ في التوبةِ عن سيدِنا كعبِ بن مالك -أحد الثلاثةِ الذين تَخَلَّفوا عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم-. فأمَّا مَن تخلَّفَ وقد أمرَهم النبيُّ بالخروجِ معه في وقتِ الحَرِّ، وقتَ بدأتِ المدينةُ تؤتي أشجارُها ثمارَها، وتحلو فيه الثمرة ويُؤخَذ فيه الخريفُ والرُّطَبُ من النخيل؛ أمرَهم أن يرحلوا في ذلك الحرِّ والصحراء الطويلة إلى بلدٍ بعيد؛ إلى تبوك. وخرجَ الكلُّ ولم يَتَخَلَّف إلا منافقون وثلاثةٌ مِن المؤمنين..
واللهِ ما أنجاهم إلا الصدق، ولا حازوا التوبةَ مِن اللهِ إلا بالصدق، ولا ارتفعَ ذِكرُهم إلى يومِنا وبعدَ يومِنا إلى يومِ القيامةِ إلا بالصدق، أجمَعوا على الصِّدقِ وأذهبُوا جميعَ ما يُخَالِجُ النفوسَ مِن المخاطباتِ والمكالماتِ والمحاولاتِ وإظهارِ الأمرِ على غيرِ وجهِه؛ عَزفُوا عن كلِّ ذلك. وجاء المنافقون يكذبون؛ هذا يُظهِرُ البكاءَ، ويقول خلَّفني العذرُ الفلاني وإلا ما تخلَّفتُ عنك يا رسولَ الله فيدعُهم وسرائرَهم إلى الله تبارك وتعالى.. والثاني والثالث، وكَذَبَ الكلُّ ولم يربحْ منهم أحدٌ، وخابوا وخسِروا.
وبقي الثلاثة، يقول سيدُنا كعب: فلما بلغَني أنَّ رسولَ الله قفلَ- أي رجع- مِن غزوةِ تبوك وأنه أشرفَ وأقبلَ على المدينة جمعتُ همِّي ماذا أعمل؟ ولم أزَل أشاورُ كلَّ ذي رأيٍ مِن قرابَتي وأهلي وما إلى ذلك، فلمَّا قيل إنه ذا أقبل أجمعتُ الصدق وقلتُ لا ينفعُني إلا الصدق، ولا يُنَجِّيني إلا الصدق، ولئن أرضيتُ رسولَ الله بكذبٍ فيوشكُ أن يُطلِعُ اللهُ رسولَه علَيَّ فيمقتني ويبغضُني ويَحِلُّ عليَّ غضبُ الله، فوالله ما هو إلا أن أصدقَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال: وكان إذا جاء قصدَ المسجدَ وجلس فيه للناس، قال فجئتُ إليه وهو في المسجدِ فأقبلتُ عليه فقال: ما خلَّفكَ عنِّي يا كعبُ؟ قلت: والله يا رسولَ الله ما لي مِن عذر، ما كنت أقوى ولا أخفَّ منِّي وقتَ خرجتَ، ولكن سوَّلت لي نفسِي، وتخَلَّفت بغيرِ عذر. قال وكان تبسَّمَ إليَّ تبَسُّمَ المُغضَب يقول لي ما خلَّفكَ عني. قال فقال لي: إنَّك صدقتَ فتأخَّر عني حتى يحكمَ اللهُ في أمرِك. قال: فقمتُ، فتَبعنِي رجالٌ مِن أصحابي قالوا: لِمَ لَمْ تعتذر لرسولِ الله؟ وما عَلِمنا لكَ زلَّةً قبلَ اليوم، وقد اعتذرَ الناسُ إليه فعذَرهم، فلم يزالوا يكلِّمونني، قلتُ: أقالَ مقالَتي هذه أحد؟ قالوا: مرارةُ بن الربيع وهلالُ بن أمية. قال فذكَروا رجلَين صالحَين شهِدَا بدراً، لي فيهما أسوة، قلتُ: وأنا على الصدقِ والله لا أرجعُ ولا أكذبُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
فأمرَ النبيُّ باعتِزالِهم. حتى في أيامٍ منع مكالمتَهم ومخاطبتَهم قال لبعضِ مَن كان يعرفُه مِن قرابتِه: أسألكَ باللهِ أتعلمُ أني أحبُّ اللهَ ورسولَه؟ هل تعلم أنَّ عندي محبةَ اللهِ ورسولِه؟ قال فسكَت، فرددتُ الثانية فسكت، فرددتُ الثالثة فقال: الله ورسولُه أعلم. فازدادَ حُزني وغمِّي. ثم أمرَ النبيُّ باعتزالِنا، واعتُزِلنا وبقيتُ في البيتِ وقلتُ لأهلي الحَقِي بأهلِكِ حتى يقضيَ اللهُ في أمرنا.
وخمسون ليلةً مرَّت عليهم، وصفُها في القرآن، وبعد ذلك جاءتِ التوبةُ، وأنزل اللهُ على رسولِه بعد قوله: {لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ..} -بصدقهم- {..مِن بَعْدِ مَا كَادَ تَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ *وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ}.
وفي مظاهر الصدق قال كعبُ بن مالك: بينما أنا أمشي بالسوق وإذا بنَبطِي جاء من الخارج -مُرسَلاً من عند دولةٍ كبرى كما يسمُّونها اليوم-، جاء برسالةٍ يقول لهم: أين كعبُ بن مالك؟ قال فأشاروا له إليَّ، قال فجاءني وناولَني ورقة، وإذا بها مِن أهل فارس يقول: بلغَني أنَّ صاحبَك قد قلاكَ ولستَ بأرضِ هَوانٍ فالحَق بنا نُواسِك. وعرضُوا عليه أن يتركَ هذا النبيَّ وهذا الدينَ وأن يفتَحوا له سلطاتِهم وأماكنَ نفوذِهم وأن يؤتوه مِن هذا المال. قال: فلما قرأتُ الورقةَ قلتُ: هذا والله مِن البَلاء. فلم يتردَّد ولم يقُل سأجدُ مقابلاً وسأجد مالاً كثيراً ومنصباً ووظيفةً عند دولةٍ مِن الدول المُنبسطةِ يدُها على أراضي كثيرةٍ في العالم في تلك الأيام، وأيقنَ أنَّ دولةَ رسولِ الله أكبرُ وأعظمُ وأجلُّ وأبقى وأدوم، قال: فتَيمَّمتُ بها التنُّورَ فَسَجَّرتُها به. جاب ورقتَهم ورسالتَهم إلى التنُّور ووضعَها في النار وأحرقَها؛ لا يُؤثِرُ شيئاً على اللهِ ورسوله.
قال: وجاءتِ التوبةُ وتسابقَ الناسُ إلينا يهنِّؤونَنا، ووصلنِي الصوتُ وأنا في سطحِ بيتي في ذلك اليوم في الهَمِّ والغَمِّ يقول: أبشِر فقد تاب اللهُ عليك. فخرجتُ مسارعاً فدخلتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال وكنتُ أتردَّدُ عليه قبل فكنتُ إذا نظرتُ إليه صرفَ وجهَه عني، فإذا التفتُّ عنه رأيتُه ينظرُ إلي، قال فلما جئتُه بعدَ التوبةِ أقبلَ عليَّ بوجهِه وتبسَّمَ في وجهي، وقال: أبشِر يا كعبُ بخيرِ يومٍ مَرَّ عليكَ مذ ولدتكَ أمُّك. قال قلتُ: يا رسولَ الله مِن عندِك أم مِن عندِ الله؟. قال: بل مِن عندِ الله. وتلا عليه الآية. قال: يا رسولَ الله إنَّ الصدق نجَّاني وإني أعاهدُك على الصدقِ في طولِ عمري، وإني أرَى مِن تَوبتي أن أنخَلِعَ مِن مالي. قال: أمسِك عليك بعضَ مالِك. قال فما رأيتُ أحداً بلاهُ اللهُ في الصِّدقِ ما بَلاني منذ قلتُ ذلك الكلام لرسولِ الله ذلك اليوم، فوالله ما قلتُ إلا صدقاً بعد ذلك وأرجو اللهَ أن يحفظَني فيما بقيَ مِن عمري. وقد حفظَه جَلَّ جلاله وتعالى في علاه، وأولئك هم الصادقون.
أيقظِ اللهمَّ قلوبَنا وارزقنا الصدقَ معك في صلواتِنا وقراءاتِنا وعباداتِنا، وأقوالِنا وأفعالِنا ومعاملاتِنا؛ حتى نحوزَ النجاةَ يومَ الأهوالِ الكبرى والشدائدِ العظمى {يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
واللهُ يقولُ وقولهُ الحقُّ المبين: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
وقال تبارك وتعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}
أعوذُ باللهِ مِن الشيطانِ الرَّجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ * مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *۞ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
باركَ اللهُ لي ولَكُم في القرآنِ العظيم، ونَفعَنا بما فيهِ مِن الآياتِ والذِّكرِ الحكيم، وثبَّتَنا على الصِّراطِ المستقيم، وأجارَنا مِن خِزْيِهِ وعذابهِ الأليم. أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم، ولوالدينا ولجميعِ المسلمينَ فاستَغفِروهُ إنَّه هو الغفورُ الرَّحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله الآمِرِ مَن آمَنَ به أن يكونَ مع الصادقين، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له القائل: {هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} وهو يومُ حُكمِه بينَ العبادِ فيما كانوا فيه يختلفون. وأشهدُ أن سيِّدَنا ونبيَّنا وقرةَ أعيُننا ونورَ قلوبنا محمداً عبدُه ورسولُه، ونبيُّه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه، الأصدقُ الأمينُ المأمون. اللهمَّ صَلِّ وسلِّم وبارك وكرِّم عليه وعلى آلِه وأصحابِه الذين يهدُونَ بالحقِّ وبه يعدلُون، وعلى مَن صَدَقَ في اتِّباعِهم، وأنبيائك ورُسلِك وآلِهم وأصحابِهم وأتباعِهم، وعلى ملائكتِكَ المقرَّبين وجميعِ عبادِك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
أما بعد، عبادَ الله: إني أوصيكم ونفسيَ بتقوى الله. فاتقوا اللهَ واعلموا أنَّ كُلَّ ما صَدَرَ من أحدٍ مِنَّا مِن كَذبٍ في قَولٍ أو فعلٍ مُسَطَّرٌ في الصحائف، وأنه ما بقيَ مِن عُمرِه إن كان ساعة فأكثر مِن ذلك فيمكنُه التَّدارُك. فإن تداركَ وإلا فالهلاك الهلاك، فإنَّ اللهَ يقول: {هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} فلنَصدُقْ مع الله في حضورِ الجمعة، ولتَحضُر قلوبُنا، ولنَتَّعِظ، ولنأخُذِ الأمرَ بِجِدٍّ وبصِدق، وبإقبالٍ على اللهِ المطَّلعِ على ما في الضمائر.
فإنَّ التحقُّقَ بالصدقِ إنما يكونُ لمَن باطنُه وسريرتُه مثلَ علانيَّتِه أو أحسنَ وأصفى، ومَن لم يكن كذلك فالظاهرُ يخبرُ عن كذبٍ وهو كاذب، لأنه يخبرُ عن شيءٍ والواقعُ شيءٌ آخر؛ الواقعُ ما في قلبِه وما في باطنِه. فإن استوى السرُّ والعلانية فهذه أولُ رتبةٍ في مراتبِ التحقُّقِ بالصدق، وهي مفتاحُ بابِ المعرفةِ بالله جل جلاله؛ أن تستويَ السريرةُ والعلانية. ثم إنَّ سرائرَ الأصفياءِ والأتقياءِ خيرٌ من علانيَّاتِهم؛ علانيَّاتُهم صالحة وسرائرُهم أصلح، علانياتُهم طيبة وسرائرُهم أطيب؛ هكذا شأنُهم.
فاتَّقِ اللهَ تعالى وتعلَّمِ الصدق، واعلم أنَّ الصدقَ يأتي معك في الأقوالِ والأفعالِ والأحوال، فاصدُق مع الكبيرِ المُتعال جل جلاله.
قال نبيُّنا صلى الله عليه وسلم: (وإني رأيتُ بَقَراً يُذبَح وإذا هو ما أصابَ أصحابي يوم أُحُد، وإني رأيتُ أنِّي هَزَزْتُ سَيْفَاً ثم ثُلِمَ فيه ثُلْمَة وإذا به ما أصابَنا يومَ أُحُد، ثم إنَّه عادَ كأحسنَ ما كان) قال صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث كما جاء في روايةِ الإمام مسلم ومثلُها في صحيح البخاري، قال: (.. وإذا الخيرُ ما آتانا اللهُ مِن ثوابِ الصدقِ بعدَ يومِ بدر ..)
ألا إنَّه خيرُ الصادقين في البريَّة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.
ألا وإنَّ أهلَ الصدقِ هم الذين يقصدُون وجهَ الرَّبِّ جَلَّ جلاله، لا تؤثِّرُ عليهم في تحركاتِهم وانطلاقاتِهم أوضاعٌ، ولا حكوماتٌ، ولا أحزابٌ، ولا سياساتٌ، ولا غير ذلك مما يجري في العالم؛ لاتِّصالهم بِرَبِّ العالَم وإلهِ العالم وخالقِ العالم وخَوفِهم منه جَلَّ جلاله وتعالى في علاه.
ولقد جاءنا في الحديث عن نبيِّنا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيما روى الإمامُ مالكٌ في الموطأ: (أيكون المؤمن بخيلا؟ قال: نعم، قد يكون في بعضِ المؤمنين بُخلٌ. قالوا له: أيكون المؤمنُ جباناً؟ قال: نعم. قالوا: أيكون المؤمن كذَّابا؟ قال: لا) قال نبينا: (لا)، نبينا حبيب الله صاحب الرسالة قال : (لا، لا يكون المؤمن كذَّاباً) هل سمعتَ قولَ صاحب الرسالة؟ (لا يكون المؤمن كذَّابا) وتلا قوله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}.
فاصدُق مع اللهِ فيما بقيَ مِن عُمرِك، إن كان ساعة وإن كان يوم وإن كان شهر وإن كان سنة وإن كان سنوات.. ولن تطولَ بك، وأنت ترى الصغيرَ يَقدُم قبلَك والكبير يُشَيَّعُ قبلك، والرجل والمرأة والكَهْلَ والشابَّ والطفلَ كلهم يخرجون مِن ذه الحياة، وأنت على يقينٍ أنك ستخرج وكأنك على شك! أنت على يقين وكأنك تشكُّ فيه!
ومَن أيقنَ أنه سيخرجُ انتبهَ لنفسِه كيف يخرج، وعلى أي حالٍ يخرجُ مِن هذه الدنيا، فإنَّ الكذبَ ورطات..
قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (دَعْ ما يَريبُك إلى مالا يَريبُك فإنَّ الصدقَ طمأنينة) وقال: (استفتِ قلبَك وإن أفتَوك وأفتَوك وأفتَوك)، فـ (الإثم حزَّاز القلوب) قلوب المؤمنين تشمئزُّ منه وتنفرُ عنه.
أيها المؤمنون: ولقد أمرنا اللهُ أن نكون مع هذا الفريق {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}. ومَن هم؟ عيَّن لنا أشخاصاً بأعيانِهم مِن جملةِ الصادقين الذين أُمِرنا أن نكونَ معهم، فقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}. وعيَّن لنا أوصافَ أهلِ هذا المنحى وأهلِ هذا الوصفِ فقال جَلَّ جلاله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.
{أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} معهم وحدَهم كُن. ولن يغنيَك أن تتصلَ بمَن لم يتحقَّق بالصدق -كائناً مَن كان أفراداً أو جماعات-؛ فاصدُق مع عالمِ الظواهر والخفيات تَحُزْ حقائقَ السعاداتِ في الدنيا والآخِرَات.
اللهم ارزقنا الصدقَ في أقوالِنا وأفعالِنا وعباداتِنا ونياتِنا ومقاصدِنا وجميعِ شؤوننا، ولا تُخزِنا يومَ القيامة {يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
وأكثِروا الصلاةَ والسلامَ على سيِّدِ الصادقين وإمامِهم، وناشرِ راياتِهم وأعلامِهم، عبدِ الله المُجتبى محمدِ المختار؛ فإنَّ ربَّ الأربابِ أمرَكم بأمرٍ بدأ فيه بنفسِه وثَنَّى بملائكتِه وأَيَّهَ بالمؤمنين مِن عباده تعميماً فقال مُخبِرَاً وآمِرَاً لهم تكريماً: {إِنَّ الله وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
اللهم صَلِّ وسلِّم على سيِّدِ أهلِ الصدقِ مِن خلقِك سيدِنا محمدٍ، وعلى الخليفةِ مِن بعدِه وصاحبِه وأنيسهِ في الغار، مَن أشرقت عليهِ به الأنوار، مُؤازرِ رسولِكَ في حالَيِ السِّعَةِ والضِّيق؛ خليفة رسولِ اللهِ سيِّدِنا أبي بكرٍ الصِّديق.
وعلى مَن نشرَ العدلَ في الآفاق، وتَخلَّقَ بأحسنِ الأخلاق، أميرِ المؤمنين حليفِ المحراب؛ المُنِيبِ الأوَّاب سيِّدنا عمر بن الخطاب.
وعلى مُنفِقِ الأموالِ ابتغاءَ وجهِ ذي الجلال، والمُقبِلِ عليه بأصدقِ الإقبال، كثيرِ الحياءِ مِن الله وعبادِه؛ سيِّدِنا أمير المؤمنين ذي النُّورَينِ مُحيي الليالي بتلاوةِ القرآن عثمانَ بن عفان.
وعلى أخي النبيِّ المصطفى وابنِ عمِّه، ووليِّهِ وبابِ مدينةِ علمِه، لَيْثِ بني غالب، إمامِ أهلِ المشارقِ والمغارب؛ أميرِ المؤمنين سيدِنا عليِّ بنِ أبي طالب.
وعلى الحسَنِ والحُسينِ سيِّدَيْ شبابِ أهلِ الجنةِ في الجنةِ، ورَيحَانَتي نبيِّك بِنصِّ السُّنَّة، وعلى أمِّهما الحوراء فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى خديجةَ الكبرى وعائشةَ الرضى، وعلى الحمزةَ والعَبَّاس وسائرِ أهل بيتِ نبيِّك الذين طهَّرتَهم من الدَّنَسِ والأرجاس، وعلى أهلِ بدرٍ وأهل أحدٍ وأهل بيعةِ الرضوان وعلى سائرِ الصَّحب الأكرمين وأهلِ البيت الطاهرين وعلى جميعِ عبادِك الصالحين ومَن تبعَ أولئك بإحسانٍ، وعلينا مَعهم وفيهم يا كريمُ يا رحمن.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ وانصُرِ المسلمين، اللهم أذلَّ الشركَ والمشركين، اللهمَّ أعلِ كلمةَ المؤمنين، اللهم دَمِّر أعداءَ الدين.
يا مَن كلمتُه هي العليا ارزقنا اللهمَّ البذلَ والعطاءَ لتكون كلمتُك هي العُليا، وارزقنا اللهمَّ بذلَ الوِسعِ في النُّصرةِ لكَ ولرسولِك لتكونَ كلمتُك هي العليا، مُخَلَّصين مِن إرادةِ سواكَ ظاهراً وباطناً يا أكرمَ الأكرمين ويا أرحم الراحمينَ يا حيُّ يا قيُّوم يا مَلِكَ الأملاك.
اصرِفنا مِن الجمعةِ ونورُ الصدقِ في قلوبِنا يَشِع، وكلٌّ مِنَّا لأصدقِ الخَلْقِ مُتَّبِع؛ حتى نُحشَرَ في زمرتِه ونجتمعَ، برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنه سَبَقَ في المسجدِ والبلدةِ مِن أهل الصدقِ أكابرُ فارزقنا حُسنَ اقتفاءِ تلك الآثار والاتباع في الباطنِ والظاهر، وحَقِّقنا بما تحبُّه مِن الصفات التي بها الفوزُ في اليوم الآخِر، يا حيُّ يا قيُّوم يا أوَّلُ يا آخِرُ يا باطنُ يا ظاهر.
اللهم اغفر لنا ووالدِينا ومشائخِنا وذوي الحقوقِ علينا، واغفِر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، والمتقدِّمين في هذا المسجدِ وهذه البلاد، وارفع اللهمَّ لهم المراتبَ مع أهلِ الوداد، واجمَعنا بهم في زمرةِ أكرمِ هاد، واجمَعنا بهم في دارِ الكرامة والخُلْدِ مع عبادِك المتَّقين الأمجاد، يا برُّ يا كريمُ يا مَن يُعطي بغيرِ حساب وليس لعطائه مِن نفاد.
اللهم املأ قلوبَنا بالإيمانِ واليقينِ والصدق، وارزقنا اللهمَّ الاتباع في كُلِّ شأنٍ لخيرِ الخلق، ووَسِّع اللهم لنا الفهمَ والعلمَ والرزق، وأعِذنا مِن كُلِّ سوءٍ في كُلِّ خُلُقٍ برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
وفَرِّج كروبَ الأمةِ أجمعين، وبارِك لنا في بقيةِ ذي القعدة الشهرِ الحرام مِن أشهرِ الحج، واجعل شهرَ ذي الحجَّةِ من أبركِ الشهورِ علينا وعلى الأمة، وارزقنا اللهمَّ فيه الصدقَ لاغتنامِ الليالي والأيام واتِّباع خيرِ الأنامِ يا ذا الجلال والإكرام.
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}
{ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}
نسألكَ لنا وللأمَّة مِن خيرِ ما سألكَ منه عبدُك ونبيُّك سيدُنا محمد، ونَعوذُ بك مما استعاذكَ منه عبدُك ونبيُّك سيدُنا محمد، وأنت المستعان، وعليك البلاغ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ العليِّ العظيم.
عبادَ اللهِ: إنَّ الله أمرَ بثلاثٍ ونهى عن ثلاث:
{إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
فاذكروا اللهَ العظيمَ يذْكُركُم، واشكروهُ على نِعَمهِ يَزِدكُم، ولَذِكْرُ اللهِ أكبر.
20 ذو القِعدة 1441